مبارك لفلسطين ولكن ماذا بعد

بقلم: جبريل عودة

المصالحة الفلسطينية مطمح كل غيور على قضيته والوحدة الوطنية غاية الأحرار وصمام الأمان لقضيتنا الفلسطينية والفرقة مسبة مشينة تلطخ إسم فلسطين المشرق والإنقسام مرض عضال ينهش في جسد الوطن ولعل شعبنا الفلسطيني وهو يعيش معركة التحرر وحالة المقاومة المتواصلة ضد المشروع الصهيوني الإستيطاني ليس أمامه فسحة لترف الخلاف والتناطح السياسي في حين يتربص بنا العدو ويزيد من فرقتنا وتشرذمنا أليس المطلوب منا أن نكون على قدر من الوعي بالمخاطر التي تحاك لقضيتنا لنشكل لها سويا سياج الحماية من ذئاب الصهاينة .
أجزم أن سنوات الإنقسام البغيض التي عاشها شعبنا الفلسطيني من 1462007 ميلادية كانت خليط من إرادة المؤامرة الخارجية المعادية مع غفلة وعدم إدراك للمستوى السياسي الفلسطيني بخطورة موقفنا الوطني فتنازعنا بتحريض أممي على كعكة سلطوية تمرر لنا عبر حاجز إحتلالي فأصابنا الغرور فتناطحنا كالتيوس على سلطة بلا سيادة حقيقة وإن غلفتها الشكليات المزيفة والمناصب الخداعة فرطنا بوحدتنا وكادت أن تصيب قضيتنا في مقتل لو لا بقية من مقاومة باسلة وروح الإستبسال والتضحية في شبابنا الفلسطيني المنتفض ذاك الذي ينزرع في وجه الموت لا يهابه من أجل أن ترفع راية الحق الفلسطيني خفاقة شامخة وأن يحفظ الوطن ومقدساته من العبث الصهيوني .
فرح شعبنا الفلسطيني وآن له أن يفرح وقد أشرقت رغما عن كثيف الضباب شمس الوحدة وسقطت معها كل الرهانات على إستمرارية الخصام والشرذمة والإنقسام وعاد مشهدنا الفلسطيني موحدا الوحدة الوطنية سلاح لا يفرط فيه الا كل خاسر مصيره الهوان أينما حل ونزل وإجتماع الكلمة لا تعدله أموال الكون وكنوزه ولا نخفي سرا إذ قلنا للمتصالحين لقد سبقكم شعبنا أيها السياسيون فلم تفرقهم سياساتكم ولا تناحركم فلقد توحدوا خلف حقهم الوطني توحدوا خلف مقاومتهم المباركة واجهوا ثلاثة حروب مدمرة وكانوا أكثر إلتصاقا ببعضهم البعض أغاثوا بعضهم في ليالي الحصار الظالم تقاسموا الخبز والدواء والعتمة إنتصروا لأوجاع بعضهم البعض تراحموا وتآزروا وبقيتم أنتم على إنقسامكم لعشر أعوام ويزيد وشحذتم كل أسلحتكم لتقذفوا بها أجساد الموجوعين ورغم ظلمكم ما تركوا فلسطين وطنا وقضية وما بخلوا بدمائهم جادوا بها في ميادين التضحية والفداء وبقى شعبنا على عهد الوحدة والتراص صفا واحدا حتى جئتم اليوم بكلمة الوطن وشعاره ضمانة لوحدتكم والوطن كفيلا لكما بأن لا تحيدوا عن مسار الوحدة و ألا تنكصوا إلى إنقسامكم مرة أخرى فدوروا مع فلسطين إنتصروا لكل حبة تراب منها دافعوا عن كل قطرة ماء في جوفها لا تفرطوا بجليلها ولا نقبها ولا جبلها ولا ساحلها ستعود بوحدتكم وتعرضونها للخطر بتفرقكم .
وبعد أن أعلن المجتمعون في القاهرة بأن صفحة الإنقسام طويت وأن فلسطين اليوم موحدة ماذا بعد أليس من المستحسن أن نبحث عن الأسباب والمسببات لماذا تدخلنا إلى هذه النفق المظلم من الإنقسام البغيض هل أجبرنا على ذلك أم دخلنا طوع أوهامنا وأحلامنا الحزبية أم هو عناد الرأس السياسي أم هو الإقصاء ورفض الشراكة أم أن إيمان البعض بمسار التسوية أكبر من إيمانه بوحدة الشعب وهل نحن نعي أهمية التبادل والتناوب على قيادة السفينة أم أن ثقافة أن القبطان ولو غرقت السفينة وركابها تساؤلات مؤلمة كثيرة يجب أن يكون لها إجابات كافية وشافية حتى لا يكون مصير قضيتنا وأجيالنا رهن التجارب الحزبية بألوانها المتعددة ما يجب أن يتبع إتمام المصالحة هو إنجاز القيادة الفلسطينية الموحدة ذات الرؤية السياسية الوطنية التي تحمل في طياتها أهدافنا في الحرية والإنعتاق من الإحتلال ورفض الإعتراف بشرعية إغتصابه لأرضنا وأن تعلي في أدواتها ووسائلها المقاومة كسبيلا إستراتيجيا لدحر الإحتلال وإنهائه يجب أن نراعي الأولويات الوطنية ونقدمها في الطرح السياسي وأن يتكامل المشهد الشعبي الفلسطيني بهمومه وتطلعاته في الداخل والشتات عبر إعادة صياغة وترتيب منظمة التحرير لتقوم بدورها الوطني الذي إنطلقت من أجله ألا هو تحرير فلسطين والعمل على إعادة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها بهذا نعيد الإعتبار لقضيتنا الفلسطينية بعد أن شوهتها سنوات التسوية والإنقسام وحتى لا نعود مرة أخرى لمربع الإنقسام البغيض .

بقلم جبريل عوده
كاتب باحث فلسطيني
13102017م