مؤسسات إنسانية في مواجهة الطغيان الإسرائيلي

بقلم: عصام يوسف

يكاد لا يساور المتابع لنمط التعاطي الإسرائيلي مع المنظمات الإنسانية، ومنها الدولية، أي شك في أن خللاً ما في منهجية تطبيق القوانين يعزى إلى التوازنات السياسية، إضافة لطريقة تعاطي الفكر السياسي الغربي، وما يشوبه من تناقضات واضحة أدت في النهاية لاستسلام أطراف عدة لمقولة أن "إسرائيل هي دولة فوق القانون".

 وتمخض عن تجاهل دول صنع القرار في المجتمع الدولي –على رأسها الولايات المتحدة-، وتغاضيها عن تنفيذ إسرائيل للقوانين والمقررات التي تصدرها المنظمات الدولية، إلى تجميدها ومن ثم عدم تطبيقها، حيث يظهر ذلك بشكل جلي في قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة التي صدرت عنها خلال العقود الماضية، على رأسها تلك التي تتضمن مطالبات بإعادة حقوق الشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال، ووقف الاستيطان وكافة أشكال الانتهاكات بحق الفلسطينيين، على الرغم من كونها من أبسط قواعد الحقوق الآدمية التي تتفق عليها كافة المعاهدات الدولية.

وشجع ذلك كيان الاحتلال في التصرف كعصابة وليس كدولة، من خلال إطلاق يدها في قتل المدنيين، واستيلائها على الأرض والموارد والممتلكات، والتضييق على البشر وحصارهم وتجويعهم، وتزييف الحقائق، وممارسة سياسة تمييز وفصل عنصري، وسرقة الثقافة والهوية للشعب الفلسطيني بعد تشريده عن أرضه وتحويل الملايين منه إلى لاجئين في مختلف بقاع الأرض.

ويدلل على دعم وتشجيع صناع القرار في العالم لإسرائيل كي تبقى فوق القانون، على سبيل المثال لا الحصر، انتخاب الجمعية العامة للأمم المتحدة لها لترأس اللجنة القانونية، والتي تعد أهم اللجان الست التابعة للجمعية، وذلك في يونيو 2016، بعد فترة قليلة من إعلان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إسرائيل من بين الدول الأسوأ في الاعتداء على حقوق الإنسان في العالم، واتخاذه أربعة قرارات تدين الاحتلال حينها.

فكيف يستقيم ترؤس إسرائيل للجنة دولية يتركز عملها حول تعزيز القانون الدولي وحماية حقوق الإنسان، في حين أنها تحتل أراضي الغير، بل إنها دولة الاحتلال الوحيدة على وجه الأرض، وتاريخها منذ تأسيسها في انتهاك وخرق القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية مستمر، ويتواصل بشكل صارخ؟؟.

ولا تتوقف انتهاكات إسرائيل عند ضربها عرض الحائط بالقرارات الصادرة عن المؤسسات الأممية، بل لم يسلم منها حتى مؤسسات العمل الإنساني والخيري، على الرغم من أن الكثير منها له صفة دولية، أو يتبع لدولة أجنبية لها علاقات قوية مع الدولة العبرية، وهي بالتالي ليست عربية أو فلسطينية، ويظهر ذلك من خلال ممارسة مختلف أشكال التضييق بحق عمل هذه المؤسسات، كاعتقال أعضائها والتشهير بهم وبمؤسساتهم، وإطلاق التهم جزافاً دون أي سند أو دليل قانوني، وذلك بهدف ثنيها عن تقديم الدعم الإنساني لأبناء الشعب الفلسطيني الذي يعاني ويلات الاحتلال، ولاجئيه الذين يقتات غالبيتهم على المواد الإغاثية.

حرب دولة الاحتلال ضد مؤسسات العمل الإنساني والخيري اتخذ أشكالاً عدة، كما أنه لم يميز بين مؤسسة إنسانية فلسطينية أو عربية أو دولية، وقد وصل ذروته في الاستهداف المباشر لطواقم هذه المؤسسات، حيث شهدت الحروب الأخيرة الثلاث على غزة استهدافاً لموظفي الإنقاذ والإغاثة العاملين في الهلال الأحمر الفلسطيني، وسقط على اثر ذلك العديد منهم بين شهيد وجريح، كما تم تدمير العديد من عربات الإسعاف خلال قصفها بشكل مباشر أثناء الغارات على القطاع، حتى وصل الأمر بتوجيه نداءات للضغط على الاحتلال بهدف تحييد الطواقم الإنسانية خلال الحرب.

ولا بد هنا من الإشارة إلى شهادات المسعفين عن تجربتهم خلال الحروب على غزة، والتي أدلوا بها لوسائل الإعلام، وأكدوا فيها على استهدافهم المباشر بهدف منعهم من الوصول للضحايا الذين قضى العديد منهم نتيجة عدم إسعافه، ما يؤكد على همجية هذا الاحتلال من خلال ممارسته لهذه الانتهاكات دون أن يرف له جفن، فهو يدرك تماماً بأن هذه الأفعال تشكل خرقاً فاضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة الداعية إلى حماية عمل المسعفين أثناء الحرب واحترام دورهم الإنساني.

محاربة مؤسسات دولية

ومن المهم أن نعرج على بعض الأمثلة التي تظهر مضي الاحتلال بعيداً في انتهاكاته وعدائه الصريح لمؤسسات العمل الإنساني، وعدم اكتراثه باحترام القيم الإنسانية التي تمثلها حتى للدولية منها، من بينها ما جرى مؤخراً من ممارسة إسرائيل والولايات المتحدة لضغوط أسفرت عن إحباط مشروع في الأمم المتحدة لزيادة موازنة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا(.

ولهذا التوجه بالغ الخطورة كونه يستهدف الملايين من اللاجئين الذين يعيشون على مساعدات الوكالة، وتنصل إسرائيل الواضح من التزاماتها باعتبارها قوة احتلال، حيث يتحتم عليها أن تتحمل المسؤولية الاجتماعية والمعيشية لهؤلاء الذين شردتهم عن قراهم ومدنهم، بحسب القانون الإنساني الدولي.

ويعرف القاصي والداني بأن إسرائيل تتحمل كافة المسؤولية عن استمرار معاناة أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني موزعين في مخيمات اللجوء في الداخل والشتات، بينما في الضفة الغربية وقطاع عزة ما زال هنالك أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني يعيشون في ٣٠ مخيما تفتقر لأبسط مقومات الحياة.

والاتهامات التي تتذرع بها إسرائيل في عدائها الواضح للوكالة بأن جزءاً من ميزانيتها يذهب لفصائل المقاومة في غزة ليس جديداً، فقد اعتادت تلفيق الاتهامات لكل من يقدم الدعم للشعب الفلسطيني مهما كان موقعه وانتماؤه، وقد عبرت غير مرة عن أمنياتها في تصفية الوكالة بشكل كامل، وإنهاء عملها كمغيث للاجئين، حيث يأتي ذلك في إطار سياسة العقاب الجماعي واستمراراً لعدوانها على أبناء الشعب الفلسطيني.

وتتكرر الاسطوانة الإسرائيلية في عزف لحنها النشاز الهادف لتشويه الوكالة من حين لآخر على رغم تأكيد الأخيرة، في أكثر من مرة، بأنها تقدم الدعم لكل لاجئ فلسطيني دون النظر لانتمائه السياسي، كما أكد الناطق الإعلامي باسمها في قطاع غزة، عدنان أبوحسنة، في وقت سابق، بأن الوكالة "لديها نظام رقابة صارم، موضحاً بأن ميزانية الاونروا موجودة على شبكة الانترنت وهناك رقابة من قبل الدول المانحة على كل هذه الأموال وأين تتوجه".

ويأتي اعتقال إسرائيل لمسؤولين في مؤسسات دولية، خلال الأعوام الماضية، في إطار تشديد الحصار على أبناء الشعب الفلسطيني عامة، وفي قطاع غزة بشكل خاص، حيث تهدف إجراءاتها التعسفية لتعميق الأزمة الإنسانية في القطاع المحاصر منذ أكثر من عشرة أعوام.

فاعتقال محمد الحلبي، المسؤول في مؤسسة (وورلد فيجن) الإنسانية الدولية، في يوليو 2016، لا يعد كونه حلقة في سلسلة ممارساتها لخنق قطاع غزة، والديباجة جاهزة في تبرير ممارساتها التعسفية "دعم حركات المقاومة وعلى رأسها (حماس) من خلال تسريب مبالغ مالية للحركة"، إلا أن "سيلفيا هولتن"، المتحدثة باسم المؤسسة في ألمانيا، أكدت، في تصريح صحفي في 8 أغسطس 2016، أن موازنة المؤسسة في غزة في العقد الماضي كله بلغت 22.5 مليون دولار.

وقالت خلال حديثها "إن هناك فجوة كبيرة بين الأرقام التي تتحدث عنها الحكومة الإسرائيلية وتلك التي نعرفها"، بعدما زعم جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الداخلية (شين بيت) أن محمد الحلبي حوّل نحو 7.2 ملايين دولار من أموال الجمعية لحماس على مدى خمسة أعوام، بينما تقول المؤسسة إن المبلغ يوازي نحو 60% من مجمل موازنتها لقطاع غزة.

