الحديث عن ازمة الكهرباء بغزة والتي بدأت منذ العام 2006 حيث كان اول قصف لطائرات الاحتلال لمحطة الكهرباء وذلك في الثامن والعشرون من حزيران حيث أقدمت طائرات الاحتلال على قصف المحطة انتقاما لأسر الجندي شاليط بذلك الوقت.
ليس قطع التيار الكهربائي عن غزة وحرمان اثنين مليون انسان من العيش بأدنى حقوق الانسانة هو الهدف الأساسي لسياسة الاحتلال فالأهداف كانت ولا تزال ابعد من ذلك بكثير، فإن الحديث اليوم يدور عن تاريخ بعيد لا يهم أحدا من ساسة العالم ومؤسسات حقوق الانسان وما الى ذلك من منابر عربية ودولية ومع هذا، فإن قرابة اثنين مليون مواطن من سكان قطاع غزة يعيشون بدون تيار كهربائي على امتداد ساعات طويلة ليلا ونهارا كل يوم، وهم يتحملون على كاهلهم الآثار والتبعات الوخيمة لهذه المقصلة التي تسمى ازمة الكهرباء
إن هذه المقصلة محسوسة جيدا في كافة مناحي الحياة، فأزمة الكهرباء أدت للمس المباشر والدائم بمستوى الخدمات الطبية المقدمة في المستشفيات والعيادات، كما أن معظم سكان اقطاع غزة يحصلون اليوم على المياه لمدة ساعتين ثلاث ساعات يوميا في حالة عدم حدوث اعطال وفي حال استقرار جدول شركة توزيع الكهرباء، بينما شارفت شبكة المجاري على الانهيار التام إضافة إلى ذلك، يعاني الكثيرون من تقييدات في الحركة والتنقل في أعقاب الشلل الذي لحق بالمصاعد للأبراج السكنية، علاوة على أن عدم القدرة على تخزين المواد الغذائية في البرادات يعرض الكثيرين لخطر التسمم كما لحق الضرر البالغ بالمحلات التجارية الصغيرة التي تعتمد أساسا على التيار الكهربائي إن الضائقة المعيشية المترتبة على عدم انتظام التيار الكهربائي آخذة في التفاقم على خلفية الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها قطاع غزة والتي تسببت إجراءات الرئيس عباس في تفاقمها الى حد الاختناق
مقصلة الكهرباء التي تقطع رأس كل شيء حي بغزة سواء مشاريع جديدة او استمرار ما كان قائم، مقصلة تجز كل حلم بحياة طبيعية لأهل غزة على مدار ما يزيد عن إحدى عشر عاما متواصلة دون ظهور آفاق تدلل على نهاية لهذه المقصلة فكل نفق نجد بنهايته بصيص ضوء إلا مقصلة كهرباء غزة فكلما شعر المواطن بقرب حدوث انفر اجة ما يتحدث عنها الساسة وتعطي اهل غزة بريق من الامل سرعان ما ينطفئ ويزداد النفق طولا وعمقا وظلاما
عقاب وحصار من الاحتلال يزيده ألما بالأجراء العقابي من قبل الرئيس عباس بما يتعلق بالكهرباء تحديدا، خطوط كهرباء مصرية لا تكفي لسد ثغرة من الازمة القائمة والتي اعطالها تفوق بكثير أيام عملها بشكل منتظم
مع ان قطاع غزة ذاك المكان الضيق المحدود المساحة يمكن للدول العربية انهاء ازماته واسدال ستار النهاية عن مقصلة الكهرباء سواء من تكلفة مالية او مكان أمن لمحطة توليد كهرباء جديدة خارج حدود غزة كي يكون هناك ضمان لمنع الاحتلال من قصفها في أي حراك عسكري قادم على غزة إلا ان المتابع واهل غزة تحديدا يدركون ان ازمة الكهرباء تمارس ضدهم ليس من قبل الاحتلال فحسب بل حتى فلسطينيا وتجلى ذلك بمطالبة عباس للاحتلال بتقليص الكهرباء التي يتم تزويدها للقطاع وعدم الموافقة على أي مشاريع من شأنها ان تعالج هذه الازمة حتى لو بنسب اقل من انهائها عدم توريد السولار اللازم للمحطة إلا وفق أسعار باهظة تحت ما يسمى ضريبة البلو
كثيرة هي العقبات التي توضع في طريق أي انفراجه لازمة الكهرباء لان الجميع يدرك بان نهاية ازمة الكهرباء تعني الكثير فهي تعطي الروح للمشاريع الاقتصادية وبالتالي انتعاش القطاع اقتصاديا وتجاوز أزمات لا حصر لها سواء كانت صحية او خدماتية او بنى تحتية وتأثيراتها على خفض نسبة البطالة والاهم إشاعة الامل لدى مواطنين غزة فما سبق يعني عدم استسلام غزة سواء للاحتلال او فلسطينيا لشروط الرئيس عباس لما يسمى المصالحة كما ستصبح غزة بعيدة عن اجبارها لتكون رهينة سياسة بيد الأنظمة العربية التي تستغل مقصلة الكهرباء وتسليطها على رقاب غزة وأهلها
إن ما يحدث لهو جريمة بشعة جريمة أخلاقية إنسانية يجب ان يحاسب عليها القانون الدولي والإنساني فلست أجد فرق بين من يقصف الأبرياء بالطائرات لقتلهم عمن يقتلهم بإفشال وتدمير كافة مناحي حياتهم والموت بشكل بطيء فقد تعددت الأدوات وجريمة القتل واحدة
مقصلة غزة ستبقى شاهدة على عصر نازية جديدة في القرن الواحد والعشرون جريمة مستمرة في حلقاتها يشترك فيها القريب والبعيد وحتى ما تسمى الأمم المتحدة فالصمت على جريمة هو اشتراك بها مع سبق الإصرار والترصد.
بقلم/ محمد الافرنجي