استعادة الوحدة الفلسطينية واستمرار الانقسام الفلسطيني هو الهدف الاجرائي الاول للعمل على الساحة الداخلية في المرحلة الحالية الي جانب الهدف الاستراتيجي لتحقيق الاستقلال السياسي وانهاء الاحتلال الغاشم للأرض المحتلة ولعلى استمرار الانقسام يعني الكثير للقيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني بأسرة يعني ان المشروع الوطني مهدد ويعني ان اعاقة اي اجراءات سياسية ودبلوماسية باتجاه تحقيق الاستقلال السياسي ويعني ان المعاناة الفلسطينية في كل الارض الفلسطينية سوف تستمر وسوف يتمادى الاحتلال ويتمادى التفرد الاسرائيلي بالفلسطينيين سواء هنا في غزة او هناك بالضفة القدس وهذا يشير الى ان اسرائيل و واشنطن حليفتها تؤسسان لحل على اساس بقاء الانقسام عقود قادمة بل وتؤسسان لان اي حل سياسي للصراع يجب يبني على اساس الانفصال الجغرافي والسياسي بين الفلسطينيين وهذا بالطبع في صالح إسرائيل ويحقق لها ما لم تحققه كل حروبها على الفلسطينيين التي راح ضحيتها الالاف بل عشرات الالاف من الشهداء والجرحى لعل توجه القيادة الفلسطينية الى انقرة لتوسيطها لدي حماس لإنهاء حالة الانقسام والانهيار الخطير في مسيرة النضال الفلسطيني على الارض يفسر حالة القلق الخطير لحالة استمرار الانقسام لأكثر من عشر سنوات .
وساطة تركيا اعتبرها محاولة اخيرة من القيادة الفلسطينية باتجاه طلب الشراكة السياسية الكاملة للعمل مع حركة حماس بل وكل اطر العمل الاسلامي على الساحة الفلسطينية واعتبرها ادراك حقيقي للمسؤولية الوطنية اتجاه توحيد التمثيل السياسي الفلسطيني من ناحية وتوحيد الادارة السياسية للمؤسسات الوطنية في كل من الضفة الغربية والقطاع لا بل وخلق ارادة وطنية تعمل عبر استراتيجية نضالية واحدة باتجاه تحقيق حلم الفلسطينيين في دولة مستقلة وعاصمتها القدس العربية هذا يعني ان القيادة بالفعل على خلاف ما يصورها الاخرون الذين ينتظروا سقوطها قريبا ليتولوا هم دفة الحكم وتقديم ما لم تقدمة من مواقف عنوانها الانفراجات ومضمونها التنازلات ولعل السؤال الذي يجول بخاطر الكثيرين هو لماذا توجه الرئيس ابو مازن الى انقرة وهل هي محاولة اخيرة قبل استكمال الاجراءات العقابية ضد حركة حماس في القطاع لإجبارها على العودة للحضن الوطني واستثمار كل طاقاتها القيادية والوطنية من اجل مستقبل الشعب الفلسطينيين واستقالة .
الواضح ان الرئيس ابو مان غير من توجهاته العقابية الى حد ما اتجاه غزة لإجبار حماس للانصياع للسياق الوطني الفلسطيني في الشراكات السياسية هذا ما يفسر تأجيل تنفيذ خطة التقاعد المبكر للموظفين العموميين وعدم التسرع في عقد المجلس الوطني الفلسطيني لإعادة تحديث منظمة التحرير بمن حضر دون تأجيل ودون انتظار موافقة حماس والجهاد الاسلامي على ابداء مواقف مؤكدة للانضواء تحت اطار وراية منظمة التحرير الفلسطينية وتأجيل انعقاد المجلس الوطني لإعطاء فرصة لمزيد من المشاورات ومزيد من الوساطات لإقناع حماس برغبة القيادة الفلسطينية في مشاركتها العمل الوطني والسياسي مع بقاء برنامجها السياسي كحركة فلسطينية دون تغير ولا يتطلب منها الاعتراف بإسرائيل بل الاعتراف ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية فقط ولعل القيادة الفلسطينية تدرك مدي الدور الكبير والمؤثر لتركيا في المنطقة ومدي قوة العلاقة بينها وبين حركة حماس من جانب والقيادة الفلسطينية من جانب اخر بما يوفر امكانية لتلين المواقف و وضع خطة لتطبيق ما تم الاتفاق علية في القاهرة والدوحة دون التخلي عن دور القاهرة في الاشراف على تنفيذ كل تلك التفاهمات والاتفاقات وبالتالي السماح لحكومة الوفاق الوطني بالعمل بحرية في غزة بعد قيام حماس بحل اللجنة الادارية والاعتراف بدور الحكومة الهام والكامل بل ومشاركة حماس في تسهيل مهام الحكومة التي ستعمل خلال فترة زمنية محددة للترتيب لانتخابات فلسطينية عامة باتت مطلب شعبي كبير ومخرج امن لحالة الصراع على الحكم .
سوف لا يكون ملف المصالحة الفلسطينية الفلسطينية واستعادة الوحدة الوطنية والبدء بشراكة سياسية هو الملف الوحيد التي سيتم نقاشة في القمة التركية الفلسطينية بل ان تعثر العملية السياسية والتفرد الامريكي بملف الصراع وغياب الادوار الأخرى عن المشهد الراعي للحل الصراع والانتهاكات الاسرائيلية المستمرة للقدس والمقدسات وبالإضافة الى العديد من القضايا الهاما والخاصة بالعلاقة بين البلدين وبالتالي البرامج الاقتصادية والشراكة من اجل التنمية في فلسطين لكن بشكل او باخر فان توسيط تركيا جاءت كمبادرة فلسطين من الرئيس ابو مازن لتكون فرصة اخيرة لإقناع حركة حماس بالاستجابة لمبادرة الرئيس ابو مازن التي اطلقها ابان ازمة الشهر الماضي والتي جاءت تحت عنوان نداء القدس والأقصى واعتقد ان تركيا لها وزنها لدي كل الاطراف لذلك فأنها يمكن ان تفلح في اقناع حماس بالاستجابة لنداء الرئيس ابو مازن الاخير وتفلح في وضع الطرفين على بداية طريق انهاء الانقسام وتوفير ما يلزم اقتصاديا بهدف مساعدة الطرفين لحل ازمات غزة بعيدا عن ثمن سياسي يمكن ان يدفعه اي طرف .
بقلم/ د.هاني العقاد