وقد أنصف تحقيق حكومي أسترالي المؤسسة بعدما أكد عدم توفر أي دليل على قيام منظمة (وورلد فيجن) الأميركية الخيرية بإساءة استخدام أموال دافعي الضرائب في قطاع غزة، وزيادة على ذلك تأكيد أحد المسؤولين في المؤسسة في تصريح صحفي، إن الاتهامات الإسرائيلية "غير منطقية ولا واقعية"، موضحاً أن آليات الصرف في المؤسسة "مضبوطة وتخضع لرقابة مالية من مسؤولين أجانب ولا يستطيع المدير إنفاق دولار واحد خارج هذه الآلية، إلا أن المؤسسة أوقفت مشاريعها الإنسانية في القطاع لحين الانتهاء من تحقيق داخلي خاص بها، وانتظار نتائج محاكمة الحلبي في المحاكم الإسرائيلية.

وفي السياق ذاته، يأتي الإفراج عن وحيد البرش أحد مهندسي وكالة الأمم المتحدة للتنمية "UNDP" في قطاع غزة، بعد اعتقال دام 6 أشهر (اعتقل في أغسطس 2016)، كتأكيد آخر على عدم استناد الاتهامات الإسرائيلية للوكالة الدولية المتمثلة في "تحويل مشاريع أممية لصالح حركة حماس" لأية أدلة حقيقية، بل أن اتهاماتها الجوفاء تراوح مكانها وليس لها أن تتخذ أية صفة قانونية.

واستهداف إسرائيل للمؤسسات الدولية لا يقتصر على المختصة في المجال الإغاثي والإنساني، بل طال مؤسسات لها اهتمامات واختصاصات أخرى في الجوانب التعليمية والاقتصادية والاجتماعية، ومن أمثلة ذلك الهجوم الذي شنته إسرائيل على اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة (إسكوا)، بعد تأكيدها في تقرير أصدرته في مارس 2017، بأنه ثبت على أساس "تحقيق علمي وأدلة لا ترقى إلى الشك أن إسرائيل مذنبة بجريمة (الأبارتيد) بحق الفلسطينيين"، حيث وصف متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية التقرير بمنشور "دعائي نازي" معاد بشدة للسامية.

ويتضمن التقرير في جملة ما نص عليه، إن "إستراتيجية تفتيت الشعب الفلسطيني هي الأسلوب الرئيسي الذي تفرض به إسرائيل الأبارتيد" بتقسيم الفلسطينيين إلى أربع مجموعات تتعرض للقمع من خلال "قوانين وسياسات وممارسات تتسم بالتمييز"، وحدد التقرير المجموعات الأربع بأنها: الفلسطينيون الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية والفلسطينيون في القدس الشرقية والفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة والفلسطينيون الذين يعيشون في الخارج إما كلاجئين أو منفيين.

واستشاطت إسرائيل غضباً بعد إعلان منظمة (اليونسكو) في قرار جديد لها، في 2 مايو 2017، اعتبار إسرائيل محتلة للقدس، وذلك بعد أن صوت أعضاء المجلس التنفيذي لليونسكو في باريس لصالح تأكيد القرارات السابقة للمنظمة باعتبار إسرائيل محتلة للقدس، ورفض سيادة الأخيرة عليها، وجرى تمرير القرار بأغلبية 22 صوتا، ومعارضة عشرة أصوات، وامتناع أو تغيب الدول الباقية.

 ووصف سفير إسرائيل لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» كرمل شاما هكوهين، حينها نتيجة التصويت الأخير في اليونسكو ضد إسرائيل بأنه "انحطاط جديد من قبل الدول العربية".

أما مجلس حقوق الإنسان في جنيف فهو ميدان أخر من الميادين التي تفضح الاحتلال وانتهاكاته، والتي تخوض إسرائيل في ردهاته أشد معاركها ضد الضمير الإنساني الحر، فقد أصدر المجلس خلال الأعوام العديد من القرارات التي تشجب الإجراءات الإسرائيلية التي تخرق القوانين الإنسانية في الأراضي المحتلة، والتي كان آخرها تبنيه، في مارس 2017، أربعة قرارات، في مقدمتها قرار يشجب البناء في مستوطنات الضفة الغربية وشرقي القدس وهضبة الجولان، ويدعو الدول والشركات التجارية إلى الامتناع عن أي اتصال مباشر أو غير مباشر مع المستوطنات.

