اخذ مصطلح كاريزما تعريفا سياسيا واجتماعيا في علم الاجتماع والعلاقات الاجتماعية وقيادة الشعوب , وهو ما يتمتع به افراد من المجتمع بصفات تخرج عن المألوف قد نحسبها " بالسهل الممتنع" او قدرات بسمات الشخصية وتعبيراتها وخطوط انتاجها سلوكا وممارسة .
اعتمد النظام السياسي الفلسطيني في نخبه من الكاريزمات وان اختلفت ايديولوجياتها الفكرية بدءاً من ابو عمار وابو جهاد وابو اياد الى الشيخ الموسوعة احمد ياسين وأحمد الشقيرى وجورج حبش والدكتور الشقاقي والرنتيسي واسماعيل هنية , وكثير من الكاريزمات المختلفة والتي اقنعت من حولها بتميزها في ادارة ملفات القضية الفلسطينية .
لا يمكن ان تخلو المجتمعات من كاريزمات تقودها والا كان للفوضى الحيز والمتسع الأكبر لانهيار تلك المجتمعات وخاصة في دول العالم الثالث , وفي غياب فهم صحيح وحقيقي لمفهوم الديموقراطية سواء في الحزب او الحركة او الدولة .
لقد قسم العالم فايبر السلطة العليا او الانظمة السياسية الى ثلاث:-
1- السلطة القانونية العقلانية الدستورية والتي يحكمها الدستور وغالبا تتجسد هذه السلطات بعد الثورة الصناعية في اوروبا وترتبط ارتباطا وثيقا بوعي ونضوج بمفهوم الديموقراطية سواء داخل الحزب او المؤسسة او الصراع على السلطة
2- السلطة الكلاسيكية وهي تستمد سلطاتها من العادات والتقاليد والاعراف المستقرة وتحكم ذلك قبائل كبرى تعطي نوع من الاستقرار للنظام السياسي والسلطة ، اعتقد ان هذا النوذج من السلطة كان معمول به ومازال في بعض الدول العربية .
3- السلطة الكاريزماتية وهي سلطة ترتكز على افراد يؤمن الجميع بقدراتهم ويستمدوا شرعياتهم من ايمان مطلق للجماهير بتلك القدرات والتي تتجلى في طرق تلك الكاريزمات ازمات تواجهها الشعوب كالاحتلال والازمات الاقتصادية والاجتماعية وهي تعبر عن حالة وطنية بأفقها الثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي وهي ترسم بالمجمل الامن القومي للشعوب متنحية عن الايديولوجيات المعوقة والمبتذلة.
من هذه المقدمة قد اضع انطباعاتي الثقافية والسلوكية والوطنية عن شخصيتين مثيرتين للجدل كتب عنهما رواد الكتابة ، وكنت في مقالاتي قد افضت في عدد كبير من المقالات مركزا على شخصية محمد دحلان ثقافيا وسياسيا ووطنيا وعندما كانت الاقلام تسن رماحها عليه منذ اكثر من خمس سنوات ، اما الشخصية البارزة في حماس والتي لمع اسمها وتأثيرها بعد تحرره من معتقلات الاحتلال " السنوار " فقد كتبت عنه الاقلام ايضا محذرة تارة وتارة اخرى تستبشر به خيرا ، فقد التقيت به مع ثلة قليلة من الكتاب ووضعت مقاييسي العقلية الوطنية لشخصية هذا الرجل ، وبدأت اجمع واستجمع القواسم المشتركة بين الرجلين "دحلان ، السنوار" ساعات قليلة هي مع السنوار كما كنت مع محمد دحلان اعطتني انطباعا وكانني اعرف هذا الرجل منذ زمن ، ربما الحاسة الوطنية التي جمعتنا وهي حاسة لا يشعر بها اي احد ، فاقتربت منه كثيرا ، كما كان لي اخر لقاء لدقائق مع محمد دحلان فلا حواجز ولا حدود ولا بروتوكلات امام الاحساس الوطني " وهي عمق وطبيعة "الكاريزما" لهذين الرجلين .
كنت استمع للسنوار وكأنني اقراء طموح دحلان الوطني ايضا ن فالوطنية هي الغالبة بعيدا عن المقيدات الايديولوجية والحزبية وثقافتها التي اشعلت الانقسام وادامته وادامت ثقافته .
دحلان في خطابه السياسي والوطني هو الوحدوي الذي يسعى للوحدة الوطنية متجاوزا كل آلام الماضي حتى من حزبه وحركته التي اقصي منها لصراع .الكاريزيميات ونهجها واختلافه كما هو الحال السنوار الذي يدعو للوحدة الوطنية والرجوع بعلاقات حماس للانظمة الوطنية واخرها سوريا واولها تفاهمات القاهرة ، والابتعاد عن الايديولوجيات المعوقة للوحدة الوطنية ، وخاصة بانه ليس للفلسطينيين نظام سياسي مستقر فالارض والشعب تحت الاحتلال .
ما يربط دحلان والسنوار والمشهراوى والعكس صحيح هو الزمان والمكان والاسر واللجوء والمحنة وهي كفيلة بتوحد الكاريزميات عن سابقتها التي افرزت الانقسام وتسويق الثقافة الحزبية لكل الاطراف ، ولذلك توحد تلك الكاريزميات سيغير وجه الثقافة السابقة التي بنيت على استشعارات امنية حزبية للانتقال الى استشعارات امنية وطنية تغلق ملف الانقسام وتفتح مجالا لنهوض البرنامج الوطني المبني على القواسم المشتركة .
كثير من الابجديات العلمية والوطنية تضعنا في مربع وطني جديد بدلا من تعددية المربعات الكاريزمية ، بالتأكيد، امام الجميع معضلات اقليمية ومعضلات وازمات داخلية ، فهناك من هم متمترسون في مربعات الماضي ، اذن نحن في مرحلة صراع الثقافات قبل ان تكون صراعات في البرامج ، والاحباطات والمستفيدون من الماضي ، ولكن استطيع القول ان كاريزما دحلان السنوار المشهراوى وبما تمتلك من قناعات واقناعات ستتجاوز المطبات والحفر والخنادق فجلهما يعبرون عن حالة وطنية واحدة .
سميح خلف