تجربة المرحلية ... والتكتيك ... وقد خاب الظن بهما ... ولم تأتي أكلهما ... والثمار المنتظرة منها ... والتي كنا بانتظارها ... ووعدنا بها ... وبنتائجها المرضية لنا ... والملبية لطموحاتنا ... حتى وجدنا أنفسنا أمام ما نحن عليه اليوم ... وهذا لا يعني بالمطلق أن الأخطاء والعيوب تكمن بمفهوم المرحلية والتكتيك ... بقدر ما كانت العيوب والأخطاء بمن لم يلتزموا بتنفيذ بنود ما تم الاتفاق عليه ... وتهربوا من دفع الاستحقاقات ... وتحمل المسؤوليات ... وماطلوا ... حتى يمكن إحداث المزيد من المتغيرات والوقائع ... التي تصعب الحلول ... وتعقد المشهد .
ما ذكر سالفا حدث مع المحتل الإسرائيلي باتفاقية أوسلو بالعام 93... ومراحلها الثلاثة التي كان يجب الانتهاء منها بشهر مايو بالعام 99 ... والذي كان من المفترض ان يتمخض عنها دولة فلسطينية وانسحاب إسرائيلي لحدود الرابع من حزيران .
السنوات وقد مرت وزادت من الأطماع ومتغيرات الواقع ... وأحدثت المزيد من إعداد المستوطنات وتعداد المستوطنين غير الشرعيين ... وما جرى للمنطقة من متغيرات وأحداث إقليمية ودولية ... جعلت من أوسلو اسما .... وذكرى ... للمصافحة التاريخية ... لا أكثر ولا اقل ... وجعل منها التزاما وطوقا علينا ... وليس حقوقا لنا .
تجربة المرحلية والتكتيك ... وإطالة أمد الحوارات واللقاءات وتعطيل تنفيذ الاتفاقيات ... أوقعنا بما نحن عليه ... كما نحن اليوم وقد وقعنا منذ الانقسام الأسود بالعام 2007 وما تم بعد ذلك من اتفاق القاهرة بالعام 2011 أي أننا نتحدث عن ما يزيد عن أربع سنوات ما بين الانقسام والاتفاق ... وما يزيد عن سبعة سنوات ما بين الاتفاق وعدم تنفيذه ... وما أحدثته الوقائع من متغيرات وأحداث يصعب حصرها ... وتناولها ... حتى لا نعقد المشهد الداخلي بأكثر ما هو عليه من تعقيدات وتحديات تزداد علينا مع كل لحظة تأخير ... على طي هذه الصفحة السوداء التي لا يجب الانتظار أمامها ... ولا التأمل فيها ... فليس فيها ما يمكن أن يفرح احد ... بقدر ما يثير فينا الغضب ... وطرح السؤال حول الجهة التي سوف تدفع ثمن فاتورة عذاب ما يزيد عن عشر سنوات ولا زلنا على حالنا برغم فرحة الأيام الماضية ... والتي لا زالت بشائرها أمام أعيننا ... ولا نريد ان تغادرنا ... بل نريد ان نؤكد على لحظتها التاريخية ... ومشهدها المفرح ... والآمال التي تعززت ... حتى لا يسرق الحلم منا ... وحتى لا يشعرنا احد بأننا بقلب الصحراء .. وليس أمامنا إلا السراب .
ما تم تسريبه عبر الإعلام ... وما أكثر ما يتم تسريبه ... وما يتم تناوله .. وما يتم تعدد مصادره ... حول الكثير من القضايا التي تثير فينا الكثير مما يجب تناوله وتحليله ومتابعته ... بحكم المهنة ومتطلباتها وحتى نتأكد منها .. او يتم نفيها ... لكننا نتعامل معها وكأنها خبرا واقعا وصحيحا ... حتى يثبت العكس او يتم التأكيد عليها .
التصريحات الإعلامية تتحدث على أن حركة حماس تتمسك بحقها بالمشاركة بحكومة الوحدة الوطنية ... إذا ما تم الاتفاق عليها بالقاهرة ... وهذا حق لحماس كما حق لغيرها ... مع أهمية الأخذ بالاعتبار نتائج التجارب السابقة ... والمواقف المعارضة وما يمكن ان تحدثه المشاركة من أخطار محدقة ... وفرصة سانحة لأعداء المصالحة .
