حتى لايقال انني اكتب عن حقبة زمنية محددة .....عنوانها الانقلاب والانقسام والايام السوداء والسنوات العجاف ....وترك ما تبقى من الزمن والتاريخ واستخلاصات التجربة ....وكانني انتقي ما اقول ...واحدد الحقب الزمنية والمنعطفات التاريخية لحسابات سياسية ....ومعتقدات فكرية.... احاول فيها ان ابرر للبعض ....وان ادين البعض الاخر .
الانتقال من حالة اللجوء والشتات والمنافي ....الى مرحلة تاسيس منظمة التحرير الفلسطينية ....التي حركت ما بداخلنا ما بعد مشاريع التدويل والتوطين ....وحلف بغداد ...وما كنا عليه في ظل امال وطنية تبتعد عن التحقق في ظل قيادات تقليدية وعشائرية .
المرحوم احمد الشقيري رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير هذا القائد الوطني الذي كان يخاطبنا ونحن صغار ومن قلب ساحة الجندي المجهول بمدينة غزة ....هو ذاته القائد الذي كان يؤدي الصلاة بالمسجد العمري الكبير عند قدومه لمدينة غزة ..في ظل الادارة المصرية للقطاع التي احسنت معاملتنا ووفرت لنا كافة متطليات حياتنا وتحركنا وعملنا ....وعلمنا.
تحول تاريخي بتاسيس منظمة التحرير وتشكيل جيش التحرير الفلسطيني وتدريباته التي كنا نشاهدها بطفولتنا بارض الكتيبة ....وما طرا عليها من مسميات بالساحة الخضراء ...والساحة الصفراء ....بعد ان كانت ساحة يرفع فيها علم فلسطين ويعزف فيها النشيد الوطني الفلسطيني.
كنا نعيش مناسبات وطنية بشهر مارس من كل عام ....بملعب اليرموك تحديدا بمناسبة الانسحاب الاسرائيلي بعد العدوان الثلاثي بالعام 56 وعودة الادارة المصرية للقطاع .
نكسة الخامس من حزيران 67 ....وعودة الاحتلال ....وما جرى قبل ذلك من انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة بقيادة حركة فتح ووجود بعض القوى القومية والماركسية .
كانت مقاومة الاحتلال بالقطاع من خلال قوات التحرير الشعبية ورجالها ابناء جيش التحرير ...ومجموعات جيفارا التابعة للجبهة الشعبية ومجموعات حركة فتح .
خارطة القوى المقاومة للاحتلال شكلت حدثا مدويا ...وعيئا كبيرا على الاحتلال وقواته ....في ظل حرب استنزاف طويلة المدى على الجبهة المصرية ....وفي واقع معركة الكرامة بشهر مارس 68 والتى اعادت للأمة كرامتها .
المقاومة داخل القطاع كانت سابقة على القوى السياسية التي تم ذكرها سابقا من خلال مجموعات فدائية كان يقودها الشهيد مصطفى حافظ احد الضباط المصريين.
محطات تاريخية نضالية ...نسردها بصورة مختصرة وسريعة حتى لا نطيل ....وحتى نصل الى الهدف من وراء كتابة هذا المقال.... والتي تتعدى حدود السرد التاريخي الى واقع التحليل السياسي.... وحساب المتغبرات ....وما طرا من احداث منذ مؤتمر مدريد ....وحتى اتفاقية اوسلو بالعام 93 ...ومنذ تاسيس اول سلطة فلسطينية ....خطوة سياسية اتخذتها القيادة الفلسطينية في ظل حصار سياسي ومالي ما بعد حرب لبنان 82.
خطوة لها انجازاتها ....كما فيها من اخفاقات ....بحكم عدم التزام المحتل ببنود ما تم التوقيع علليه..... وما بداخلنا من ممارسات اوصلتنا الى حالة انقسام اسود ....استمر ما يزيد عن عشر سنوات وما احدثه من تبعات ونكبات وكوارث ....نعمل جميعا على مسحها من الذاكرة الوطنية..... وشطبها من صفحات تاريخنا ....لكننا نبقي على استخلاصاتها من حيث الاسباب والنتائج ....وما ارتكب بحق شعبنا من اخطاء لا تغتفر ....لأنها خطيئة على تاريخنا ....ووطنيتنا ,,,قضيتنا ....شرعيتنا الديمقراطية والثورية ....وما تم اخراجه من مخططات انهاك وحدتنا ....وصلابة موقفنا ........وتماسك جبهتنا الداخلية و مقومات صمودنا وقوة مقاومتنا
ما حدث مؤسف ....ويحاسب عليه التاريخ ....والذي يولد قناعات راسخة ....ومواقف ثابتة بعدم امكانية السماح بتكرار هذا الخطأ الفادح ....تحت شعارات ومزاعم ....اوصلتنا الى ما نحن عليه الان .....من ماسي والام وازمات تحتاج الى المزيد من الوقت لايجاد الحلول لها .