وهاجمت إسرائيل حينها القرارات الصادرة عن المجلس الأممي على لسان سفيرتها في مؤسسات الأمم المتحدة في جنيف "ابيبا راز شخطر"، وقالت"إنّ كل القرارات المتخذة هي قرارات أحادية الجانب، وتبرز العبثية والسخرية في مجلس حقوق الإنسان".

حرب على الأيتام الفلسطينيين

ويصل استعراض المحتل لجبروته وطغيانه أمام الفقراء والمحتاجين والأيتام حدود مطاردة الجمعيات الخيرية العاملة في الأراضي الفلسطينية، ويشهد على ذلك تاريخ الظلم والقهر والانتهاكات بحق العديد من المؤسسات والجمعيات داخل الوطن المحتل، فإغلاق "مؤسسة لجنة الإغاثة الإنسانية للعون" في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 أدى لحرمان أكثر من 23 ألف يتيم في الضفة وغزة والقدس من الكفالة، وتذرعت حينها سلطات الاحتلال بإصدار قرار يحظر نشاط الحركة الإسلامية في أراضي فلسطين 48، والذي رافقه إغلاق 17 مؤسسة تابعة للحركة في مختلف أنحاء الداخل المحتل في العام 2015.

وقد رافق القرار الإسرائيلي الجائر إغلاق مؤسسات أهلية أخرى متخصصة كجمعية "إقرأ لمساندة الطلاب الجامعيين"، و"مؤسسة سند لرعاية الأمومة والطفولة"، و "مؤسسة حراء لتحفيظ القران الكريم".

وقد سبق ذلك إغلاق سلطات الاحتلال لـ"مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية" التي كان يرأسها الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر، عام 2008، وكانت حجج الاحتلال آنذاك تتراوح بين عدم حصول المؤسسات على الترخيص، أو صلات تربطها بحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وفنّد حينها الشيخ صلاح إدعاءات وأكاذيب الاحتلال في إغلاق مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية، وكشف الأسباب الحقيقية من وراء ذلك، بقوله "إن المؤسسة عقدت مؤتمرا كبيرا قبل أسبوعين من الإغلاق كشفت فيه الكثير من المخططات الصهيونية تجاه القدس والمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية، مشيرا إلى أنه تم دعم ذلك بالوثائق والخرائط والتقارير".

وقد فشلت سلطات الاحتلال في تقديم إثباتات يعتد بها قانونياً في كل مرة تعتقل فيها الشيخ صلاح، لتقوم بالتالي بممارسات انتقامية كمحاكمته على التحريض على العنف، أو مضايقة رجال الأمن، وغيرها من التهم الفضفاضة، لا سيما وأن عمل المؤسسات الأهلية التي كان يرعاها الشيخ كان موجهاً بشكل واضح ودون أي لبس لأوجهه القانونية والشرعية من دعم للفقراء والأيتام، وطلبة العلم، إضافة لدعم مساجد فلسطين، وعلى رأسها الأقصى المبارك.

ومما يضاعف مشاعر القلق على مصير آلاف الأيتام والفقراء في الأراضي الفلسطينية المحتلة إقدام سلطات الاحتلال على إغلاق مؤسسات خيرية في الضفة الغربية، ومراكز تابعة لها، كما جرى مع عدد من لجان الزكاة،و"جمعية دورا الإسلامية لرعاية الأيتام"،و"الجمعية الخيرية الإسلامية" في الخليل، التي أقدم الاحتلال على إغلاق مراكز للأيتام تتبع لها، إضافة لمدارس ومشاغل خياطة ومخابز..وغيرها من المؤسسات الحيوية التي تخدم مستحقي الدعم من الفقراء.

ومن المفارقة العجيبة أن توجه سلطات الاحتلال للجمعية تهمة كاعتبارها "بنية تحتية للإرهاب"، بينما تأسست الجمعية، ومقرها مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، في العهد الأردني قبل عام 1967، ولها عدة فروع في أنحاء المحافظة، أي أن عمر الجمعية يكبر عمر الاحتلال، ما يؤكد في الوقت ذاته تجذّر عملها في نسيج المجتمع الفلسطيني، وترسخ مؤسساتها، وبطبيعة الحال حجم المسؤولية الكبير، والعبء الثقيل الذي تنوء به في خدمة ورعاية الفئات المهمشة على مدى عشرات السنين.

وكعادتها لا تترك دولة الاحتلال ظرفاً سياسياً- دولياً كان أم إقليمياً- إلا وجيّرته لصالحها، ناهيك عن إمكاناتها الواضحة في صنع الحدث السياسي، أو المشاركة في ذلك، بما يخدم مصالحها أو الاستفادة ما أمكن من تداعيات الحدث.

