نقف بكل امانة امام خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة ، وما حمله من موقفاً واضحاً بالتمسك بحقوق الشعب الفلسطيني وخاصة ضمان حق العودة للاجئين وفق القرار الاممي 194 ، وهذا بحد ذاته يجب ان يشكل نقطة تحول في المصالحة الفلسطينية ،رغم تأكيدنا على اهمية المقاومة بكافة اشكالها في مواجهة الاحتلال والاستيطان .
ان الخطاب الفلسطيني يعتبر ردا على خطاب الرئيس الأمريكي ترامب في الأمم المتحدة الذي لم يتضمن كلمة واحدة عن القضية الفلسطينية ، في الوقت الذي تدعي فيه أمريكا أنها راعية عملية السلام التي اتضح أن هدفها الحقيقي هو ضرب المشروع الوطني الفلسطيني وتمزيق جميع مرتكزاته.
الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة واماكن اللجوء والشتات استمع جيدا لخطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لا سيما في هذه الظروف المأساوية التي تمر بها دول المنطقة والمأزق الذي وصلت اليه القضية الفلسطينية، وبصورة خاصة في ظل الشعور باليأس الذي يسيطر على الشعب الفلسطيني من امكانية تحقيق حلمه باقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
لذلك نرى إن تصويب العمل الوطني الفلسطيني الموحد هو الدفع بوجهة القطع مع اتفاقات أوسلو،وأنه يجب اتخاذ خطوات فورية على الصعيد الوطني الداخلي في هذا الاتجاه، فهي اتفاقيات سيئة ومجحفة وفتحت باب جهنم على الفلسطينيين، وهو ما ينبغي إغلاقه.
ان ما جاء في خطاب الرئيس الفلسطيني من إصرار على الذهاب إلى جميع المؤسسات الدولية لملاحقة "حكومة الاحتلال" على جرائمها العدوانية، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، يضاف الى الانجازات الفلسطينية .
من هنا نرى ان تنفيذ اتفاق القاهرة بكل ملفاته والمبادرة الى عقد المجلس الوطني الفلسطيني من اجل تفعيل وتطوير منظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ورسم استراتيجية وطنية فلسطينية تستند لكافة اشكال النضال بما فيها الدعوة الى عقد مؤتمر دولي من اجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بحقوق شعبنا ، وخاصة بعد ان ثبت فشل ما يسمى المفاوضات برعاية امريكية ، هذه المفاوضات التي تشكل خطراً وانتقاصاً من الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
ان الانجازات التي حققها الشعب الفلسطيني من خلال مسيرته النضالية المتواصلة هي نتيجة لتضحيات ودماء وكفاح الشعب الفلسطيني المتواصل منذ عقود.
ان مطالبة الرئيس محمود عباس الامم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطين كاملة العضوية، يجب استثمارها على الصعيد الدولي، اضافة الى المطالبة بتوفير المساعدات المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية،وتوفير المساعدات لوكالة الاونروا حتى يتمكن الشعب الفلسطيني اللاجئ من العيش بكرامة حتى عودته الى دياره وممتلكاته التي هجرا عنها بقوة الارهاب الصهيوني.
ويبدو جلياً ان تأثير عدالة القضية الفلسطينية يتغلب على العنجهية السياسية لدولة الاحتلال وعلى التدخلات الامريكية المنحازة، نتيجة ضعف الموقف العربي، فالتبدلات الواضحة على الصعيد العالمي تعمق عزلة اسرائيل ، رغم محاولات الادارة الامريكية استخدام القضية الفلسطينية بتشعباتها واهميتها للمنطقة والعالم من اجل الدفاع عن مصالحها وعن دورها المحوري في الشرق الاوسط، وكذلك لحماية كيان الاحتلال رغم عزله على المستوى الدولي.
ان التقدم بطلب لدخول منظمات الامم المتحدة، التي من شأنها اتخاذ خطوات فعالة لحماية الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، ولذلك فان اعلان الرئيس الفلسطيني عن طلب الانضمام الى منظمات الامم المتحدة، وقبول هذه المنظمات بهذا الانضمام والتي من بينها منظمات تدافع عن حقوق الانسان وحق تقرير المصير واتفاقية جنيف وغيرها، مع نضال الحركة العالمية لمقاطعة الاحتلال على كافة المستويات، يفسح مجالاً واسعاً للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني والاسرى والمعتقلين في سجون ومعتقلات الاحتلال ويضع حداً لعنجهية حكومة الاحتلال وعدوانيتها البربرية.
ان الأهمية الكبرى تكمن بتعزيز الترابط والتكامل بين اشكال الكفاح الوطني و قضية حرية الاسرى، باعتبارها مكوناً وثابتاً من ثوابت النضال الوطني في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، وضرورة تعزيز النضال الوطني والعربي والدولي بأبعاده الشعبية والرسمية الساسية والقانونية والانسانية والاخلاقية.
وفي ظل هذه الاوضاع نرى ان المقاومة حق مشروع اقرته جميع المواثيق الدولية لاي شعب تحتل ارضه وليست ارهابا ، وأن المقاومة يجب أن تستند إلى مبدأ وحدة الأرض والشعب والقضية، في مواجهة الاحتلال الذي ما زال جاثماً على صدر الشعب الفلسطيني ولا يزال يمعن في القتل والتدمير، والاستيطان وتهويد القدس وبناء جدار الفصل العنصري، وغيرها من الأعمال الإجرامية تجاه الشعب الفلسطيني، والتعنت في المواقف وعدم الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
ختاما : لا بد من القول ان خطاب الرئيس محمود عباس اتسم بالإيجاز المعبّر، والشفافية، والمصداقية العالية وبالوضوح الكافي غير القابل للتأويل، وخاصة كلماته عن القدس وعن الاستيطان،الخطاب وضع حداً فاصلاً لمهزلة المجتمع الدولي ، باعتبار دولة الاحتلال دولة استعمارية، عنصرية، عدوانية بغيضة تفرض“نظام الفصل العنصري” والفلسطينيون فهم أصحاب حق، وضحايا، يبحثون عن فرصة للعيش بسلام وأمن على جزء من وطنهم التاريخي، لهذا علينا أن نفعّل اتفاق المصالحة الفلسطينية واستعادة الوحدة، وأن نفعّل المقاومة ، دون استثناء لأشكال النضال الأخرى، وعلينا أن نذهب بكل قوة إلى المجتمع الدولي، لنلقي بكل شكوانا، ومظالمنا، وملفاتنا، في وجه هذا المجتمع وعلى أساس القانون الدولي، ومواثيق الأمم المتحدة.
بقلم/ عباس الجمعة