تجربة طويلة ....مليئة بالانجازات ....والاخفاقات.... ولكن عنوان حالها ما نحن عليه اليوم باختلاف التقيمات لهذه المراحل .....وحتى هذه المرحلة..... وما فيها من اخفاقات وتراجعات ....نعمل على تجميلها بكلمات وشعارات..... ليس لها اقدام على الارض.... وليس لها راس بالسماء .....في ظل جوع واحتياجات ملحة وحالات انسانية يصعب ذكرها ....ولا داعي للتذكير بمعرفة اسبابها ونتائجها .
مشهد يصعب البحث والتحليل فيه ....في ظل ترف فكري ....وحالة من التمهل وتشكيل اللجان ....والبحث عن المكاسب التنظيمية .....في ظل طريق مليئة بالحفر في ظل هذا الزمن المفتوح بقساوته ومرارته ....والتي تستوجب منا استخلاص التجربة وتحديدها بالتالي :
أولا: السلطة الوطنية انجاز وطني ومنظمة التحرير الفلسطينسة مرجعيتها الشرعية والقانونية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وما يجب على الجميع اتخاذه من خطوات المشاركة الايجابية بمؤسساتها والالتزام بمرجعياتها وبرامجها .
ثانيا : المشروع الوطني التحرري والبرنامج السياسي والمقرر بكافة المؤسسات الفلسطينية والاقليمية.... لا يجب الخروج عنه بالمطلق ....او حتى محاولة اختلاق وجهات نظر مغايرة يعرف الجميع انها باطار المنافسة والمزايدة السياسية .
ثالثا: الوحدة الوطنية خيار وحيد ....ولا يجوز الخروج عنه وما سوف يترتب على المساس به من عقوبات وطنية لا يستطيع أي فصيل تحملها
رابعا: المصالحة وانهاء الانقسام وبالسرعة الممكنة وليس بالتمهل واللجان ....حتى لا نقع فريسة التصيد .....وغير الراغبين والكارهين للمصالحة ممن هم داخل الوطن وخارجه.
خامسا: كما القدس خط احمر... فان مصرالشقيقة الكبرى خط احمر.... وتعتبر من الثوابت السياسية ....والمقومات الوجودية لفلسطين وشعبها وهذا ما يجب وما يؤكد عليه الجميع .
سادسا: المقاومة وسلاحها ....كما المفاوضات والنضال السياسي خيارات ووسائل نضالية لتحقيق اهداف وطنية ....عنوانها الحرية والاستقلال وتحقيق مصالح شعبنا .
سابعا: الانقسام الاسود والذي حدث بالعام 2007 خطأ وخطيئة سياسية ووطنية ...يجب ان لا تتكرر....وان يدرس لإطفالنا واجيالنا ان ما حدث بهذا التاريخ الاسود .....لا يمكن تكراره او الاقتراب منه..... او حتى تحقيق ادنى مكاسب من ورائه .
ثامنا: أي مجتمع في ظل مرحلة التحرر الوطني ولديه سلطة ومؤسسات ومرجعيات قيادية وسياسية متمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد ...لا تسمح بالاجتهاد والتباين الا داخل الاطر الشرعية ....ويحرم على الجميع التجازو والخروج عن القانون ....مع احترام حق الجميع بالمشاركة داخل هذه الاطر.... وفق القانون والانظمة المعمول بها .
تاسعا : تعزيز ثقافة الاحترام وعدم القبول بممارسة التجاوزات تحت شعار الاختلاف والاجتهاد ....فالرموز لا تمس بشخصها ووطنيتها ....والقادة يجب احترامهم وتقديرهم حتى نبقي على الاجيال والمجتمع باسره .....وقد اعتاد على تعزيز ثقافة الاحترام ....لان المجتمع الذي يغيب القيم .....سيصبح مجتمعا فوضويا وغير منتج .
عاشرا: ثقافة القانون واحترامه....... باعتباره فوق الجميع وكل منا تحت طائلة القانون ومحاسبته.... وفق قانون عادل وقضاء نزيه وعدالة منصفة لحقوق الجميع .
الحادي عشر: كل ما سبق يجب ان يشكل النموذج والقدوة السياسية والقيادية...... في اطار خطاب اعلامي ومؤسسات اعلامية..... تجتهد بفكر وطني وتعمل وفق مفردات وطنية وتحليلات .....تصب بصالح الوطن والشعب والقضية ......وان نخرج عن اطار المناكفات والتجاذبات..... بعد ان خسرنا ما خسرنا ...وما تم بمجتمعنا من تشوهات سياسية....ثقافية واجتماعية .....بفعل خطا سياسي ...صاحبه ولازمه اخطاء اعلامية عديدة .
تجربتنا طويلة وممتدة ....وتحتاج للكثير من الوقفات الموضوعية والتحليلية.... كما هناك استخلاصات عديدة يجب التوقف امامها لتعزيز ايجابياتنا وتراكمات تجربتنا الايجابية ...كما الوقوف للأستئصال وتهميش وكشف زيف المواقف...... التي كانت بعكس التجربة والزمن الذي لا زال مفتوحا .
بقلم/ وفيق زنداح