مبادرة ومقترح عملي لتشغيل الشباب

بقلم: سلامه ابو زعيتر

تعتبر قضية الشباب والخريجين والمهنيين العاطلين عن العمل التحدي الابرز والاخطر من مشاكل الشباب التي تواجهها الحكومة وكافة مكونات المجتمع الفلسطيني، لما تحمل من تأثيرات وانعكاسات على الابعاد الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والسياسية، فقد بلغت نسبة البطالة في فلسطين 29 حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حتى الربع الثاني 2017 بنسبة 20.5 الضفة الغربية، 44 غزة، حيث يقدر عدد المتعطلين عن العمل ما يقارب 400 ألف شخص في فلسطين، منهم في قطاع غزة 240 ألف شخص، وتقدر نسبة الشباب العاطلين عن العمل 66 ونسبة النساء المتعطلات عن العمل 78، وتجاوزت نسبة البطالة بين الخريجين في قطاع غزة 80.

هذه الارقام والنسب تشكل مؤشرا لكارثة حقيقية، وخطر يهدد مستقبل الشباب واستقرار المجتمع وأمنه، فالمجتمع الفلسطيني مجتمع فتي وشاب حيث يبلغ نسبة الشباب فيه 29.6، وهذه المؤشرات تؤكد على ضرورة وأولوية التدخل لصالح قضايا الشباب، وبحث سبل العلاج لهذه الاشكالية خاصة في المراحل الاولي من تطبيق المصالحة الفلسطينية، وتمكين الحكومة من القيام بواجباتها على الارض بشكل فعال وملموس، وخاصة في قطاع غزة، فرعاية الشباب من كلا الجنسين، ووضع خطة استراتيجية للتشغيل وخلق فرص عمل جديدة تعد الخطوة الاولي لتخفيف حدة الاختناق والضغوط والتوتر والارباك لدي الشباب، وتساهم في تجديد الامل والتفاؤل لديهم ومن هنا أقترح مبادرة من عشرة خطوات ممكن البناء عليها في المرحلة الاولي لتشغيل وخلق فرص للعمل وهي التالية

العمل على مشاركة الشباب بشكل فعال وملموس في الاعداد والتخطيط، ومراحله التنفيذ، لأي برامج تستهدفهم كشريك أساسي باعتبارهم الأكثر دراية ومعرفة بمشاكلهم، ولديهم المقدرة على التعبير عنها، ويمتازوا بالأبداع والابتكار والتنوع بتقديم المقترحات وهذا يساعد في التخطيط السليم والفعال والموضوعي.

ضرورة البدء الفوري بتوفير برامج للتشغيل مؤقت تستهدف الخريجين والخريجات بدون استثناء على قاعدة العدالة وفق اليات تشغيلية ومعايير واضحة وشفافة، بهدف دمجهم في سوق العمل وتدريبهم وتمكينهم من مهارات جديدة، وهذه كمرحلة اولي إسعافيه سريعة، على أن يتم ضمان فرصة عمل واحد على الاقل لكل خريج في المرحلة الاولي المؤقتة وبما يضمن العدالة والنزاهة، ويجدر الاشارة هنا أن التشغيل بهذا الصدد لا بد أن يكون ضمن رؤية تدريبية ورفع كفاءة وتأهيل للدمج في سوق العمل، على ان يتم ربطها بخطة تنموية بالمستقبل.

دعم القطاع الخاص وتمكينه بتوفير الاحتياجات والمواد الاساسية، وفتح الاسواق امام المنتجات الوطنية وخاصة السوق المحلي، ووضع القيود على المستورد، وتقديم كل التسهيلات والدعم للقطاعات الانتاجية القادرة على التوسع في الاقتصاد الفلسطيني، وتدريب الشباب وتمكينهم بمهارات تناسب احتياجات سوق العمل وهذه القطاعات.

تقديم الرعاية والدعم للمبادرات والمشاريع الشبابية الناجحة والمؤهلة، والعمل على تذليل العقبات وتقديم التسهيلات للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر بمنح مالية وبرامج اقراضية ميسرة بدون أرباح، ومتابعتها ومراقبتها ومدها بالدعم الفني والمالي، بما يحقق نجاحها واستمراريتها وتوسعها.

