وماذا بعد ...

بقلم: محمد فايز الإفرنجي

لا تزال تصر على انها الرقم الصعب بالمعادلة الفلسطينية، لا يزال الاخرين يسعون الى تقزيم دورها مستغلين الحصار والتغيرات الدولية والإقليمية، لا يزال البعض يسعى لإدخالها بيت الطاعة رغما عنها

هي حماس التي بدأت تتبلور في ثوبها القديم الجديد، هي حماس التي كان يعتقد البعض انها مجرد حركة جامدة لا تتعاطى السياسة إلا وفق رؤيتها الضيقة الخاصة، حماس التي ادعى الكثير عنها ما ليس بها ولم يتركوا لها مجالا لإثبات هويتها الإسلامية الفلسطينية العربية الأصيلة، ولا قدرتها في مشاركة الاخرين الحكم وفق نتائج الانتخابات الفلسطينية الأخيرة.

إن ما تعيشه حركة حماس من حصار خانق يدفع ثمنه الأكبر المواطن الفلسطيني بغزة دفعها لإعادة صياغة فكرتها وبلورة صورتها الجديدة مع الحفاظ على مبادئها وسيكولوجيتها بالتعاطي مع القضية الفلسطينية، كنا كفلسطينيين نرجو من الفصائل الأخرى وعلى راسهم حركة فتح وقيادتها مباركة هذه الخطوات الإيجابية والبناء عليها لتكون مدخلا حقيقيا لمصالحة فلسطينية تعيد ترميم البيت الفلسطيني من داخله للظهور بمظهر وطني وسياسي قوي يدفع الاخرين للتعامل معه بكل جديدة

الذي حدث بالمقابل للتغييرات الكبيرة لديها هو مزيد من الاحتقان مزيدا من وضع العصي بالدواليب، ومزيد من الحصار الذي طال حتى أبناء حركة فتح أنفسهم بالقطاع

ما هو المطلوب من حماس كي تقتنع مؤسسة الرئاسة الفلسطينية برام الله انها جزء أساسي من النسيج الفلسطيني السياسي والاجتماعي، ما هو المطلوب من حماس كي تقتنع الدول العربية انها تنظيم وحركة تحرر وطني وإن كانت بلباس إسلامي، ما هو المطلوب من حماس كي تقتنع الإدارة الامريكية ومن خلفها المجتمع الدولي بان حماس حركة عتيدة لا يمكن تجاوزها إذا ما أرادوا حقا انجاز صفقة تنهي الصراع العربي الإسرائيلي مبنيا على عدالة دولية تفرض على الاحتلال كي تعيش المنطقة بظل من الاستقرار والامن افتقدتهم لعقود ولا تزال

اليوم أصبح الشعب الفلسطيني يدرك تماما بان قضيته بفرض الحصار عليه لم تكن يوما صناعة إسرائيلية دونما اشتراك للعديد من الجهات الأخرى عربية وغربية واليوم باتت القناعة بمشاركة فلسطينية فاقت كل التوقعات وتجاوزت الخط الوطني الأحمر الذي مس بحياة الفلسطيني بغزة وتركته فريسة سهلة المنال للتفكك الاجتماعي وعرضته الى الانهيار الاقتصادي بشكل غير مسبوق رغم الحالة المرضية لاقتصاده نتيجة حصار الاحتلال والحروب التي فرضها الاحتلال على غزة مما خلفه من دمار لم يتم إعادة اعماره الى الان.

لسنا بصدد كيل الاتهامات لهذا الفريق او ذاك ولكن لا يمكن السكوت على أي جهة كانت حتى لو كانت مؤسسة الرئاسة الفلسطينية لاتخاذ المواطن الفلسطيني رهينة لسياساتها لتنفيذ اجندات حزبية والضغط على حماس لتلبية شروطها لإبرام مصالحة تفي بمصالح حركة فتح ورئاسة السلطة دونما النظر بالسلبيات التي اصابت المواطن الفلسطيني بمقتل نتيجة الإجراءات العقابية التي تتخذها السلطة تجاه غزة ومواطنيها

اليوم حماس قيادتها العليا تجري محادثات في مصر الشقيقة التي كانت تنظر لحماس نظرة عدائية بزعم ارتباطها بتنظيم الاخوان العدو الأول للنظام المصري، اليوم مصر تنظر لحماس بنظرة ابعد وأعمق وتعتقد ان الامن المصري في سيناء يمر عبر حماس والعلاقة الجيدة معها والذي بات يتبلور على ارض الواقع من خلال التفاهمات على الحدود الفلسطينية المصرية لمنع أي امدادات لوجستية لتنظيم الدولة بسيناء.

قيادة حماس العليا بقيادة هنية تجد نفسها اليوم مطالبة أكثر مما مضى بإحداث اختراقات كبيرة سواء على المستوى العربي او على المستوى الفلسطيني الفلسطيني للحد من تداعيات الحصار المضروب على غزة والذي باتت اثاره واضحة المعالم على كل بيت فلسطيني بغزة خصوصا بعد ما حدث من مقصلة للرواتب والتقاعد الاجباري لموظفي السلطة وإيقاف التحويلات العلاجية والعديد من الإجراءات القاتلة التي تم اتخاذها ضد غزة.

زيارة حماس للقاهرة إن لم تعود ظافرة بنتائج إيجابية كبيرة تنعكس على حياة الفلسطينيين بغزة بشكل ملموس سيكون لها تداعيات كبيرة على كافة المستويات سواء الشعبية او الأمنية وعدم ضمان الاستقرار على الجبهة الشمالية مع الاحتلال الإسرائيلي والتي ستكون احدى النتائج المرعبة والتي سيتحمل نتاجها جميع الأطراف المشاركين باللعبة السياسية.

نأمل ان يكون لدى القيادة المصرية بعد نظر بنفس القدر التي تطالب به حماس على ان يبدأ عباس السعي الجاد لمصالحة حقيقية تجعل من حربة وحصاره على غزة نهاية مع العمل على اعادة الأوضاع كما كانت عليه على اقل تقدير قبل البدء بهذه الإجراءات التي لا مبرر لها على المستوى الشعبي حتى من قبل أبناء حركة فتح وقيادتها بقطاع غزة.

بقلم/ محمد الافرنجي