بمناسبة مرور 50 عاما على بدء الاستيطان الصهيوني في شمالي الضفة الغربية المحتلة، يتحدى رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو مرة جديدة، الشرائع السماوية والقوانين الوضعية بقوله لن أسمح باقتلاع أي مستوطنة من أرض إسرائيل الممتدة إلى يهودا والسامرة أي في الضفة الغربية.
نتنياهو أعرب عن فخره، بما وصفه دفع تطوير وزخم عمليات بناء المستوطنات في الضفة، مؤكدا أن حكومته أكثر حكومة عملت من أجل الاستيطان في تاريخ إسرائيل.
وقال نتنياهو إزالة المستوطنات، لا تساعد على السلام، خرجنا من غزة وتعرضنا لإطلاق الصواريخ، ولن نسمح بأن يكون هناك المزيد منها، نحن نعتني بهذه الأرض وسنواصل حراستنا لها كملك إستراتيجي لنا.
تأتي هذه التصريحات العدوانية في وقت يزور فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأراضي المحتلة وبعد زيارة وفد أميركي ترأسه مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنير، الأسبوع الماضي، لفلسطين المحتلة بهدف تحريك عملية السلام، في إطار جولة شرق أوسطية، شملت أيضا السعودية وقطر ومصر.
وفي وقت سابق قال نتنياهو نحن هنا لكي نبقى إلى الأبد، ولن يتم اقتلاع مستوطنات في أرض إسرائيل.
وتعتبر المستوطنات الصهيونية غير قانونية من وجهة نظر المجتمع الدولي، وعائقا رئيسيا أمام جهود ما يسمى السلام، وتبنى مجلس الأمن الدولي عدة مرات مشاريع قرارات بوقف الاستيطان وإدانته، مؤكدا أن المستوطنات غير شرعية، وتهدد حل الدولتين وعملية السلام.
كما أكد مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة مايكل لينك، أن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي المستمر يشكل تهديدا خطيرا بحق الفلسطينيين في تقرير المصير.
وقال لينك، في تصريح له إن المستوطنات التي تقسم الضفة الغربية وتنشئ الحواجز والعقبات أمام حركة الفلسطينيين في أراضيهم تشكل أيضا عقبة أمام حق الفلسطينيين في العمل والحصول على الرعاية الصحية والتعليم والحياة الأسرية، ودعا مجلس الأمن والجمعية العامة إلى استكشاف الإجراءات الدبلوماسية والسياسية الفعالة لضمان امتثال إسرائيل لقرار مجلس الأمن 2334، والذي يؤكد على أن جميع المستوطنات الإسرائيلية التي تبنى على الأرض الفلسطينية المحتلة تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي.
وأشار إلى أن إسرائيل إذا أدركت أن المجتمع الدولي لن يتخذ أية إجراءات جادة لتطبيق القرار، فستواصل تكثيف بناء المشروع الاستيطاني دون رادع، وإذا كان المجتمع الدولي لا يزال حريصا على ما تبقى من تطبيق حل الدولتين، فإن القرارات والمؤتمرات الدولية وحدها لم تعد كافية لتغيير الممارسات الإسرائيلية في هذه الظروف.
ويزيد عدد المستوطنين عن 600 ألف بينهم 400 ألف في الضفة الغربية ويعد وجودهم مصدر احتكاك وتوتر مستمر مع 26 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وفي الجزء الشرقي من مدينة القدس المحتلة.
ويؤدي البناء الاستيطاني وتوسيع المستوطنات القائمة إلى قضم مساحات جديدة من الأراضي الفلسطينية المحتلة ويمعن في تقطيع أوصالها ويهدد فرص إقامة دولة قابلة للاستمرار عليها.
ومنذ تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حصلت حكومة الاحتلال الصهيوني، الضوء الأخضر لبناء أكثر من 6 آلاف وحدة استيطانية في مدينة القدس والضفة الغربية المحتلتين، فيما كشفت منظمة صهيونية غير حكومية، أخيرا، النقاب عن أن الحكومات الصهيونية المتعاقبة أنفقت 20 مليار دولار على بناء وتوسيع مستوطنات الضفة الغربية والقدس المحتلتين منذ عام 1967.
جاء ذلك في تقرير لمنظمة مركز ماكرو للاقتصاديات السياسية حول الاستيطان، وأوردته القناة الثانية في التلفزيون الصهيوني، بمناسبة مرور خمسين عاما على احتلال العدو الصهيوني للضفة الغربية.
وقالت المنظمة لا يتوفر أي رقم رسمي شامل حول المبالغ التي أنفقت على الاستيطان منذ 1967، فيما تحدثت وزارة المالية، التي تنشر سنويا جزءا من المبالغ المستثمرة، عن إنفاق 35 مليار دولار بين عامي 2003 و2015 في الضفة الغربية وحدها.
إلا أن المدير العام للمنظمة روبي ناتانسون، قدر في التقرير ذاته، أن إسرائيل استثمرت 20 مليار دولار على الاستيطان خلال الخمسين عاما الماضية.
وأوضحت المنظمة أن مبلغ الـ35 مليار دولار لا يشمل الكلفة الهائلة للبنى التحتية، مثل الطرق الالتفافية المخصصة للمستوطنين الصهاينة أو التدابير الأمنية المحاطة بالمستوطنات.
كما أنه لا يشمل كذلك الاستيطان في الجزء الشرقي من مدينة القدس المحتلة منذ العام 1967، والمبالغ التي أنفقت لتفكيك المستوطنات في قطاع غزة، وإجلاء ثمانية آلاف مستوطن وجندي منه في 2005.
وتوقفت المفاوضات الفلسطينية الصهيونية، نهاية نيسان 2014، دون تحقيق أية نتائج تذكر، بعد 9 شهور من المباحثات برعاية أميركية وأوروبية بسبب رفض العدو الصهيوني وقف الاستيطان، وقبول حدود 1967 كأساس للمفاوضات، والإفراج عن أسرى فلسطينيين قدماء في سجونه.
واليوم يعاود نتنياهو التأكيد أن الاستيطان لن يتوقف مهما كانت الظروف والضغوط، في وقت لا تزال السلطة الفلسطينية تراهن على تحقيق أي شكل من أشكال التسوية مع الاحتلال الصهيوني الذي كان وسيبقى نقيض السلام.
بقلم/ نعيم إبراهيم