في ظل الاجواء التي تعم اليوم قطاع غزة والضفة الفلسطينية , بالترحيب في المصالحة الوطنية بعد الجهود المصرية، وسط دعوات متزايدة لتأكيد إنهاء حقبة الانقسام وتحويل الاتفاق إلى حقيقة على أرض الواقع.
على رغم كل الشكوك وعلامات الاستفهام وتجارب الماضي المريرة، تبقى المصالحة ، حدثاً استثنائياً وفلسطينياُ بامتياز في ظل اجواء الاحباط واليأس التي تسود الجمهور الفلسطيني في الضفة وغزة على حد سواء،وما يؤسف له ان السنوات الأخيرة من الانقسام الفلسطيني وتجربة قيام سلطة في غزة تحت اسم اللجنة الادارية ،جعلت الجميع ينسون السنوات الطويلة التي كان فيها الفلسطينيون شعباً واحداً، ولهم قيادة سياسية موحدة تمثلهم، وسمحت للقوى المعادية بتصوير المصالحة الفلسطينية بأنها تمثل خطراً نتيجة خطين سياسيين مختلفان كليا في الجوهر والمضمون الا انهما يتحدثان بلغة واحدة عن فلسطين .
من هنا جاء الوقت لانهاء الانقسام ، لانه يلحق الضرر بالقضية الفلسطينية ولمواجهة التناقض الأساسي مع الاحتلال ، فنحن ما زلنا في مرحلة تحرر وطني لم ينجز الشعب الفلسطيني أهدافه الوطنية بعد ، ومن يتابع المواقف السياسية لجميع الفصائل والقوى الفلسطينية ، يجد فيها أن الجميع يطالب بمراجعة سياسية وطنية والاتفاق على إستراتيجية عمل واحدة وتغليب المحاصصة والإرادة السياسية لانهما هما الأساس في المشكلة التي تضرب عميقاً بالشعب والقضية ، وتلحق أفدح الضرر بها .
نحن اليوم امام اختبار حقيقي حيال الشعب الفلسطيني والعالم بأسره الذي ينظر بريبة وحذر الى المصالحة ، وعلى رغم هذا كله، فالأكيد اليوم ان المصالحة الفلسطينية ووحدة الصف الفلسطيني اهم من سلام مستحيل.
لذلك فكل مكونات الشعب الفلسطيني ، وهو موجود ويقوم بدوره ويناضل ضد الاحتلال ومن أجل حقوقه الوطنية وما زالت مختلف طبقاته وفئاته الاجتماعية تقوم بدورها وهي تقوم به رغم أية تراجعات هنا أو هناك أو مواقف لهذه القوة أو تلك .
ان الحركة الوطنية الفلسطينية والقوى الوطنية والديمقراطية الفلسطينية يجب ان ترتقي بموقعها الوطني من خلال وحدتها ، لأسباب عديدة أولها أننا في معركة تحرر وطني والمطلوب من قوى الشعب كافة المشاركة في المصالحة والاتفاقات الموقعة .
وفي ظل الاوضاع التي عاشتها الساحة الفلسطينية كانت القوى الوطنية والديمقراطية حريصة كل الحرص على منظمة التحرير الفلسطينية وبرنامجها الوطني في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس ، ووقفت لتشكل صوتا رافضا لاستمرار المفاوضات الثنائية برعاية
امريكية واكدت على ان البديل هو عقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ، مع التمسك في الكفاح الوطني بكل الأساليب والأشكال هو حق للشعب العربي الفلسطيني وهذا ما قررته الشرعية الدولية .
وفي ظل الظروف الراهنة وبعد الوصول الى تفاهمات في القاهرة من اجل تعزيز الوحدة وانهاء الانقسام وتسلم حكومة التوافق الوطني مهمتها ، نؤكد على اهمية الوحدة الوطنية و الشراكة الوطنية الحقيقية .
أن من يريد إنهاء الاحتلال للأرض والشعب الفلسطيني عليه أن يتوحد وفق البرنامج السياسي والأسلوب النضالي المشترك في كل محطة ، وهذا لا ينفي ولا يلغي أي موقف لأي طرف كان ما زال ملتزماً بمنظمة التحرير الفلسطينية كإطار وطني وممثل شرعي وحيد للشعب العربي الفلسطيني ، وملتزماً مشروعها الوطني ، أكان ماركسياً أم إسلامياً وما بينهما ، والعمل من اجل الاسراع في عقد المجلس الوطني وانتخاب اللجنة التنفيذية وتفعيل وتطوير مؤسسات منظمة التحرير باعتبارها الإطار الناظم لجميع القوى المكونة لها ، ومعالجة ما يواجه شعبنا من مصاعب ومشكلات وفق ذلك .
إنني أرى رغم الصعوبات رغم كل الصعوبات الجمة ، إن شعبنا وقواه السياسية والاجتماعية سيبقى يناضل من أجل حقوقه ، ومدافعاً عن أهدافه بالعودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس ، وشعبنا وقواه لا زال يمتلك القدرة على ذلك ، ومن خلفه أشقائه العرب وأصدقائه في العالم جميعاً ، فلا نيأس، وان إنهاء الانقسام اليوم ، يشكل اهم فرصة لمواجهة مخططات الاحتلال والتحديات الأخرى، ونحن نؤكد ان الإرادة السياسية الفلسطينية عند حركتي فتح وحماس باتجاه المصالحة والوحدة هي التي تضمن مواصلة طريق النضال حتى تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والعودة والاستقلال .
بقلم/ عباس الجمعة