لن يتحقق السلام في عهد نتنياهو

بقلم: هاني العقاد

توقف السلام بل مات السلام وقد لا يبعث من جديد... لو كانت اسرائيل معنية بتحقيق السلام وانهاء الصراع لانتهى الاحتلال وحل مكانه الامن والاستقرار ولو كان نتنياهو اليميني المتطرف معني بذلك لتحقق السلام في العام 1999 خلال فترة توليه رئاسة الحكومة للمرة الاولى لكن باستلام نتنياهو الحكم نستطيع القول ان عملية السلام دخلت مرحلة التجميد التدريجي فقد جمد نتنياهو عملية السلام بعد برتوكول الخليل والذي بمقتضاه اعيد انتشار قوات الاحتلال الاسرائيلي في 17 يناير 1997 في منطقة الخليل وحينها ارسي نتنياهو معادلة خطيرة تتعلق بالمسيرة السلمية وهي الامن مقابل السلام بدلا من الارض مقابل السلام وتنص بعض بنود الاتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين على ان يعاد انتشار قوات الاحتلال الاسرائيلي في بعض المناطق الفلسطينيين وان تقوم السلطة بترتيبات امنية وتشكل لجنيتن لجنة ثنائية فلسطينية اسرائيلية والثانية ثلاثية تكون فيها الولايات المتحدة طرف رئيس تختص عمل اللجان بمنع التحريض على الارهاب وتنص الاتفاقية ايضا على ان تستأنف مفاوضات الوضع النهائي والتوصل الى اتفاق قبل الرابع من يونيو 1999.

كان بإمكان نتنياهو ان يوفر الظروف المناسبة لإطلاق مفاوضات تقود الى الحل النهائي وبالتالي انهاء الصراع التاريخي لكن هذا ليس في عقيدة هذا الرجل ولا من احتمالات ان تكون جزء من معتقداته حل الصراع على اساس الاعتراف بالحقوق الفلسطينية كاملة والا لكان تاريخ المنطقة قد تغير وتفادينا مزيد من الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل بأمر من نتنياهو شخصيا تولي نتنياهو حقيبة وزارة الخارجية في حكومة ارئيل شارون 2002 ومن ثم وزيرا للمالية في حكومة شارون الائتلافية ولعله ارتأى ان ذلك يبقيه قريبا لاستعادة مكانته برئاسة الوزراء في اي انتخابات جديدة وبالفعل فاز نتنياهو في انتخابات الكنيست 2009 واصبح رئيسا للوزراء للمرة الثانية كان بإمكان نتنياهو ان يقتنص فرصة اللقاء الثلاثي الذي جمعة بالرئيس اوباما والرئيس ابو مازن على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك سبتمبر 2009 على امل اطلاق المفاوضات التي توقفت بعد هزيمة اولمرت وفوز نتنياهو بولاية ثانية لرئاسة الوزراء لكن نتنياهو رفض رفضا قاطعا تجميد البناء في مستوطنات الضفة الغربية والقدس تهيئة لمفاوضات جادة تقود الى اتفاق تاريخي .

كرس نتنياهو جهد حكومته للبناء في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس لفرض وقائع خطيرة على الارض تعيق اي اتفاق تاريخي يسمح بقيام دولة فلسطينية متواصلة الجغرافيا الفرصة الكبيرة والتي لن تتكرر التي خسرها نتنياهو كانت من خلال مفاوضات التسع شهور 2014والتي اعد خريطتها جون كيري وزير الخارجية الأمريكي في ولاية اوباما الثانية الا ان المفاوضات انتهت حسب الجدول الزمني دون تحقيق اي تقدم بسبب التعنت الاسرائيلي ولو وافق نتنياهو على التفاوض الى حيث توقفت المفاوضات عام 2009 مع اولمرت لحقق جون كيري حدثا تاريخا بالتوصل الى اتفاق تاريخي بين الفلسطينيين والإسرائيليين لكن نتنياهو اعاد المفاوضات الى نقطة الصفر وكان اي موضوعات او قضايا لم يتم التفاوض حولها ولم يتبادل الإسرائيليين والفلسطينيين اي وجهات نظر حولها.

اعتبر نتنياهو نفسه منتصرا في ذلك الوقت لان السلام لم يتحقق ولم يحقق الفلسطينيين اي تقدم يمكنهم من اقامة دولتهم المستقلة وبالتالي اعطي نتنياهو التعليمات للإسراع في تنفيذ مخططة الاستيطاني الكبير ليجعل الجغرافيا وليس الديموغرافيا هي التي تتحدث على طاولة اي مفاوضات قادمة مئات الالاف من الوحدات الاستيطانية اقيمت في مستوطنات الضفة الغربية ومحيط مدينة القدس وهناك خطة كبيرة للتخلص من السكان الفلسطينيين في القدس واحلال مكانهم يهودا يتم جلبهم لزيادة الكثافة اليهودية في المدينة وضم خمس مستوطنات للمدينة وهذا الاسبوع عن اعتزام سلطات الاحتلال بناء 4 الالاف وحدة سكنية جديدة على التلال المحيطة بالقدس بعد مصادرة 600 هكتار من اراضي القدس والاخطر اليوم ما قامت به سلطة الاحتلال من منح مستوطني الخليل ادارة شؤنهم البلدية و بالتالي انشاء اول بلدية للمستوطنين في الخليل بالبلدة القديمة وهذا يعني ان اسرائيل فعليا بدأت بخطة الضم للأراضي الفلسطينية لسيادتها كل هذه الاجراءات وغيرها ليست مؤشرات بل براهين ان نتنياهو لا يريد ان يتحقق السلام.

لن يتحقق السلام في عهد نتنياهو اواي رئيس وزراء اسرائيلي طالما بقيت الولايات المتحدة عاجزة عن ممارسة ضغط حقيقي على حكومة اسرائيل للاذعان لمتطلبات السلام في المنطقة ووقف فرض حلول تناسب اسرائيل على الارض من خلال الاستيطان والتهويد وسعي نتنياهو لدي ادارة ترامب لتبني مثل هذه الحلول وبالتالي فان الاقتناع بوقف الاستيطان وانهاء الاحتلال شرطان مهمان لنجاح اي دور او رعاية امريكية او حتي دولية وهذا موقف لن تتخذه ادارة ترامب الحالية وما بات معروفا ان ادارة ترامب تثبت يوما بعد اخر انها غير جدية في مساعيها ورعايتها لأي عملية مفاوضات تقود الى حل دائم بسبب الانحياز لإسرائيل بالكامل واتاحة الفرصة لإسرائيل لاستكمال مشروعها الاستيطاني الكبير وفي ذات الوقت تبني الحلول الاسرائيلية وليس حل الدولتين . لن تستطيع ادارة ترامب الحالية الوصول الى صفقة كبيرة وحل استراتيجي للصراع طالما ان الولايات المتحدة تتماهي مع نتنياهو وتتحدث بما يتحدث وطالما تتحدث الادارة الامريكية عن صفقة سلام اقليمية وليس مشروع سلام يبدأ بالأرض مقابل السلام ويبدا بأنهاء الاحتلال الاسرائيلي على حدود 1967 وينتهي بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس العربية .

بقلم/ د. هاني العقاد