مؤشرات الصعود الإستراتيجي للمؤتمر الشعبي

بقلم: علي هويدي

شكّل اللقاء الثالث للأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج محطة إستراتيجية متصاعدة ومتقدمة انطلقت من نص وروح البيان الختامي للمؤتمر الذي تم الإعلان عنه من مدينة اسطنبول في شباط/فبراير 2017. اللقاء الذي عقد في بيروت طوال يومي 29 و 30 أيلول/سبتمبر 2017 ، أجاب بمخرجاته والبيان الصادر عنه على الكثير من التساؤلات التي تُطرح من حوالي 8 أشهر، وظهرت بشكل جلي من خلال 10 مؤشرات.

الأول تمثل بوجود نسبة عالية من التوافق والإنسجام بالأفكار والمقترحات على الرغم من حدية وسخونة الطرح والتباين والتحفظ أحياناً في بعض المحاور وهذا منطقي، عدا عن إبداء الآراء المختلفة في نقاش ديموقراطي حر غلب عليه إحترام الرأي والرأي الآخر وتقدُّم لرأي الأكثرية، وما كاد يخلو محور نقاش من التصويت برفع الأيدي والتعداد والإعتماد وبحضور كل من رئيس الهيئة العامة ونائبيه وأمين السر سلمان أبو ستة ونائلة الوعري وماجد الزير ومحمد الأنصاري وكذلك بحضور الأمانة العامة ممثلة بالأمين العام ومساعده منير شفيق وهشام أبو محفوظ ورئيس دورة الإنعقاد الأولى للمؤتمر أنيس قاسم وحضور فاعل للمرأة وللشباب.

المؤشر الثاني إنعكس من خلال تخصيص يوم كامل لمناقشة الخطة الإستراتيجية للمؤتمر قبل يوم واحد من انعقاد يوميْ اللقاء الموسع وبحضور رئيس وأعضاء الأمانة العامة والهيئة العامة، ومجموعة من الخبراء والمتخصصين من أعضاء الأمانة وتم بموجب اللقاء اعتماد الخطة الإستراتيجية للمؤتمر، حيث جرى عرضها في لقاء اليومين وجرى اعتمادها من قبل كل من الأمانة العامة ورئاسة الهيئة العامة بعد التوافق على إجراء بعض التعديلات المهمة على أن يجري عرضها على الهيئة العامة للمؤتمر لإقرارها النهائي.

المؤشر الثالث برز من خلال اعتماد لجان المؤتمر بعد دمج بعض اللجان مع بعضها واعتماد الخطوة اللاحقة بأن تقوم كل لجنة بإعداد خطتها والتي ستكون مستوحى من الخطة الإستراتيجية والبيان الختامي للمؤتمر.

المؤشر الرابع تمثل باعتماد خطة المؤتمر الخاصة بإحياء ذكرى مئوية تصريح بلفور بالشراكة مع مؤتمر فلسطينيي أوروبا والتي حملت عنوان "بلفور: مئوية مشروع استعماري" وقد أفرد لها اللقاء مساحة مهمة من البحث والنقاش، عدا عن استكمال التحضيرات لمؤتمر دولي لإحياء الذكرى سيعقد في بيروت خلال النصف الثاني من شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم.

المؤشر الخامس يكمن في أهمية ما قام به المؤتمر من حراك شعبي ضاغط ساهم مع غيره في تأجيل إنعقاد القمة الإفريقية الصهيونية التي كان مقررة في نهاية شهر تشرين الأول/أوكتوبر الحالي في مدينة لومي عاصمة توغو باستهداف عدد من السفارات برسائل متخصصة وزيارات ميدانية لعدد من سفارات الدول الافريقية بما فيها سفارة توغو سواء لشكرها على المقاطعة أو التحذير من المشاركة وهو ما شكل إضافة نوعية لتحقيق أهداف المؤتمر.

المؤشر السادس برز من خلال المزيد من تبديد المخاوف التي لا تزال عالقة عند البعض بأن المؤتمر يسعى كي يكون بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية فقد أكد المؤتمر في بيانه على "إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية بحيث تجري إنتخابات حرة ونزيهة في كل أواسط الفلسطينيين في الداخل والخارج والدعوة لانتخابات مجلس وطني جديد يفرز لجنة تنفيذية تكون قادرة على وضع برنامج وطني جامع وإعلان التخلص من إتفاقيات أوسلو ومحذراً من إنعقاد المجلس الوطني تحت الإحتلال في رام الله إذ ذلك يعد "محاولة من سلطة أوسلو لشرعنة المزيد من التنازلات المتتالية عن الحقوق الفلسطينية وحرف مسار النضال الفلسطيني عن أهدافه والإمعان في مصادرة م. ت. ف".

المؤشر السابع ظهر بسعي المؤتمر ومحاولة ابتكاره لطرق ووسائل من شأنها أن توفر الدعم المالي لتغطية نفقات الأنشطة والفعاليات، على ان تقوم اللجنة المالية بدورها في إعداد خطتها التي تتوافق مع فلسفلة ومنهجية المؤتمر القائمة على التبرعات غير المشروطة.

اما المؤشر الثامن فيتضمن اعتبار سنة 2018 حيث ذكرى مرور 70 سنة على نكبة فلسطين عاماً شاملاً للتحرك في أماكن تواجد الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

المؤشر التاسع ظهر مع بدء خطوات المؤتمر تجاه الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والبرلمانات الدولية والجهات الشعبية المساندة لفلسطين، وذلك بدا من خلال كلمة لرئيس الهيئة العامة الدكتور سلمان أبو ستة في مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر/أيلول الماضي.

المؤشر العاشر بأن دعا المؤتمر لأهمية التكامل بين الداخل والخارج وتوجيه التحية والدعم بالوسائل المتاحة لانتفاضة القدس المستمرة من تشرين الأول 2015 مؤكداً على قدرة الشعب وقواه الحية على المقاومة والتصدي والصمود واجتراح الانتصار كما تحقق في معركة المسجد الأقصى ضد الحواجز الإلكترونية وأجهزة التصوير.  

ما تقدم بتقديرنا يعطي صورة مشرقة لعمل مؤسسي نوعي إستراتيجي تراكمي وتصاعدي يستنهض دور فلسطينيي الخارج في معادلة الصراع مع العدو الصهيوني، ويُبنى عليه في سياق بناء المشروع الوطني الجامع الذي يؤكد على الثوابت الفلسطينية وعدم التفريط بحقوق الشعب الفسطيني في أرضه المغتصبة، والتأكيد على أن فلسطين كلٌّ لا يتجزأ من البحر الى النهر ومن رأس الناقورة الى أم الرشراش.

بقلم/ علي هويدي