تناقلت وسائل اعلام فلسطينية خبر اجتماع رجال إصلاح ورجال دين ووجهاء، الثلاثاء الفارط في بلدة كفر عقب، لإجراء بعض التعديلات والتغييرات على العديد من الأحكام في القضاء العشائري، حتى يصبح منسجماً مع الشرع الإسلامي. هذا الاجتماع يحمل في طياته مسائل جد هامة في النقاش الدائر هذه الأيام بخصوص القضاء العشائري ما هو شكلي؛ يتعلق بأنواع من القضاء العشائري كاعتبار "المنشد، ومنهى الدم، وقضاء الفرع" هو احتكام إلى "الطاغوت"، وإجراء تعديلات على الاحكام العشائرية كفورة الدم، وإجلاء أهل مرتكب الفعل أو الجريمة بحيث يتحمل المجرم كل تبعات جريمته هذا من جهة. ومن جهة ثانية إعمال احكام الشرع أو بمعنى آخر تقريب الاحكام العشائرية الى احكام الشرع والذهاب الى أن المحكمين والقضاة الشرعيين أكثر قدرة على التحكيم في القضايا، لأنهم مؤهلون علمياً للحكم وفقاً للشرع.
المشكلة الرئيسية هنا ليس الشكل بحد ذاته بل في مضمون النقاش الحاصل ببقاء القضاء العشائري واخذه طابع الشرع واحكامه ما ينفي الدولة ومؤسساتها أو بمعنى أدق يتحول هذا القضاء من عرف اجتماعي الى قضاء ديني وفي كلاهما قهر للدولة المدنية ومؤسساتها لإنفاذ القانون بما فيها القضاء والشرطة.
والمشكلة الثانية صمت الدولة وهياكلها الحكومية المختلفة وكأنها تشجع البقاء على هذا النوع من خرق القانون وفوق "القضاء". بل الأدهى أن المؤسسة الرسمية ما زالت تبقي دائرة العشائر في احضانها فبعد أن تم إخراجها من دائرة الرئاسة تم ايداعها في وزارة الداخلية بل حصلت على إطار هيكلي فيها. الأمر الذي يتناقض مع جوهر الدولة المدنية واستراتيجيات العمل والاجندة الوطنية بل أيضا النضال الوطني للوصول الى دولة المؤسسات وسيادة القانون.
يُفهم أن تشجع الدولة وجود أطر للتحكيم في القضايا التجارية والمدنية لكن في القضايا الجنائية فهو اعتداء على الحق العام وسيادة القانون. ويمكن للدولة أن تشجع وجود رجال ونساء للإصلاح بين ذات البين في قضايا الخلافات ذات الطبيعة العائلية والمشاكل العابرة التي لا تمس بشكل جوهري بحكم القانون. على أن يأتي هذا الامر في إطار العمل التطوعي.
جهاد حرب