واستغلالها لانعكاسات أحداث 11 سبتمبر 2001 على تطورات العلاقة بين الولايات المتحدة والدول العربية والإسلامية فيما يتعلق بناحية مكافحة الإرهاب على وجه التحديد يشكّل مثالاً واضحاً في محاولتها الانقضاض على مؤسسات العمل الخيري الداعمة لأبناء الشعب الفلسطيني، لا سيما التي تتخذ من دول العالم المتقدم مقرات لها، وتعمل في الأراضي الفلسطينية ودول الشتات.

حملات تحريضية

وتجسد تجربة الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية (انتربال) في صراعها القانوني مع مؤسسات وهيئات اللوبي الصهيوني في بريطانيا، ومن خلفهم بالطبع الدولة العبرية التي أطلق مسؤولون فيها تصريحات يدّعون فيهادعم الصندوق لمنظمات تقوم بأعمال إرهابية ضد إسرائيل، مثالاً على الاستهداف المباشر والحقيقي للعمل الخيري والإنساني الهادف لدعم الأيتام والفقراء والأرامل والمرضى من أبناء الشعب الفلسطيني على وجه التحديد.

واتخذت دولة الاحتلال من خلال أذرعها في بريطانيا أساليب مختلفة في حربها على (انتربال)، ومثيلاتها من مؤسسات العمل الخيري، من تشويه لسمعة المؤسسة عبر وسائل الإعلام، والتحريض عليها لدى الحكومة البريطانية، ثم اتخاذها قرار منع مواصلة (انتربال) نشاطاتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة لرفع دعاوى قضائية..وغير ذلك من أساليب، وصلت حد إدراجه على قائمة المنظمات الإرهابية من قبل الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.

وخاض (انتربال) معركة قضائية استمرت لسنوات طويلة، بصبر وثبات استمدهما من إيمانه بقانونية عمله، حيث أكد بشكل مستمر بأن مكاتبه مفتوحة لأي هيئة بريطانية حكومية تريد التثبت من سلامة وضعه القانوني، والتحقق من طبيعة المشاريع التي ينفذها، في الوقت الذي تصر فيه على أن عملها يأتي في إطار القانون البريطاني والدولي.

وفي حين تمكنت المؤسسة من حماية نفسها من حملات التضييق التي استعرت ضدها، بعدما كسبت كافة الدعاوى القضائية، فقد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك تعاملاتها مع جمعيات قانونية "تعمل في النور"، وأخذت تراخيصها للعمل من السلطة الإسرائيلية بالسابق أو من السلطة الفلسطينية في فترات لاحقة.

وقد أكدتُ مراراً وتكراراً من موقعي كنائب رئيس مجلس أمناء الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية على أن "عمل (إنتربال) إنساني محض، بلا غايات أو خلفيات سياسية أو حزبية، مع الحرص الكبير على الشفافية والتوثيق والوضوح". كما أن "أهداف الصندوق تقوم على خدمة الفلسطينيين بالداخل واللاجئين بالخارج، وقد قام الصندوق منذ تأسيسه بإمداد الفلسطينيين في الوطن والشتات بملايين الدولارات التي صرفت على مشاريع إغاثة وتنمية متنوعة، لمحاولة التخفيف من معاناة أهل فلسطين تحت الاحتلال من فقر وجوع ومرض ونقص الأموال".

ولا أزال أؤكد بأن أي مؤسسة إنسانية لا تؤدي دورها الإنساني المنوط بها لا طائل من بقائها، وهذا ينسجم مع موقفنا من الحصار غير الإنساني وغير القانوني وغير الأخلاقي على غزة، حيث لا يجوز أن نقف متفرجين على معاناة ما يقرب المليوني إنسان، يعانون تداعيات حصار إجرامي يقتل المرضى ويزيد من فاقة وعوز الفقراء، ويرفع من نسب العاطلين عن العمل لمستويات غير مسبوقة بحسب المعايير الدولية.

ورسخت (انتربال)، التي تأسست عام 1994، هويتها الإنسانية البحتة من خلال منجزاتها على الأرض، فقد أنجزت العديد من المشاريع التنموية والإغاثية التي استفادت منها كافة شرائح المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة لدول الشتات، كما أنها عملت على تركيز دعمها للقطاع الصحي في غزة من خلال شراء الأدوية المفقودة نتيجة الحصار، وشراء سيارات الإسعاف، وتوفير كميات كافية من حليب الأطفال الدوائي، والكراسي الكهربائية المتحركة لاستخدام ذوي الاحتياجات الخاصة، وغيرها من أشكال الدعم، حيث قدر حجم الدعم الذي قدمه الصندوق خلال فترة الحصار بأكثر من 10 ملايين دولار .

