البدء لم يكن أبدا أسطورة الشمس والرياح

بقلم: حامد أبوعمرة

قال لي لما قابلته ذات يوم ياعزيزي.. ما استغربه ،هو كيف ونحن أصحاب التاريخ العريق ،وقد شرفنا الله سبحانه وتعالى بخير الأديان على الأرض..ومع ذلك فالذوق العام ، والأخلاق وسلوكياتنا المجتمعية الايجابية .. تكاد تكون أوشكت على الانقراض ،لأننا تركنا تعاليم ديننا ،واتبعنا سبل الشيطان ، بينما في الغرب نجد عندهم أن الأخلاق مبنية على أساس قوي ومتين وحضارتهم المتأخرة رغم اللادينية التي تشملهم ،واللادينية بأبسط معانيها تعني بأن أولئك البشر يرفضون مرجعية الدين في حياة الإنسان ، ويؤمنون بحق الإنسان في رسم حاضره ومستقبله واختيار مصيره بنفسه دون وصاية دين أو الالتزام بشريعة دينية، ،ومع ذلك لازالت قائمة شامخة كأشجار الصفصاف .. قلت له هم أي الغرب قد استمدوا تطوراتهم وحضارتهم ،وسلوكياتهم من قلب عقيدتنا الإسلامية التي ضيعنا أسمى معانيها بأيدينا وهو أمر ليس بجديد فرسولنا وقدوتنا ومعلمنا محمد صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 1400 ، والأحاديث متواترة وكثيرة ، والتي حث فيها ديننا الإسلامي على حسن الخلق ،وحسن المعاملة ومنها على سبيل المثال لا الحصر..عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق و إن الله يبغض الفاحش البذيء . لكن رجال الفكر ،وأهل الحكمة في أوروبا أوفي الغرب قد روجوا من الأساطير ،ما يجعلهم يتفاخرون وكأنهم هم المصدر الرسمي أو للحقيقي للدعوة إلى الأخلاق ،ومنها تلك الأسطورة التي أفردها لتوضيح وتؤكد ما أقول ..ففي أسطورة اختلاف الشمس والرياح حيث أن هذه تقول أنها أقوى وأفعل وأشد بأسا ،وتلك تزعم هذه الصفات لنفسها دون الأخرى ،وأخيرا قالت الرياح للشمس أترين هذا العجوز المتدثر بمعطفه أتحداك أن تجعليه يخلع معطفه بأسرع مما أستطيع فقبلت الشمس التحدي ،وأهابت بالرياح أن تثبت قولها ،وأسرعت الشمس فاختبأت وراء غمامة ثقيلة ،بينما زمجرت الرياح وراحت تصول وتجول ،ولكنها كلما ازدادت عصفا كلما أحكم الرجل معطفه حول جسده ،وشد أطرافه إليه ..فلما يئست الرياح سلمت بإخفاقها ،وألقت سلاحها ،وهنالك بزغت الشمس وراء الغمامة ،وابتسمت في رقة ورفق للعجوز ،فما لبث أن تخلص من معطفه وعندئذ قالت الشمس للرياح أن للرفق أو للين قوة تفوق ما للغضب والعنف .

وهو كذلك أمر ليس بجديد فعلاج الغضب عندنا نستمده من قول الحق سبحانه عبر التعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فهو الذي يوقد جمرة الغضب في القلب ، يقول الله تعالى وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله فصلت 36 ، وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجلين يستبان ، فأحدهما احمر وجهه ، وانتفخت أوداجه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني لأعلم كلمة ، لو قالها ذهب عنه ما يجد ، لو قال أعوذ بالله من الشيطان ، ذهب عنه ما يجد ، وعلى الغاضب أن يكثر من ذكر الله تعالى والاستغفار فإن ذلك يعينه على طمأنينة القلب وذهاب فورة الغضب .

بقلم/ حامد أبو عمرة