حصار الثقافة الوطنية بابجديات وتجربة فاشلة :-
عملية تجهيل العقل واقصاؤه تعني حالة التبعية للاخرين ومحاولة ادخال المبادئ والقيم الاجتماعية والأخلاقية المقبولة لدى الحزب او الفصيل او المؤسسة والتي قد تخرج في بعض المراحل عن تصورات الفرد وقناعاته وطريقة تفكيره وبالتالي هي عملية اعتقال للعقل ان حاول تحرير ذاته فانه يلقى عدة عقوبات مختلفة الشدة المادية والمعنوية.
من المفيد ان نتحدث عن تحرير العقل بالمعنى الفلسفي والانساني لهذا التحرير, وحرية التفكير والتحليل والاستقراء , وتحرير العقل العقل يعني تمتع هذا العقل بالقدرة على التفكير المستقل في جميع المناخات والظروف في البيئات السياسية والاخلاقية والاجتماعية والاقتصادية ودون وجود محبطات قسرية على طريقة التفكير ومناحيها ,او فرض عليه افكار معينة لا يتقبلها العقل أو الوطنية بعمقها التاريخي والادبي والاخلاقي او عدم سيطرة الآخرين أو مبادئهم أو أفكارهم على سلوك الأفراد الآخرين، وبالتحديد عدم سيطرة الآخرين على طريقة تفكير الأفراد وأحاسيسهم وعواطفهم ومشاعرهم.!
تحرير العقل يبدأ بعدم التناقض مع الذات تلك الحالة التي تفرض نموذجا من الصراع بينما المكيفات المصلحية للفرد وقناعاته الشخصية ولكي يتحرر العقل عن طريق استبعاده من النرجسيات الذاتية و النزعات العدائية تجاه الآخرين ,ومن العادات التي تصنف الآخرين حسب احزابهم وانتماءاتهم وفصائلهم ومعتقداتهم ولون جلودهم وثقافتهم وهي معايير اعتقال العقل في حقل النزعات التي تفتت الاسرة والشارع والقرية والمجتمع..
في واقع الادلجة للافراد نحتاج في هذه المرحلة المنقسمة المشتته اعادة غسيل لطغيان الاحزاب وسلوكياتها وتبعياتها التي ادت الى انقسامات عمودية وافقية في المجتمع الفلسطيني بناء على الحزب او الفصيل , وهي سمات مراحل من الفشل ادت الى انهيار الحالة الوطنية ووحدتها وقد يكون ما تبقى من ارض الوطن مهدد بالانتماء لرقعات جغرافية اقليمية لتذوب معاني مفهوم الوطن والمواطنة المرتبط بالتاريخ والمصير المشترك وبذلك من الضروري غسيل وتحرير العقول من مراحل سابقة وفاشلة. .
مصطلح الأيديولوجي يتم ذكر لدى الكتاب والادباء والمثقفين في حين انهم لا يملكون هدفا او رؤية واضحة لمفهوم الايديولوجيا وينصب بعضهم وصيا ومعلما لتلك الايديولوجيا او لتلك طريقة التفكير, وهي اشكالية استخدام المصطلحات كطريقة للاستيلاء واعتقال العقل. .
كل إنسان لكي يكون موجودا يجب ان يفكر وبذلك يحقق انسانيته اولا ووطنيته ثانيا بعيدا عن مكتسبات او املاءات والا يبقى الفرد مقهورا ومعتقلا ، ومن هنا نستطيع القول ان القليل قد يستطيعون محاربة الايديولجيات المختلفة والمتصارعة كواقع على الكرة الارضية تتفشى فيه النزاعات والتجاذابات بين هذا الطرف او ذاك . فهناك من نصبوا انفسهم كبديل عن الناس في تفكيرهم بغرض القيادة والسيطرة , وفي عمق المكون للجماعة يفقد الفرد حريته وسيطرته على ذاته وعلى عقله في ظل تحرك الجماعة ويخشى الخروج خارج السرب .
يقول الفيلسوف الروسي “ليو توليستوي أن “المفكرين الأحرار هم أولئك المستعدون لاستعمال عقولهم بدون حكم مسبق، وبدون خوف، لفهم الأِشياء التي تتعارض مع أعرافهم وامتيازاتهم، وما يؤمنون به،
بالتأكيد اننا بحاجة الان للانعتاق من مقيدات ومناخات الستينات التي افرزت ايديولوجيات وفصائليات , والتي لم تضيف للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية شيئا ، بل كل منها اعتقل العقل الفلسطيني في مجموعة مصالح ومكيفات بالتأكيد تتعارض مع العقل الوطني المجرد ، فظهرت النزاعات والجهويات والجغرافيات الضيقة لتأخذ برامج مغلفة بايديولوجيات ومنهجيات اعتقلت العقل الفلسطيني والمكون الفلسطيني. .
تحرير العقل الفلسطيني يحتاج لحالة ابداع تلتف حولها الجماهير والخيار الشعبي لتحرير العقل الفلسطيني من معتقليه كي نعيد الكرة من جديد لتحرير الثقافة الوطنية ولكي نتناول قضية تحرير الارض بافق يختلف عن افاق ودروب انتجت حالة الاعتقال لا اكثر.
سميح خلف