ونحن أمام التسريبات وما جاء بوسائل الإعلام حول التدرج التصالحي المطلوب ... وحتى لا نقع بمنزلقات جديدة من وجهة نظر حركة فتح ومجلسها الثوري والمركزي ... وبالمقابل إعلاميا الحديث عن صفقة كاملة من وجهة نظر حماس ... مما يجعلنا أمام واجب الكتابة والحديث والتحليل ... والقول حول الفارق ما بين التدرج والصفقة ... كما الفرق بين التكتيك والاستراتيجي ... وما بين المرحلية والحل النهائي ... ولا يجب علينا ان نتوقف كثيرا أمام مثل هذه التعبيرات والمصطلحات وحتى التجارب التي مررنا بها والتي لا زالت تولد لدينا خيبات الأمل ... وضباع الكثير من حقوقنا ... وسلب الكثير من مقومات حياتنا .
القول الفصل ... أن المصالحة الحقيقية يجب ان تبنى على أرضيه وطنية صالحة وخالصة ... ووقائع سياسية داخليه سليمة ... وإمكانيات متوفرة لإنجاح كل خطة وهدف وقرار ... وان لا يكون احد منا يشعر بالمرارة والمخاوف ... او حتى خيبة الأمل او الخسارة ... بل يجب ان يكون الجميع منا رابحا من وراء تحقيق هذه المصالحة ... لان إطفاء النار تحت الأرض والشعور بالأمان بعدم تكرار لهيبها ... خوفا من إعادة اشتعالها ... مسألة هامة ... ويجب الحذر منها ... وعدم تكرارها بكافة الأحوال والظروف ... ولا يجب ان نسمح بها جميعا .
من هنا ... وبرغم المقدمة ومرارتها ... وما فيها من لمز وغمز ومحاولة عدم التصريح ... لكل ما في التحليل من كلمات وعبارات ... حتى نحافظ على المناخ القادم ... واللقاء المرتقب بقاهرة العروبة ... حيث سيتم استضافة الإخوة بحركتي فتح وحماس والتي يمكن ان نقول لهم بصريح العبارة ... وصدق التوجهات ... والنوايا الحسنة ... والمصالح العليا لكم ولشعبكم ... ان تسلكوا طريق القاهرة وليس غيرها ... القاهرة بكل توجهاتها .... وسياساتها ... وقراراتها وما تراه مناسبا بحكم خبرتها ... ومعرفتها ... ودرايتها بكافة التفاصيل وحيثيات الواقع ... وبحكم أنها الضامن والداعم والراعي للمصالحة وإنهاء الانقسام وترتيب ما بداخلنا ... وما يعترض طريقنا ... وما يزيل من مخاوف كلا منا ... وحتى تطمئن القلوب ... وتستقر العقول ... ويشعر كلا منا انه قد عاد ... وقد حقق لنفسه ولوطنه ولشعبه ما كان ينتظر ويحلم بتحقيقه .
لقاء القاهرة ... لقاء حاسم ... وذات سيناريو واحد ووحيد ... ولا خيار بديل عنه ... باعتباره ذات علاقة بالوجود ... والوحدة ... والانتصار على الذات ... وتحقيق النصر .. وتعزيز مقومات الصمود .
لقاء القاهرة ... لا تتوفر فيه المزيد من ساعات الجدل ... ولا المزيد من شطارة المتحاورين ... وهذا لا يعني بالمطلق عدم البحث والتقدير ... وإمكانية التغيير ... بكل ما استجد من وقائع بحكم الأمر الواقع والتي حدثت ما بعد الانقسام بالعام 2007 ... وما حدث بعد توقيع اتفاق القاهرة بالعام 2011 ... على قاعدة أن كل ما جرى غير ملزم ... وغير قانوني ... وغير شرعي ... فالحقوق لا تسقط بالتقادم ... ولا يعتبر الزمن المفتوح كفيلا بجعل الوقائع وكأنها قانونية ونافذة ... وغير قابلة للإلغاء .
كل شيء تغير ما بعد أحداث 2007 واتفاق القاهرة بالعام 2011 يعاد فتح ملفاته وتصويبها بما يحفظ حقوق الجميع ... حتى لا تبنى المصالحة الوطنية على وقائع خاطئة .
لقاء القاهرة ... لقاء السيناريو الوحيد ... ذات العلاقة بالنجاح والحرص عليه .. لتحقيق الوحدة ... والتنازل عما تحقق من مكاسب الزمن الأسود .... والذي لا يبنى عليه صلح وطني ... وانهاءا للانقسام ... بل أن الحقوق يجب ان تبنى على الحقائق والقوانين والأنظمة .
نتمنى من لقاء القاهرة النجاح ... في ظل إرادة قوية وشجاعة بتحلي بها الوفدين ... في ظل رعاية ومحبة وحرص مصري على النجاح ... باعتباره الخيار الوحيد ... بل السيناريو المتاح ... الذي لا مناص عنه .... ولا خيار غيره .
الكاتب وفيق زنداح