ضرورة العمل على تعزيز ثقافة التعاونية والعمل التعاوني بدعم التعاونيات الانتاجية والتسويقية والصناعية......الخ، كأحد أشكال الاستثمار الجماعي التعاوني المساند لتعزيز الاقتصاد المحلي وتنميته.

العمل على تشغيل الشباب من قطاع غزة في الضفة الغربية، وخاصة في القطاعات والمجالات التي تحتاج عمال ويوجد عجز فيها وتحتاج أيدي عاملة، والسعي لإعادة تشغيل العمال داخل الخط الاخضر واسترجاع حقوقهم واستثمارها.

البحث عن أسواق عمل بديلة وجديدة في الخارج تستطيع استيعاب الاعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل، خاصة وأن قدرة سوق العمل الفلسطيني لاستيعاب عمال جدد سنويا لا تزيد عن 1012 في أحسن الاحوال، وذلك بتوقيع عقود شراكة وتعاون برعاية منظمة العمل الدولية والعربية بما يحفظ الحقوق، ويوفر العمل اللائق مع الدول التي لديها قدرة على استيعاب عمال مهرة في الخارج كدول الخليج وغيرها، ويمكن هنا التركيز على تطوير وتوسيع سبل العمل عن بعد وصناعة البرمجيات وخلافه، وعمل حاضنات للأعمال وتنظيمها بلوائح أو قانون ينظم عملها.

إعادة النظر بسياسات التعليم العالي والتدريب المهني بشكل جذري وصياغتها بمنهجية وموضوعية لتتوافق واحتياجات سوق العمل والمهن الحديثة وتواكب التطور والتكنولوجيا في أسواق العمل.

اعادة تطوير التشريعات والقوانين التي تتعلق بالاستثمار، والحقوق الاجتماعية العمالية، بما يخلق بيئة قانونية محلية ذات بعد تنموي وعادلة، تساهم في استقطاب مستثمرين وتحفظ حقوق العمال وتعزز علاقات العمل.

استثمار الامكانيات والمصادر المحلية في خلق فرص عمل من خلال العمل على اقامة مناطق صناعية جديدة، وإعادة دراسة واقع المحررات وهيكلتها وتطوير الخطط فيها بما يسمح لتحويلها لمصادر للإنتاج الزراعي والصناعي بما يساهم في استيعاب العمال الجدد، والضغط سياسيا لإقامة ميناء بحري لتسهيل انتقال البضائع وتطوير مهنة الصيد.

هذه الخطوات العشر بمثابة خارطة طريق للتشغيل وخلق فرص عمل جديدة، وبالإمكان العمل عليها في واقعنا الفلسطيني، ووضع خطط عمل تفصيلية وتنفيذية لكل خطوة وهدف، على أن يتعاون كافة الشركاء الاجتماعيين ممثلين بالحكومة الفلسطينية، وممثلي العمال، وممثلي أصحاب العمل، وممثلين الشباب، والمجتمع المدني كشركاء متضامنين في التخطيط والتنفيذ والرقابة والمتابعة والتقييم، بالإضافة لتفعيل دور الجهات ذات العلاقة في التشغيل وخلق فرص العمل وخاصة الصندوق الفلسطيني للتشغيل باعتباره مظلة وطنية، ووزارة العمل ووزارة التربية والتعليم العالي، ووزارة الشئون الاجتماعية ووزارة الشباب ووزارة المالية ....الخ، بحيث تسخر كل الجهود والطاقات لهذا الهدف، وأن تقوم عملية التنفيذ على أسس الحوكمة الرشيدة وبما يضمن العدالة ويحقق التنمية المستدامة، ويساهم في تخفيف معاناة شبابنا وعمالنا العاطلين عن العمل والتي أمست مشاكلهم تهدد الواقع الاجتماعي والمستقبل الوطني والاستقرار.

أخيرا إن العمل حق لكل شخص قادر عليه، وهو هدف يسعى دائما الحصول عليه، فمن خلاله يحقق الانسان آماله ويزيد من مهاراته وقدراته، وينمي مستوى تفكيره ويصبح أكثر وعيا وإدراكا في تعامله مع الآخرين، وهذا دليل على أهميته، لذا فهو حق ومطلب وواجب، ومن مسؤولية وواجب الحكومة بالدرجة الاولي وفق القوانين والتشريعات توفير فرص عمل لكل شخص قادر عليه بدون تمييز وبشكل عادل.

بقلم/ د. سلامه أبو زعيتر