المصالحة الفلسطينية والمقاومة

بقلم: عباس الجمعة

يعيش الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة والشتات هواجس وشجون قضيتهم، وفي هذا الجانب على الجميع مجابهة ومعالجة كل ما يتعلق بالتحديات التي تواجه شعبنا في هذه المرحلة ، سواء بالنسبة للمقاومة اومعالجة تحديات البطالة والفقر والقضايا المطلبية والديمقراطية والتنموية في كل من قطاع غزة والضفة الفلسطينية وقضايا أهلنا في مخيمات الشتات ، وهو يتطلع الى تطبيق اليات المصالحة بين حركتي فتح وحماس، والوصول الى اتفاق وطني جامع لمواجهة الاحتلال وتوسع حركته الاستيطانية، واعادة بوصلة النضال الوطني الفلسطيني الى مكانها الرئيسي ، والعمل على رسم استراتيجية وطنية تستند للثوابت الفلسطينية، واعطاء خكومة التوافق الوطني دورها من أجل التحضير لانتخابات ديمقراطية ينبثق عنها النظام السياسي الوطني الديمقراطي التعددي الفلسطيني كخيار وحيد صوب مواصلة وتفعيل مقاومة الاحتلال الصهيوني بكافة الوسائل الكفاحية والشعبية بهدف تحقيق الحرية لشعبنا جنباً إلى جنب مع تحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية في دولته الوطنية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.

ولكن ما نراه من تصريحات ومواقف حول سلاح المقاومة ، يستدعي وقفة امام هذا الموضوع لانه بحاجة الى قرار وطني ، وليس من الخطئ ان نأخذ من تجارب الشعوب التي قادة النضال من اجل التحرر الوطني، فلا يجوز ان يقال ان هناك فصيل او فصيلين يهمها تحرير فلسطين ، ولا يجوز ايضا الحديث عن نزع سلاح المقاومة ، فكل الشعب الفلسطيني مقاوم وفصائله وقواه مقاومة ، لأننا في حالة صراع مفتوح، ونضال مستمر، وصيرورة تاريخية في مواجهة المعتدي، كما على الجميع التصدي لأي محاولة للعبث بالحقوق الوطنية ، ويجب أن يدرك الجميع أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للامة العربية وجوهر الصراع العربي الصهيوني.

ان ما تتعرض له المنطقة من محاولات لاعادة عصر الاستعمار الأمريكي الصهيوني بوسائل وأساليب جديدة يتطلب مقاومة عربية شاملة ، هناك نماذج للمقاومة احرزتها قوى حركة التحرر على المستوى العالمي والعربي ، وباعتبار ان الشعب الفلسطيني ما زال يخوض معركة التحرر الوطني ، فعليه تفعيل روح المقاومة والتصدي للمشروع الإمبريالي الأمريكي الصهيوني، ورفض اي مشروع وفق المقاييس الأمريكية.

ان الخروج من منطق المصالح والايديولوجيات والحسابات الضيقة التي تطغى على المصلحة الوطنية والتوقف عن اي خطاب يعيد عقارب المصالحة الى الوراء ، لأن المطلوب تحقيق المصالحة وانهاء الانقسام وتوحيد شقي الوطن ضمن سلطة وطنية واحدة تخضع لتوجهات وقرارات منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها ، تقوى الإرادة الفلسطينية على المواجهة ، وخاصة ان الشعب الفلسطيني يجسد صورة بطولية في تمسكه بأرضه، عنوانها التضحية والمقاومة و الوحدة الوطنية.

ففي مرحلة كالتي نعيش تزداد فيها المخاطر والأطماع الصهيونية في التهام ومصادرة المزيد من الأراضي، فالسياسة الصهيونية التي قامت على التوسع والاستيطان والاحتلال،وأن الجريمة الصهيونية تتم على مرأى ومسمع العالم أجمع، حيث يقف الشعب الفلسطيني متمسكا بحقوقه الوطنية في الحرية والاستقلال وإقامة الدولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وتحقيق حلم الشعب الفلسطيني اللاجئ في العودة الى دياره وممتلكاته التي هجر منها، وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين في السجون الصهيونية.

وهنا لا بد من التأكيد على العمق العربي للقضية الفلسطينية، وهي مناسبة لدعوة القوى والأحزاب العربية والديمقراطية لمزيد من التضامن مع الشعب الفلسطيني، وأخذ دورها ومكانتها على خارطة الصراع للضغط على الأنظمة من أجل أن تكون بحجم المسؤوليات التاريخية.

لقد أثبتت التجربة والأحداث أن بنية المجتمع الفلسطيني هي صلبة وقابلة للصمود رغم المعاناة والحصار والقتل والتدمير الصهيوني، وهذا يستدعي ترتيب الأوضاع الداخلية للبيت الفلسطيني، فإن هذه البنية تستطيع أن تتحول إلى قوة مقاومة في تمتين وتعزيز أواصر الوحدة الوطنية الفلسطينية، والتنبه أكثر للمخاطر الصهيونية ومواجهتها، كما تتطلب هذه الامور حماية منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل وتطوير مؤسساتها على ارضية شراكة وطنية لانه من شأن ذلك أن يعطي دفعاً أكبر نحو تحديد البرنامج الوطني والأهداف الوطنية في وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج باعتبار م.ت.ف هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهي المرجعية السياسية التي تقوم على الثوابت الوطنية الفلسطينية،وتحشيد أوسع جبهة تضامن شعبي عربي وعالمي مع كفاح الشعب الفلسطيني.

ختاما : نرى ان اهمية وضع استراتيجية سياسية موحدة والاستناد عليها في كيفية إدارة الصراع مع العدو الصهيوني، هو مصلحة للشعب الفلسطيني وضرورة لابد منها، لأن هذا الشعب العظيم يتطلع إلى فجر الحرية والاستقلال بمزيداً من الصبر والثبات والصمود، لأن القضية الفلسطينية قضية عادلة وستنتصر مهما طال الزمان وعظمت التضحيات.

بقلم/ عباس الجمعة