منذ بداية الصراع العربي الصهيوني عموماً ، ومنذ تاريخ نكبة الشعب الفلسطيني وإقامة دولة العدو الصهيوني على ارض فلسطين التاريخية ، فإن المخططات الساعية إلى استئصال وشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين لم تتوقف أبداً عبر التعاون المتواصل بين القوى الاستعمارية والامبريالية والحركة الصهيونية والقوى العربية الرجعية، فمنذ ذلك التاريخ لم تكن كل هذه المحاولات صناعة إسرائيلية بحتة ، بل كانت منذ ولادة القضية ، إنتاجا إسرائيليا امريكيا استعماريا مشتركا ، وفي هذه الزاوية يتبوء الدور الأمريكي مكانة متميزة، عبر العديد من المشاريع الهادفة إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين ، وتصفية الحقوق التاريخية لشعبنا.
على أي حال ، فإننا نقول بثقة ، ان دعوة الرئيس الامريكي ترامب مرفوضة فلسطينيا من الشعب الفلسطيني اللاجئ ، ونحن نثمن عاليا كلمة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون في الامم المتحدة ، ونؤكد بأن العلاقات اللبنانية الفلسطينية علاقة متجذرة منذ ما قبل النكبة وحتى اللحظة السياسية الراهنة، إلا أن المرحلة الاهم كانت في مرحلة الثورة حيث تحوّل اللبنانيون لشركاء فعليين في معركة تحرير فلسطين، وهذا الإرث في العلاقة من مرحلة النكبة والثورة شكل قاعدة في العلاقات اللبنانية الفلسطينية، لذلك يجب التأكيد حول ما تروجه بعض الصحف ووسائل الاعلام حول المخيمات ، بأن المخيمات لن تكن ملجأ للإرهابيين أو الهاربين من العدالة سوى هناك حالة ظلامية ارهابية موجودة في مخيم عين الحلوة يعمل الجميع على استئصالها بكل الوسائل ، وان الموقف الفلسطيني الموحد اكد على حماية السلم الاهلي في لبنان ، ولن يسمح بتهديد امن لبنان ، فالشعب الفلسطيني الذي لا يتعدي المائتان والعشرون الف فلسطيني في لبنان يرفض التوطين ويتمسك بحق العودة ، وهو ملتزم بالقوانيين والانظمة اللبنانية لحين عودته الى دياره .
أن كل المشاريع التي يروج لها للتوطين مرفوضة فلسطينيا، بما في ذلك الحديث عن محاولة المس بوكالة الغوث أو حلها وإنهاء وجودها ودورها ، ونرى ان تلك المحاولات تسعى الى تكريس الوجود الصهيوني وحماية للمصالح الرأسمالية والاستعمارية ، وهي محاولات لم تصمد أمام الرفض الشعبي الفلسطيني والعربي المقاوم لها طوال تسعة وستين عاماً الماضية ، فوكالة الاونروا هي الشاهد العيان على نكبة الشعب الفلسطيني ، وكلام الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكلام الرئيس اللبناني الهماد ميشال عون امام الامم المتحدة حول عدم السماح بمس وكالة الاونروا يقدران ، لهذا نقول ان الشعب الفلسطيني متمسك بوكالة الاونروا ويطالب العالم بتوفير المساعدات والميزانية للوكالة من اجل ان تستمر في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين لحين عودتهم الى ديارهم التي شردوا منها وفق القرار الدولي 194 ، لهذا نطمئن الجميع بان التوطين لا يمكن أن يقبله أي وطني فلسطيني ، لأن مجرد القبول بهذه الفكرة ، فإن ذلك يعني قبولاً بمشروعية الوجود الصهيوني على أرض فلسطين ، وشطبا للحقوق الفلسطينية التاريخية فيها .
أما عنصر القوة الفلسطيني ، فهو مرتبط بالالتفاف الشعبي حول المبادئ والثوابت الوطنية ومواصلة النضال من أجل تحقيقها ، فعلى العالم ان يعلم ان هناك ارهاباً اخطر على الامن والسلم العالمي هو ارهاب دولة العدو الصهيوني في احتلالها للأرض الفلسطينية وعدوانها الدائم والمستمر على الشعب الفلسطيني وتنكرها لحقوقه.
ان الفلسطينيون في لبنان يتطلعون الى العيش بكرامة وأمان، بانتظار تطبيق القرار الاممي 194 الخاص بعودة اللاجئين، وان الشعب الفلسطيني يقدر للبنان احتضانه للشعب الفلسطيني ونحن نرى المواقف الوطنية والقومية للبنان الرسمي والشعبي ، ولن ننسى العلاقة بين الشعبين الشقيقين التي تشكل نموذجا حتى علاقة المصاهرة والنسب وكل أشكال النشاط النسوي والشبابي والطلابي والثقافي وغيره، مما ويوفر رصيدا إيجابيا في العلاقات هو في حد ذاته يساهم في وأد اي فتنة يمكن ان تستهدف العلاقات بين الشعبَين الشقيقين التي تعمدت علاقتهما بالدم وشكلت نموذجا في العلاقات العربية الفلسطينية.
امام هذه الظروف اللبنانيون لا يريدون توطين الفلسطينيين، والفلسطينيون بدورهم لا يريدون كذلك ، لكن نقول ان المخيم هو عنوان حق العودة ، ومكاناً لتطوير الوطنية الفلسطينية ، فإن تركيز الخطاب السياسي، الفلسطيني واللبناني، يتطلب التفكير في الحل العملي للمعاناة، وخاصة ان البيوت في المخيمات تتلاصق بعضها ببعض بحيث يصبح من المستحيل اختراق أشعة الشمس لتدخل المنازل بنورها وهو أمراً في غاية الصعوبة، وهذا يعني وجود رطوبة عالية في هذه المنازل وأمراض صدرية وجلدية وسرطانية بصورة دائمة، ومكبات النفايات قريبة من المنازل، وفي حالات كثيرة تنتشر بين المنازل، وتختلط مياه الشرب بالمياه الآسنة لأن قساطل الجر مهترئة ومتداخلة فوق الأرض.
وفي ظل هذه الاوضاع نرى إن نسبة البطالة في المخيمات الفلسطينية هي نحو 75% ، والمعروف أن قوانين العمل اللبنانية ولوائح النقابات المهنية اللبنانية تمنع الفلسطيني من العمل في مهن كثيرة، ولا سيما الطب والهندسة والصيدلة والمحاماة الخ، .
ختاما : لا بد من القول ونحن نقدر مواقف لبنان الرسمي والشعبي النظر بالحقوق المدنية والانسانية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لأن الفلسطينيين مهما تغيرّت ظروفهم فإنهم لا يمكن أن يرضوا وطنا بديلا لهم عن فلسطين.
بقلم/ عباس الجمعة