وليست (انتربال) استثناءاً لمنظمات خاضت معارك قانونية كان يقف وراءها دولة الاحتلال ومؤيديها ورجالاتها في دول أوروبية، وان كانت من بين أطولها كفترة زمنية وكضراوة السجال، فقد عانت العديد من المؤسسات الإنسانية حالة من الاستنزاف المالي، والإرباك الإداري، نتيجة الدعاوى القضائية بحقها، إضافة للارتدادات السلبية لهذه الدعاوى على عملها، فعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الإشارة إلى جمعية (وور أون وانت الخيرية) War On Want التي أوقفت الحكومة البريطانية تمويلها بحجة انخراطها في أنشطة سياسية ضد دولة إسرائيل، بعدما رعت الجمعية افتتاح أسبوع "عنصرية إسرائيل" في شهر فبراير/ شباط 2016 في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية إحدى جامعات لندن، اتهم فيها أحد المتحدثين إسرائيل بسرقة أعضاء من أجسام الفلسطينيين.

وواجهت منظمات إنسانية كـ"مؤسسة الأقصى الخيرية" في بلجيكا، تحديات مماثلة، فقد انبرت للدفاع عن نفسها وعن العمل الخيري الموجه لدعم أبناء الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال، أمام المحاكم، كما عانت نتيجة حملات التحريض والتشويه التي أدت بها لخوضمعارك قضائية مع عدد من البنوك البلجيكية التي مارست ضغوطاً عليها تمثلت في إغلاق حساباتها البنكية، والتضييق على تعاملاتها المالية.

وفي كندا تكافح منظمات خيرية إسلامية لإثبات براءتها من افتراءات دعم الإرهاب، حيث تخوض مؤسسة "صندوق الإغاثة الدولي - (عرفان) كندا" – على سبيل المثال- معاركها القضائية بعد تصنيف الحكومة الكندية لها كمنظمة غير خيرية عام 2011، ثم إضافتها لقائمة المنظمات الإرهابية عام 2014، الأمر الذي دفع المؤسسة للوقوف بشجاعة أمام الدفاع عن حقها في تلمس معاناة الفقراء والمحتاجين وتقديم يد العون لهم، وعن سلامة موقفها القانوني وبطلان الشبهات التي تحيط بها نتيجة التحريض الصهيوني الأعمى بحقها، حيث قامت بتقديم طلب حذفها من قائمة المنظمات الإرهابية للحكومة الكندية، إلا أن الطلب قوبل بالرفض في ديسمبر 2016، فما كان من المؤسسة إلا أن لجأت للقضاء وإتباع الوسائل القانونية لاسترداد حقها الشرعي في ممارسة عملها الإنساني، ومزاولة أنشطتها في تقديم الدعم لمستحقيه من أيتام وفقراء ومرضى..وغيرهم.

دوافع سياسية

وما جرى مع مؤسسة "الأرض المقدسة للإغاثة والتنمية" في الولايات المتحدة الأمريكية، يجسد سطوة البعد السياسي على العامل الإنساني والخيري في أشد صوره وضوحاً، ومحاولة لتشويه الوعي الإنساني القائم على ضرورة ترسيخ مبادئ هذا الوعي وتعظيمها لصالح غايات خبيثة تسعى لقلب الحقائق، وإزاحة بوصلة العمل الخيري في اتجاه معاكس نحو تبرير صنائع قوى الشر في العالم، وتوظيف كافة الوسائل والأدوات بما فيها القانون، دون اكتراث بضياع الحقوق، وتكريس لمفردات القهر والظلم والطغيان.

فالمؤسسة التي قضت سنوات طويلة منذ تأسيسها في تقديم المساعدة والدعم للأسر الفقيرة والمتضررة من سياسات الاحتلال الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وللاجئين في دول الشتات، لم تخرج عن السياقات القانونية في عملها الإنساني، إلا أن التحريض الصهيوني المحموم منذ سنوات طوال نجح أخيراً في عهد الرئيس جورج بوش، بعد زيارة رئيس وزراء دولة الاحتلال آنذاك أرئيل شارون التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر 2001، في توجيه وابل سهام الشر لينهي قصة مؤسسة اعتمدت النزاهة والشفافية كأساس لعملها، بعدما أصدرت الحكومة الأمريكية قراراً بإغلاق المؤسسة في نفس العام، إلى جانب عدد من المؤسسات الخيرية الإسلامية في الولايات المتحدة حينها، لتبدأ عملية ملاحقة العاملين في المؤسسة قضائياً.

