عندما انتصر حزب الله عام 2006 على الكيان الإسرائيلي وألوية جيشه المعتدية على لبنان ، خرج من يصرخ عاليا لمن يهدي حزب الله نصره هذا ، وفي المقابل هناك من خرج ليقول عن أي نصر يتحدث حزب الله ، ولبنان قد عمه الدمار والخراب . هؤلاء جميعا كانوا ولا زالوا من أصدقاء الإدارة الأمريكية حتى لا نقول غير ذلك ، وهم الذين تحلقوا حول وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس ، أثناء زيارتها لبنان خلال العدوان الإسرائيلي عليه . وعلى الرغم من إقرار لجنة فينو غراد للتحقيق في النتائج الكارثية التي مني بها الجيش الإسرائيلي ، والتي اعترفت في تقريرها بشكل واضح أن إسرائيل وجيشها وجبروت صنوف أسلحته البرية والجوية والبحرية قد تلقت هزيمة نكراء على يد حزب الله ، هؤلاء لم يعترفوا بانتصار حزب الله ، وعملوا ولا زالوا على تبهيته .
اليوم ذات المشهد يتكرر مع الانتصار الذي حققه حزب الله في معركة جرود عرسال ورأس بعلبك ، مع شريكيه الجيشان العربيان السوري واللبناني البطلين . فمع كنس قوى الظلام والإرهاب النصرة وداعش من تلك المناطق ، بدأت أصوات من هؤلاء التشكيك بهذا المنجز الإستراتيجي الهام في إلحاق الهزيمة بتلك المجموعات ومن يقف ورائهم من مشغلين وممولين ومحرضين والداعين لهم خفاء وعلنية بالانتصار على حزب الله ومن ثم على الجيشين السوري واللبناني . ولم يعطي البعض من هؤلاء أنفسهم فرصة التأمل وقراءة المشهد الإسرائيلي المصاب بالفزع والهلع نتيجة التطورات وتسارعها في الساحة السورية ، وما تحقق على الحدود الشرقية للبنان ، التي أصبحت بالكامل نظيفة من أية مجموعات إرهابية . وهذا ما دفع نتنياهو إلى شد الرحيل إلى الإدارة الأمريكية التي نصحته التأقلم مع تلك التطورات ، مشيرة عليه الذهاب إلى الرئيس الروسي بوتين ليعرض مخاوفه من تلك التطورات ، وبالتالي الحضور المتنامي لإيران وحزب الله في سورية . ليجد نتنياهو ومدير موساده أن الرد الروسي كان صادما لجهة الوضوح في المواقف إزاء العنتريات والتهديدات الجوفاء التي أطلقها نتنياهو بشن عملية عسكرية ضد سورية واستهداف الوجود الإيراني ومصالحه هناك .
كل تلك المؤشرات والدلائل والتطورات ، وبالتالي التغيير الحاصل في سقوف الخطاب السياسي لما تسمي نفسها ب المعارضة ، وتحديدا تلك العاملة تحت العباءة الخليجية ، وبالتالي تصريحات السفير روبرت فورد قائد ثورتهم المزعومة لصحيفة ذا ناشيونال ، لن تقنع البعض من هؤلاء المشككين والمتهمين لحزب الله ، والواضح لو أن هذا الحزب العظيم بسيده وقيادته ومجاهديه حرروا فلسطين فسيخرجون مجددا للتشكيك في تحريركم لفلسطين . فمن ارتضى لنفسه أن يتنعم من مبلغ أل 500 مليون دولار الذي رصدته الإدارة الأمريكية بهدف شيطنة حزب الله وتشويهه ، لن يتوانى عن فعل أي شيء بهدف إبقاء حضوره ولو تحت مظلة وعباءة المشغل وولي نعمتهم .
إنه الانتصار الإلهي الثاني ونص كما قال الرئيس بري في خطابه في مهرجان السيد موسى الصدر . هذا الانتصار الذي جاء على صورة لبنان العربي المقاوم ، وعلى صورة سورية قلعة العروبة والصمود والمقاومة مبروك انتصاركم ، ومباركة تلك الدماء التي سقطت في سبيل عزة وكرامة أمتنا ، والذود عن ترابها التي كانت وستبقى أرضا طهورا من دنس هؤلاء الظلاميين الإرهابيين الوجه الآخر للإرهاب الصهيوني على أرض فلسطين .
رامز مصطفى
كاتب وباحث سياسي