نميمة البلد: مسيرة النساء “الفلسطينيات والإسرائيليات“ ... والمبادئ التوجيهية

بقلم: جهاد حرب

يثير النقاش الدائر في صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام حول مسيرة النساء "الفلسطينيات والاسرائيليات" مسألة مفاهيمية جوهرية تتعلق بوسائل العمل أو البرنامج النضالي للفلسطينيين ورؤيتهم للآليات المطلوبة والممكنة والتي تحقق التأثير الأكبر أو على الأقل تأثيرا لصالح الفلسطينيين. وهو نقاش دائم عبر تاريخ النضال الفلسطيني يأخذ اشكالا مختلفة حول الوسائل. ففي الخمسينات والستينات من القرن الماضي جرى النقاش حول الكفاح المسلح ونجاعته ما بين حرب التحرير الشعبية وحرب الجيوش الرسمية، ومن ثم جرى ناقش في السبعينات حول اختطاف الطائرات كوسيلة نضالية، وفي التسعينيات أيضا بات النقاش حول العمليات التفجيرية في مدن الاسرائيلية والداخل المحتل وكذلك الأمر في الانتفاضة الثانية. كما ان النقاش في مستمر اليوم حول جدوى وعدم جدوى امتلاك الصواريخ مقابل المقاومة الشعبية السلمية في مواجهة الاحتلال.

الإشكالية الأساسية هي أن كل طرف، في كل الزمان، يرى أنه على حق أو يمتلك الحقيقة دون غيره في البلاد أو هو صاحب المشروع الوحيد دون الدخول في حوار "وطني" للاتفاق على الأسلوب والوسيلة أو الأساليب والوسائل المطلوبة والممكنة التي تخدم الهدف الأسمى لهذا النضال، أو الاتفاق على المعايير الواجبة لاستخدام هكذا أسلوب أو وسيلة يمكن تبريرها أو تقديمها للمجتمع الفلسطيني.

وبمعنى آخر يمكن أن أكون مقاطعا للاقتصاد الإسرائيلي وناشطا في حركة "BDS" وفي الوقت نفسه مشاركا في اختراق المجتمع الإسرائيلي وناشطا في "لجنة التواصل"، وقد أكون في أحدهما وغير مقتنع بالمشاركة في الوسيلة الأخرى. هذه مسألة اختيارات وقناعات لكن الأهم عدم العبث أو اهدار الوقت في الصراع الداخلي، تخوينا وتكفيرا وشتما، لتحقيق الغلبة على بعضنا بالقدر اللازم لاستثمار القدرات الكامنة لدى الأطراف والجماعات والمجموعات المختلفة. واجزم هنا أن جميع المسارات مطلوبة؛ فلم يتحرر شعب من الاستعمار دون مقاومة بأشكال مختلفة وفقا لإمكانياته وقراءته للظروف الموضوعية والذاتية، ودون اختراق لمجتمع الاستعمار ذاته وإقامة تحالف مع حركات أو أطراف أو تجمعات داخله بدواعي مختلفة أو أسباب متعددة سواء كانت تلك ايمانا بالحقوق أو ضحايا العنف، وهما يسيران جنبا الى جنب.  

في ظني أن المسألة الرئيسية الغائبة في الفهم الفلسطيني، وعودة على بدء أي النقاش الحاد الجاري هذه الأيام، يرتبط بمسألتين هما عدم الاتفاق أصلا على الوسائل أو على الأقل على المبادئ التوجيهية للوسائل المختلفة أولا، ما يتبعه عدم فهم تناغم المسارات المتعددة للوصول للهدف الوطني ثانيا.

بقلم/ جهاد حرب