ما يحدث في بورما يَشيب له الولدانُ، وتقشعرُّ من فظاعته الأبدانُ؛ حيث يتم ذبحُ المسلمين بالسكاكين في حفلاتِ موت جماعية، وتُحرَقُ جثثُهم في محارقَ أشبهَ بالمحرقةِ النازية التي تحدَّث عنها العالَمُ وما زال، وتُهدمُ بيوتُ المسلمين فوق رؤوسهم، وتُغتصب نساؤُهم دون أن يحرِّك العالَم الإسلامي ساكنًا، وكأنهم قرابينُ العنصرية البغيضة، تقدَّم فداءً لعالم إسلاميٍّ يغرِق في تفاصيل مشكلاتِه وإخفاقاته.
ميانمار أو كما اعتاد العرب سميتها «بورما»، إحدى الدول الآسيوية وتقع بين دولتي الصين والهند، وبالرغم من صغر مساحة هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 55 مليون نسمة إلا أنها محل جدل كبير دون غير من دول العالم، فلا يمر عام واحد دون أن تحدث انتهاكات ضد مسلمي بورما من القبائل البوذية التي تعيش في نفس الأرض.
لم تكن الانتهاكات التي يتعرض لها المسلمين في بورما وليدة اللحظة، فمنذ عام 1784 وبدأ اضطهاد المسلمين على يد الملك البوذي "بوداباي" الذي كان يرغب في القضاء على «الروهينجا» الطائفة المسلمة الوحيدة ببورما خوفاً من انتشار الإسلام في المنطقة، ومن هذا الوقت وحتى يومنا هذا ويتعرض جميع أفراد طائفة الروهينجا لقتل وسرقة واغتصاب وذبح ونهب للخيرات.
مر أهالي بورما المسلمين لسلسلة طويلة من المجازر والاضطهادات بعد وفاة الملك البوذي بوداباي، وفي نهاية الثمانينات تم تهجير أكثر من 150 ألف مسلم بسبب بناء قرى نموذجية للبوذيين ضمن مخطط للتغيير الديموجرافي وعندما اعترضت جماعة من اللذين تم صدور قرار التهجير بشأنهم تم حرقهم أحياء أمام ذويهم، أما في التسعينيات فتم قتل الشيوخ والنساء الأطفال دون أي مبررات وتستمر عمليات الاضطهاد والقتل ليومنا هذا علي مساحات أكبر من السابق
يمر مسلمي بورما حاليا لأكبرِ عملية تعذيب وحشية ، حيث يتم تهجيرهم من ديارهم، واغتصاب ممتلكاتهم ونسائهم وقتل وحرق وتقطيع كل موحد لله كل ذلك يتمُّ وإعلامُنا في غفلة عن تلك الأحداث، حتى جاءت منها مشاهدُ الصُّوَر الصادمة للإنسانية، والخادشة للضميرِ الإنساني
فماذا فعلنا نحن المسلمين إزاءَ هذه المجازر الوحشيَّة، والتي تأنف الوحوشُ والحيوانات من ارتكابها، وأين مؤسساتُنا الإسلامية والدعوية والإغاثية من هذه المأساة، بل أين الضميرُ العالَميُّ الذي يتفاعل مع أخبار تتناقلها الميديا حول قطة أوباما، أو كلب ديك تشيني إذا ما تعرَّض لارتفاع طفيفٍ في درجات الحرارة!
نحن الذين يجب أن نتذكَّر أن مجتمع المسلمين كالجسدِ الواحد، أو هكذا ينبغي، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الأعضاء بالحمَّى والسهر، نحن الذين يجب أن نتذكَّر أن نُصرةَ المظلوم واجبةٌ، وأن نجدةَ الملهوف فرضٌ، خاصة إذا لم يكن لهم مفرٌّ من الموت إلا الموت حرقًا أو شنقًا أو ذبحًا
تحرُّكاتنا تجاه بورما خجولةٌ لا تناسب حجمَ الكارثة الحقيقية التي ألَمَّت بهم، بضعةُ مجموعاتٍ على الفيس بوك تنادي بنصرتِهم، وبعض صور تستصرخ من يشاهدُها لإنقاذِ من تبقَّى من المسلمين هناك، وكأننا لا نستطيع التحركَ بمفردنا، لا نستطيع ممارسةَ الضغط السياسي والدبلوماسي إلا بمساعدةِ (الحليف) الأمريكي (النزيه)، ولا تتحرَّك حتى ضمائرنا إلا بعد أن تتحرَّكَ ضمائرُ الغرب!
بقلم/ عز أبو شنب