وتجاوزت تداعيات محاكمة مؤسسي "الأرض المقدسة" الخمسة حدود ادعاءات المخالفات القانونية، لتظهر كمعاقبة للجاليات العربية والمسلمة التي تؤمن بحق أيتام وأرامل وفقراء الشعب الفلسطيني في الحياة، لا سيما وأن الملاحقات الأمنية تعدت كل الخطوط الحمراء لتطال متبرعين للمؤسسة، كما أظهرت المحاكمة حجم انقياد الإدارة الأمريكية لرغبات قادة الاحتلال الإسرائيلي لدرجة يمكن معها الذهاب بعيداً في التلفيق والافتراء وتسخير مؤسسة القضاء الأمريكي لخدمة ساسة الاحتلال في دولة تتغنى بقوة ومتانة وحيادية مؤسسات القانون فيها، وبسيادة مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.

وقد كانت أحداث 11 سبتمبر 2001 الفرصة المواتية للوبي الصهيوني، وجماعات الضغط السياسي اليمينيفي الولايات المتحدة، إضافة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في الانقضاض على مؤسسات العمل الإنساني والاجتماعي الإسلامية، والنظر إليها من منظور أمني، من خلال وصمها بتهم دعم الإرهاب، ما سهّل تقويض تجربة مؤسسة "الأرض المقدسة" التي سجّلت نجاحات باهرة في العمل الخيري الإسلامي المؤسسي في الغرب، وقد حدث ذلك كله مع تناسي إسهامات هذه المؤسسات في رسم الصورة الحضارية للولايات المتحدة الأمريكية في الداخل والخارج.

وللمفارقة المؤلمة فإن القضاء لم يدن المؤسسة بسبب القوانين الأمريكية المستحدثة والتي باتت تجرم -وتعتبره عملاً غير قانوني- كل من يقدم التبرع أو المساعدة لأيّ شخص أو مؤسسة ورد اسمه في قوائم الإرهابيين التي تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية، بل جاء تجريم المؤسسة بسبب "التآمر في دعم لجان الزكاة التي أصرت النيابة على تبعيتها لحركة (حماس)"، بينما تقدم (يو اس ايد USAID) الأمريكية الدعم المالي لنفس لجان الزكاة المذكورة، بل استمرت في تقديم دعمها حتى بعد إغلاق مؤسسة الارض المقدسة، دون أن توجه أية اتهامات تذكر للمؤسسة الأمريكية الحكومية المعروفة.

ومع ذلك لم تتضمن لائحة الاتهام ضد مؤسسة الأرض المقدسة HLF أيّ تهم بتقديم المال لحماس، أو توفير المال لأغراض التسليح، أو الانخراط في العنف، كما لم يذكر في لائحة الاتهام مطلقاً أنّ الأموال التي تتلقّاها لجان الزكاة من مؤسسة الأرض المقدسة قد أسيء استخدامها أو تم تسريبها لدعم أعمال العنف، فضلا على أنّه لا توجد أيّ من لجان الزكاة التي في لائحة الاتهام على أيّ قائمة من قوائم الإرهاب المعروفة لدى أيّة وكالة من الوكالات الأمريكية.

ولم ينكر المدعون العامون الأمريكيون خلال التحقيقات بأن الأموال التي جمعتها مؤسسة الأرض المقدسة قد أنفقتها كلها من أجل تقديم المساعدات الغذائية والملابس للأطفال الفلسطينيين، وقد تم تأكيد ذلك في قاعة المحكمة، إلا أن مجريات القضية، مع ذلك، لم تكن تسير في صالح أعضاء المؤسسة الخمسةالذين جرى محاكمتهم (شكري أبو بكر "مدير تنفيذي"، محمد المزين "رئيس مجلس الإدارة"، غسان العشي "رئيس سابق لمجلس الأمناء"، مفيد عبد القادر، عبد الرحمن عودة "الممثل السابق للمؤسسة في نيوجرسي") ، ما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن الدافع وراء القضية سياسي بحت.

خروقات قانونية

ومما يثير الدهشة والاستهجان خلال سير المحاكمات لأعضاء المؤسسة حتى إصدار الأحكام الجائرة بحقهم، اعتراء هذه المحاكمات للكثير من الخروقات والتجاوزات القانونية، فقد بدأت محاكمة المتهمين يوم 23 يوليو/تموز 2007، وبعد شهرين من جلسات الاستماع و19 يوماً من مداولات هيئة المحلفين، أعلن القاضي بطلان القضية لأن هيئة المحلفين فشلت في التوصل بالإجماع إلى قرار بإدانة المتهمين، لتقررالحكومة بعد ذلك بإعادة فتح القضية بعدما تغير قاضي المحكمة وهيئة المحلفين، كما أجرت هيئة الادعاء تعديلات رئيسية شملت استدعاء شهود جدد، وإحضار ما قالت إنه شواهد استولى عليها الجيش الإسرائيلي من مقرات السلطة الفلسطينية تشير إلى أن السلطة تعتبر المؤسسة الخيرية ممولا رئيسيا لحركة حماس.

