مضى ١٤ عاماً على غياب المثقف العضوي الجذري الفلسطيني ادوارد سعيد ، الذي عاش ومضى كما يليق بمفكر كبير ومغوار ، ومبدع بارز ، ومناضل شجاع أن يعيش ويمضي ، فهو من قلة نادرة من مفكري هذا العصر ممن عنوا بالتحليل العلمي للعلاقة بين الثقافة والامبريالية ، وشكلت ابداعاته الفكرية والنظرية ثورة معرفية في الثقافة العربية الجديدة .
اختط ادوار سعيد لنفسه طريق الكفاح مزوداً ومزوداً نفسه على الدوام بمعارف انسانية شاملة ، ومقدماً بدائل منهجية لكل ما هو فاسد ومتخلف في الحياة ، وآمن بأن دور المثقف يكمن في اثارته الاسئلة ليقلق الناس ، ويثير التأمل ويستفز الجدال والتفكير .
ادوارد سعيد الفلسطيني المتنور الحر ، الملتزم بقضايا عصره وشعبه ، المغكر الدارس الذي عاش من وظيفته ، وعاش للابداع والعقل الفكري ، تميز بين الاكاديميين بمطارحاته السجالية ودراساته المهمة وابحاثه المتشعبة في الاستشراق ، التي لاقت الاهتمام من العامة والنخب الثقافية والفكرية العربية والفلسطينية .
كان مثابراً بكل اشكال النضال الفكري لكسب معركة الانسان الفلسطيني في ارضه ووطنه وتراثه ، ولن تنسى فلسطين هذه الهالة والقامة الفكرية الشاخصة الفريدة في تشابكها مع الواقع ، الباحثة عن ما هو أفضل للوطن . انه خلاصة جيل غلب ثوابته ومبادئه على متغيرات أيامه ، فقاوم واعطى ، ولم يترك " الفراغ " يتسرب الى الثقافة المقاومة كما تسرب الى السياسة ، وبأعماله ونضالاته وسجالاته اعطى ادوارد سعيد صورة جديدة للنخبة الفكرية العربية في القرن العشرين ، فكان من صفوة المثقفين النخبويين العضويين وخيرة مناضلي شعبنا وامتنا .
ورغم غياب ادوارد سعيد جسداً ، لكنه ما زال وسيظل حاضراً بيننا وفي ثقافتنا وفكرنا الفلسطيني الديمقراطي .
بقلم/ شاكر حسن