نجحت القاهرة وانطلق قطار المصالحة الفلسطينية

بقلم: هاني العقاد

تحركت كل الملفات الساكنة وتضاعف اهتمام كل المستويات السياسية والامنية المصرية بملف المصالحة الفلسطينية لان مصر تعرف ان الانقسام كالاحتلال يهدد حالة الاستقرار بالمنطقة هنا وظفت مصر كل ما لديها من عناصر ضغط واقناع وترغيب وبعض الترهيب من مخاطر بقاء الانقسام في سبيل اقناع الاطراف الفلسطينية بالاستجابة لمتطلبات استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وهي القاعدة الوطنية التي تنطلق من خلالها كل استراتيجيات التحرر واقامة الدولة الفلسطينية ما ان انتهت زيارة الرئيس ابو مازن لأنقرة والحديث عن مبادرة تركيه لتحقيق المصالحة الفلسطينية حتى تحركت مصر من منطلق مسؤول لإنجاز ملف المصالحة الفلسطينية الذي بات مؤرقا للجميع على مدار اكثر من احدي عشر عاما وجاءت زيارة وفد عالي المستوي من المكتب السياسي لحركة حماس للقاهرة والتحادث مع المخابرات المصرية وتبعه وفد من فتح برئاسة الاحمد لاستكمال الحوارات مع المصرين والتوصل الى آلية قابلة للتطبيق لكل اتفاقيات المصالحة واولها اتفاق القاهرة 2011 وبالتالي ادارة حوارات فلسطينية مصرية مشتركة لتحقيق ذلك .

نجحت القاهرة في فتح الطريق المغلق امام تنفيذ كافة خطوات المصالحة الفلسطينية بإقناع حركة حماس حل اللجنة الإدارية التي شكلتها في مارس الماضي والسماح لحكومة الوفاق الوطني بالقدوم الى غزة لتسلم كافة مؤسسات السلطة من وزارات ومؤسسا ومعابر والبدء بكافة الاجراءات الادارية لدمج موظفي السلطة والتحضير للانتخابات العامة خلال فترة زمنية محددة قد لا تتعدي الستة شهور وبالتالي فان هذا النجاح اصبح يعني ان القاهرة قت تمكنت من السيطرة تماما على حالة الانقسام وانهائها لصالح شراكة سياسية فلسطينية حقيقية و لصالح تحديث التمثيل السياسي الفلسطيني وتوحيده في المقابل نجحت القاهرة في اقناع القيادة الفلسطينية وقف كافة العقوبات التي اتخذت مؤخرا بحق قطاع غزة لإجبار حماس العودة للحضن الفلسطيني وانهاء الانقسام والتراجع عن حالة التفرد بإدارة قطاع غزة دون الاكتراث بمعاناة اكثر من مليوني فلسطيني وذلك من خلال مرسوم رئاسي فلسطيني يقضي بإعادة رواتب الموظفين و وقف قانون التقاعد المبكر واعادة التحويلات المالية والصحية وبالتالي التزام حكومة الرئيس بالصرف على القطاع كما السابق .

نعم انطلقت صافرة قطار المصالحة الفلسطينية من القاهرة وهو الان في الطريق الى غزة وسيصل مبكرا وامل ان يسير القطار على الطريق دون اي تقابله اي عقبات او عوائق وامل ان لا يتوقف القطار مرة اخري او يعود الى محطة الانطلاق الاخيرة اي القاهرة ما يبعث نوعا من الامل بان القطار سوف يصل قريبا هو الضمانات المصرية التي توفرت هذه المرة وهي ضمانات مهمة حيث تعهدت كل من حماس والقيادة الفلسطينية اعطاء مصر كافة الصلاحيات لدفع القطار الى الامام وبالسرعة المطلوبة ودون توقف حتى يصل غزة ولعل هذه المرة هناك شيئا مختلف عن كل مرة فالقاهرة مكلفة بقوة من كل دول الاقليم للجلوس مع الفلسطينيين وانهاء انقسامهم وهي ايضا تلبي التوجه الامريكي الكبير بالمنطقة بضرورة اندماج الكل الفلسطيني في حالة السلام المتوقع الوصول اليها من خلال الرعاية الامريكية وكجزء من صفقة ترامب الكبرى لعل التغيرات في المنطقة العربية اليوم وفرت كل العناصر الضرورية لان تكون حركة حماس جزء من الكتلة العربية الكبرى التي تتراسها كل من مصر والسعودية و الامارات العربية وهذا احدث تغيرا كبيرا في عقلية حماس وخاصة بعد تولي السيد يحي السنوا رئاسة حركة حماس في غزة واصراره على تغير حالة مقاطعة الاقليم والعالم لحماس وبالتالي مد جسور التفاهم مع الكل العربي والدولي وبالطبع لن يكتمل هذا لا اذا استعاد الفلسطينيين وحدتهم واسسوا لشراكتهم السياسية وبنوا استراتيجيتهم النضالية و وحدوا تمثيلهم السياسي لمواجهة كل التحديات التي تعصف بمستقبل قضيتهم الوطنية وحركة تحررهم السياسي واقامة دولتهم المستقلة.

لم يعد يصدق المواطن الفلسطيني ان الانقسام يمكن ان ينتهي بسبب الصدمات المتعددة التي لطمته على وجهه طوال فترة الانقسام وبسبب حالة الاستنزاف الحاد لكل مشاعره الوطنية ومصادرة ارادته والعبث بمستقبله السياسي ومستقبل ابنائه الا اننا نريد من المواطن ان يتحلى بشيئنا من الصبر بسبب تعقيد الحالة التي وصل اليها الفلسطينيين بسبب استمرار الانقسام لأكثر من عشر سنوات فعشر سنوات انقسام لن تنتهي بكبسة ذر ولن تنتهي ازمات المواطن هنا في غزة بمجرد وصول حكومة الوفاق الوطني لكن هناك حاجة لمزيد من الوقت وتضافر الجهود الوطنية والفصائلية دون استثناء لتعمل معا للإسراع في حل كل الازمات التراكمية التي نجمت عن استمرار الانقسام للمواطن الحق في ان يخشي من تعثر مسيرة استعادة الوحدة الوطنية بسبب تجاربه السابقة الا اننا نقول ان الكل اصبح يخشي غضب هذا المواطن والكل بدأ يحسب حساب استمرار الانقسام والكل يريد ان يتراجع عن تلك الحالة الخطيرة لكن بحفظ حقوق الجميع وقد وفرت مصر ذلك المهم لابد وان يعرف الجميع ان كل من حماس وفتح اليوم ليس كما السابق حماس تحتاج العمق العربي والحضن الفلسطيني بعد اختلال كل تحالفاتها السابقة مع القوي الأخرى التي تمت على اساس ان تبقي حماس قوة فلسطينية بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية وبديلة للسلطة الفلسطينية وفتح تحتاج لرص الصف الوطني وتقويته لمواجهة كل تهديدات المشروع الوطني وفرض حلول اسرائيلية تبني على اساس الانفصال الجغرافي والسياسي بين غزة والضفة والقدس. لعل الايام القادمة حساسة وهامة في ذات الوقت في تاريخ الشعب الفلسطيني الذي بات كلة على ظهر قطار المصالحة ويتأهب للخروج من ذلك المربع الاسود ومن هنا بات مهما ان يحمي الشعب الفلسطيني هذا الانجاز ويوفر الحماية الشعبية المطلوبة للطريق التي يسير عليها قطار المصالحة الفلسطينية مهما كلفه ذلك من ثمن.

بقلم/ د.هاني العقاد