هل نقيم التجربة

بقلم: عباس الجمعة

اردت اليوم ان اكتب عن الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وفي المنافي، بعد ان اصبح عمر قضيّة فلسطين مائة عام منها سبعون عاما مضت على النكبة ، ونحن اليوم نقول هل تم التوقف ولو لمرة واحدة في عمر الثورة الفلسطينية الى اين وصلنا ، هل تم تقيم التجربة واستخلاصنا العبر والدروس ، علما ان الشعوب العربية والعالمية ما زالت تناصر القضية الفلسطينية ، لانها قضية الصراع الاولى في المنطقة وقضية انسانية لشعب مناضل مؤمنا بحتمية الانتصار مهما كانت الظروف والتحديات .

مصارحة الشعب الفلسطيني هي من الاسس التي يجب على الفصائل والقوى والقيادة ان تسعى اليها، لانني كأنسان اتحمل المسؤولية واعيش مع شعبي الفلسطيني بكياني وعواطفي وجوارحي، وبغض النظر عن الهوية والتنشأة اللبنانية، والفكر اليساري والقومي الذي انتمي اليه اعتبر القضية الفلسطينية هي العنوان وهي الزمن الجميل .

لكن العتب على قدر المحبة وخصوصا في ظل التباينات والتعارضات في الجوانب السياسية بين الفصائل والقوى الفلسطينية وهذا مما يعكس نفسه على الشعب الفلسطيني ، ورغم الانقسام الذي احدثته قوى الاسلام السياسي في قطاع غزة وتفردها بالقرار الفلسطيني بعيدا عن ارادة القيادة والشعب الفلسطيني من خلال اقامة سلطة تحت امرتها ، الا ان الدعوة الى انهاء الانقسام والتوحد ما زالت سيدة الموقف حتى تعودة حركة حماس كشريك في القرار والقيادة ، ولكن نحن من حقنا ان نسأل اين دور فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وموقفها من اجل التأثير في المعادلة ، وونحن نتطلع أن ترتقي إلى مستوى الأسئلة والأجوبة النوعية ، وذلك لكي تتمكن من الخروج من أزماتها التي تعيشها على ضوء المستجدات وتباين الآراء والإجتهادات والمواقف ، من الدعوة لعقد المجلس الوطني الفلسطيني والعمل على إعادة إصطفاف القوى الديمقراطية ، حتى لا يكون دورها مكمل وتجميلي في حالة العودة الى الحوار الوطني ، وهذا يتوقف على مستقبلها وحضورها ووجودها ، فهي بحاجة الى دور جدي وحقيقي بين الجماهير ،وأن تعمل على بلورة برنامجها على كل الأصعدة ، وخاصة في ظل الظروف الراهنة.

وحتى لا أكون واهماً ، أو داعياً لزراعة الأوهام ، أقول بصراحة إن حماية منظمة التحرير الفلسطينية والعمل على استعادة دورها وبرنامجها ومشروعها الوطني ، تستدعي عقد المجلس الوطني الفلسطيني، وحشد جهد وطني وجماهيري شامل بهدف الحفاظ على المنظمة كبيت وممثل شرعي وهوية للشعب الفلسطيني ، بالاستناد الى مشروعها الوطني وثوابتها.

أن اللحظة الراهنة تستدعي رفض كافة الضغوط بعد الانجازات والانتصارات التي حققها الشعب الفلسطيني وعدم العودة الى اي مسار تفاوضي لا يستند الى عقد مؤتمر دولي من اجل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ، لان العودة الى المسار التفاوضي لا يهدف من اجل الوصول إلى دولة مستقلة

للفلسطينيين، بل أن هدفها الذي بات يتوضح أكثر فأكثر في اقامة حكم اداري ذاتي ، مما يتطلب استعادة هدف الصراع ، لكن لا ينبغي علينا استسهال الأمر ، فهي ليست عملية ارتجالية ولا ميدانا للمزايدات ، انها تحدي المستقبل الذي يفرض علينا النهوض بشعبنا و تعزيز وتوسيع إطار التحالفات مع القوى العربية والعالمية وشعوبها ، وتفعيل وتطوير الفعاليات الجماهيرية والسياسية ، وتطبيق شعار المقاومة الشعبية والكفاحية ضد الاحتلال في الضفة الغربية والقدس (ساحة الصراع السياسي الرئيسية اليوم ) ، وبما يضمن تحقيق البعد الثوري والترابط الجدلي بين النضال الوطني والقومي على المستويين الفلسطيني والعربي .

على أية حال ، إن المسألة لا تكمن في مجرد طرح الغاية والرؤية فحسب ، بل في كيفية تحقيق هذه الرؤية ، الأمر الذي يستدعي رسم استراتيجية وطنية وإلى أدوات نضالية جديدة بمواجهة العدو الإسرائيلي .

وامام كل ذلك نتطلع الى واقع الشتات وما يعيشه الشعب الفلسطيني في سوريا هذا البلد العربي الذي احتضن الشعب الفلسطيني منذ النكبة واعطى الفلسطيني حقوقه الاجتماعية والمدنية والسياسية وقدم التضحيات في سبيل فلسطين ، حيث كان التأمرعليه من قوى الامبريالية والصهيونية بهدف تدميره كما جرى في العراق من خلال ما يسمى الربيع العربي والفوضى الخلاقة وارسال القوى الارهابية المتطرفة ، والتي استهدفت المخيمات الفلسطينية وعنوان حق العودة من خلال تدميرها وتهجير شعبها ، الا ان سوريا ما زالت تقف وتحتضن الشعب الفلسطيني ، وهي اليوم تنتصر بارادة جيشها وشعبها وحلفائها وتفشل المخططات التي حاولت استهدافها ، كما إن العلاقة بين الشعب الفلسطيني وبين الشعب اللبناني علاقة رسمت بالدم والنضال ، بينا حاول البعض ان يأخذ مخيم عين الحلوة اكبر مخيمات الشعب الفلسطيني الى مكان مجهول نتيجة ارتباطه بالقوى الارهابية ، فهذه المجموعة التي تأخذ الشعب الفلسطيني في هذا المخيم رهينة يجب استئصالها من اجل الحفاظ على علاقة المخيم بالجوار، وخاصة ان شعبنا وهو شعب مناضل يحمل أفضل الجوانب التقدمية والتحررية في العالم العربي، والشعب الفلسطيني ثائراً على كل جوانب الحياة السياسيّة والاجتماعية.

لم تعد المسايرة تنفع، فالحرص على الشعب الفلسطيني وقضيته تقتضي المصارحة، ان كان في فلسطين المحتلة او باماكن اللجوء والشتات ، وهذا يتطلب من الجميع العودة إلى رحاب الجماهير الشعبية والتوسع في صفوفها لكي يستعيد شعبنا من جديد، أفكاره وقيمه الوطنية والديمقراطية والاجتماعية .

ختاما : إن المرحلة تتطلب عقول وسواعد الجميع، كما تتطلب الإرادة والتصميم على استمرار الكفاح ومواصلة العمل لنقل مشروعنا.

بقلم/ عباس دبوق "الجمعة"