ووجهت هيئة المحلفين الاتهام في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2008 لمسؤولي المؤسسة الخمسة تتركز جميعها حول التآمر بتمويل ودعم منظمة إرهابية، لتصدر في نهاية الأمر محكمة أميركية في ولاية تكساس يوم 27 مايو/أيار 2009 حكمها بسجن المدير التنفيذي للمؤسسة الخيرية شكري أبو بكر والأربعة المتهمين معه بمدد تتراوح بين 15 و65 عاماً، وهي أحكام وصفها أحد المحامين الأمريكيين بأنها "الأكثر ظلماً" خلال فترة عمله كمحاملٍ جنائي أمريكي منذ نحو 30 عام.

كما أن من أكثر الأمور إثارة للاستهجان هو سجن أعضاء مؤسسة خيرية تزاول عملها على أرض دولة ترسخت فيها مؤسسات القانون، ومبادئ الديمقراطية والفصل بين السلطات، لأول مرة بسبب إطعامهم وكسوتهم للفقراء من أطفال فلسطين، وغيرهم من منكوبي وبؤساء الأرض، حيث أن المؤسسة قامت بالإضافة لأنشطتها في تقديم المعونات للاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنان والمناطق الفلسطينية، بتوفير الدعم لضحايا الكوارث والحروب في البوسنة وكوسوفو وتركيا والولايات المتحدة (فيضانات أيوا، أعاصير تكساس، وتفجيرات مدينة أوكلاهوما(.

ومن بين الخروقات القانونية أيضاً، استعانة الحكومة الأمريكية بشاهد باعتباره خبيرا، حيث كان هذا الشاهد ضابط مخابرات إسرائيلي والذي أدلى بشهاداته تحت اسم زائف وهو “آفي”، بينما تعد هذه المرة الأولى في التاريخ الأميركي التي يسمح لـ”شاهد خبير” بالشهادة في محكمة قانونية باستخدام اسم مستعار، وهو ما عبر عنه محامو الدفاع بقولهم أنّ شهادة “آفي” قد انتهكت حق المتهمين حسب التعديل السادس بمواجهة المدعي عليهم.

تثبت الحرب الشعواء، غير المتكافئة التي تشنها دولة الاحتلال على المؤسسات الخيرية الداعمة لأبناء الشعب الفلسطيني حالة التناقض "القيمي" التي تعانيها، ففي الوقت الذي تشجع فيه العمل الخيري وتدعم مؤسساته التي تستهدف مجتمع الاحتلال، حتى زاد عددها عن 28 ألف جمعية ومؤسسة، إلا أنها تحارب القيم الإنسانية التي تمثلها جمعيات أخرى تعمل خارج حدود دولتها، وفي ذلك ما يرسخ مفاهيم العنصرية لدى هذه الدولة المصطنعة، فالإنسان لديهم ليس كالإنسان الفلسطيني، أو أي إنسان آخر، كما العمل الخيري "حلال لهم، وحرام علينا"!!.

وبشكل سافر لا تتورع دولة الاحتلال عن اتخاذ ما تشاء من الإجراءات التعسفية، وممارسة ما ترغب بممارسته من الانتهاكات بحق المؤسسات الإنسانية، كما أنها لا تتوانى عن خرق القوانين في هذا الصدد بسبب اطمئنانها الكامل بأن خلفها قوى عظمى تسندها، وتستطيع من خلال دعمها غير المحدود قلب الموازين من حق إلى باطل.

إلا أن ساحات القضاء والقنوات القانونية تبقى وسيلة المؤسسات الإنسانية للدفاع عن نفسها، وإثبات حجتها، ولا سبيل لها سوى المضي في إظهار وتأكيد نزاهتها وشفافية عملها، ولا غنى عن الإيمان بسيادة القانون وإن طال الطريق، وفي النهاية لا بد للحقيقة والعدالة أن تنتصر في وجه الزيف والظلم والتجبر، وأن العالم يعتريه دوما التغير، ليتكرس في نهاية المطاف مبدأ أن لا أحد فوق القانون.. حتى وإن كانت إسرائيل.

بقلم/ عصام يوسف