من موقع تقديرنا لكافة الفصائل والقوى الفلسطينية ونحن اليوم امام مصالحة فلسطينية نتطلع اليها بكل اعتزاز ، نستحضر كل التاريخ القديم او عملياتها النوعية ،لكي نؤكد على دورها النضالي والكفاحي،ولكي يشفع لها هذا التاريخ والأرث،في ظل ما تشهده من تراجع من حولها،رغم تمسكها بالثوابت الوطنية و حق العودة،والقدس عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية،طبعاً في الإطار الوطني ،ولكن من اجل الحرص على هذا الدور الوطني مطلوب تحقيق العدالة الاجتماعية ، بدل البحث عن مصالح المحسوبين على هذا القائد او ذاك الذاتية و الإجتماعية والتنظيمية،اكثر عن بحثهم وانتمائهم لهموم المناضلين ،فلا يجوز لهؤلاء استثمار نضال وتضحيات المناضلين لخدمة مصالحهم واهدافهم وتعزيز دورهم ونفوذهم.
اقول ذلك لان المناضل من صقل تجاربه و قدراته وطاقاته يريد ان يشعر ويحس بوجوده وقيمته ومكانته،ولكن يجد أن كل ما كان يتصوره او يطمح إليه لا يتوفر بحدوده الدنيا،ولذلك يستشعر بأن تاريخه اصبح مرهون لاصحاب النفوذ في هذا التنظيم او ذاك.
نحن نقدر الدور الوطني لكافة فصائل العمل الوطني الفلسطيني بمختلف اتجاهاتها وألوان طيفها السياسي والفكري،ودورها النضالي في حمل وحماية المشروع الوطني ،والدفاع عن حقوق شعبنا الوطنية،وما قدمته وتقدمه من نضالات وتضحيات،ونتمنى بأن تكون رائدة وسائدة قيمها وأفكارها ومفاهيمها راسخة في المجتمع ،ولكن عليها النظر في تسوية اوضاع مناضليها ، كما انه لا بد من وقفة جادة من اجل تقييم اوضاعها بعيدا عن المحسوبية والعائلية من اجل التغيير والتطوير،فالقضية أعمق من التشخيص والقول بأننا نعيش في ازمة،او ان الواقع والظروف الموضوعية مجافية،بل ان المراجعات لا تطال الجوهر،وعلى الأغلب تجري مراجعات شكلية و"تسليك" حال،ولا يتم الوقوف بجرأة امام الأخطاء والإخفاقات، فكل الفصائل وبدون إستثناء تجد نفسها امام أزمات سياسية وفكرية تنتج ازمات تنظيمية، تتجذر وتتعمق،وتصبح شاملة، فلا يجوز ان تحل العلاقات العشائرية والمحسوبية محل العلاقات والأصول التنظيمية،فالتوسع والإستقطاب فيها لا يجري على أساس تنظيمي بقدر ما هو عشائري،وتتعرض وحدة التنظيم الداخلية الى الإهتزاز،والموقف التنظيمي يعبر عنه خارج إطار القنوات التنظيمية من خلال"الثرثرات"والعلاقات الشخصية.
امام اللحظة الراهنة، نتطلع الى نقلة نوعية في اوضاع الفصائل والقوى ،وان تتقدم في مجمل اوضاعها وعلاقاتها وتحالفاتها، وفي إستيعاب التطورات والتغيرات الحاصلة، تعبر عن طموحاتها،بينما بعض قيادات وكوادر الفصائل والقوى قد شاخ ،فهي تقف عائقاً امام حالة نهوض جدي وحقيقي في اوضاعها، فنحن ندرك بكل موضوعية ووعي، أن استمرار نضال شعبنا وتضحياته الغالية في صراعه الطويل مع العدو الصهيوني، من أجل تحقيق أهدافه في التحرر والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، يستوجب استنهاض كل الفصائل والقوى الوطنية ، كضرورة موضوعية ملحة، حتى لا يصبح المستقبل كأنه " قدر محتوم " لذلك علينا العمل من اجل ان يبقى
النضال الوطني والأهداف الكبرى من أجل التحرير والعودة والاستقلال ، غير خاضع للمساومة على حقوق شعبنا ، كما يفرض علينا التركيز على تقوية بناء الذات التي تمكننا من النهوض من خلال مصالحة فلسطينية جادة وانهاء انقسام كارثي والعمل على رسم استراتيجية وطنية تستند الى حماية المشروع الوطني الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية والتمسك بخيار المقاومة الوطنية بكافة اشكالها في مواجهة الاحتلال والاستيطان كهدف يحتل الأولوية في الفعل الوطني الفلسطيني الراهن، ومواجهة ما يحاك من مشاريع امريكية تستهدف النيل من الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
وعندما نطلق صرخة من اجل تسوية اوضاع المناضلات والمناضلين ولوضع حدا لموضوع العشائرية واعطى الاهتمام لكافة المناضلين، نرى ايضا شابات وشبان من حملة شهادات عليا وهم عاطلون عن العمل، لم لا تبادر اي جهة فلسطينية الى اعطائهم حوافز ، فأبناؤهم يحتاجون الى وظائف، و توفير فرص العمل ، ونحن نسأل كم من الشباب هاجروا وعانوا وأصيبوا بالضياع، وكم من الشباب فكروا في الانتحار اسئلة بحاجة الى اجوبة .
ختاما : على أي حال في ظروفنا الفلسطينية الراهنة ، نحن نتطلع الى تسوية اوضاع المناضلات والمناضلين في عموم الفصائل والقوى برتبة والراتب من اجل تحسين مستوى المعيشة ، وضرورة توفير شبكة آمان اجتماعية لابناء مخيمات سوريا ولبنان لمواجهة حالة الفقر و البطالة ، رغم ان ظاهرة الفقر لم تعد مقتصرة على الاحتياجات المباشرة بل أصبح مجتمعنا الفلسطيني عموماً يعيش فقراً في القيم و في القانون و العدالة الاجتماعية .
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي