رغم أنني سأكون سعيدا جدا كمواطن فلسطيني في إنجاز المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس . ولكنني سأكون متأهبا لسماع أول إنفجار في حقل الألغام التي تسير فيه المصالحة . وذلك لأنني أعلم جيدا كم الملفات الشائكة والمتراكمة منذ سنوات طويلة . وأيضا أعلم جيدا الأسباب الحقيقية التي دفعت المصريين لبذل أقصى جهدهم لإنجاز المصالحة . أولا : الأسباب التي جعلت مصر تبذل قصار جهدها لإتمام ملف المصالحة . هي أن حركة حماس في الفترة الأخيرة تطلب مرارا وتكرارا من المخابرات المصرية أن تقدم لها التسهيلات والخدمات اللوجستية وغيرها كي تحافظ على بقاؤها في غزة . وتنفرد بالحكم بعيدا عن شراكة "أبو مازن" وقد إعتمدت حركة حماس في هذا الموضوع أيضا على "محمد دحلان"كممول مالي لها ومسوق لمشروع حماس في المنطقة العربية . أدركت المخابرات المصرية أن حماس تطلب منها الدعم كي تنحي "أبو مازن" جانبا وتنفرد بالقرار في غزة . ورفضت المخابرات المصرية أن تتعامل مع حماس بشكل منفرد بعيدا عن "أبو مازن" وأكدت المخابرات المصرية لحماس أنه لن يكون أي تسهيلات لغزة إلا بوجود السلطة ويجب أن تتم المصالحة في أسرع وقت ممكن . ثانيا : يعتقد البعض أن المصالحة هي عبارة عن شيفرة . إذا تمكنوا من فكها على الفور حصلوا على إنجاز المصالحة بسهولة . بالطبع هذا المفهوم عن المصالحة خاطئ ويحتاج الى دراسة أكثر . للاسف أن ملف المصالحة أشبة بالكتاب المقفل . فإذا فتحناه نجد صفحات كثيرة وكل صفحة عبارة عن مشكلة تحتاج الى حل . وهذا ما جعلني أقول أن المصالحة تسير في حقل ألغام قابلة للإنفجار في أي لحظة . الخطوة الأولى في المصالحة كانت حل اللجنة الإدارية . والموافقة المبدئية على أن تستلم حكومة الوفاق إدارة غزة بشكل كامل . وأن يتم تحديد موعد الإنتخابات . وفي المقابل أن يتراجع أبو مازن عن الإجراءات العقابية لغزة . ولكن هناك ملفات كثيرة تتعلق في التفاصيل ومن أهمها وأخطرها دمج الأجهزة الأمنية . وترتيب العمل المؤسساتي في غزة بعد عشر سنوات من منظومة أمنية كلها تتبع لحركة حماس . إن إعادة غزة على ما كانت عليه سابقا يحتاج جهود كبيرة ومضاعفة . من وجهة نظري أن الدفعة للمصالحة قوية جدا وتعبر عن جدية المخابرات المصرية في إنجاز هذا الملف الشائك . وأن الأمور تسير على ما يرام بدافع إقليمي قوي وارضية خصبة . ولكن لا بد أن تواجه لغما وتتوقف عنده . لأن السير في حقل الالغام ليس سهلا . يحتاج إلى براعة وإرادة حقيقية لتخطي كل الألغام . ما كتبته هو ما أشعر به نتيجة تجارب سابقة . ولكنني أتمنى أن يكون شعورا بغير محله . وأن يتحول حقل الألغام إلى أرض خصبة لنسير عليها جميعا نحو دولة الوحدة والإنتماء .
الكاتب الصحفي : أشرف صالح