(1) رواتب قضاة المحكمة الدستورية
تضمن القرار بقانون المعدل لقانون المحكمة الدستورية، الذي نشر حديثا، رواتب رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية وهي أعلى من رواتب قضاة المحكمة العليا الامر الذي استفز قضاة المحاكم النظامية الذين لم يتحسن سلم رواتبهم في الخمسة عشر عاما الفارطة منذ صدور قانون السلطة القضائية عام 2002. في المقابل أحسن "المشرع" أنه أبقى على احكام المادة 22 من قانون المحكمة الدستورية فيما يتعلق بالمستحقات الخاصة بتقاعد قضاة المحكمة الدستورية ولم يلزم الدولة بتقاعد لجميع أعضاء المحكمة.
أعاد صدور التعديل لقانون المحكمة الدستورية النقاش من جديد حول مدى الفائدة المتوخاة من المحكمة الدستورية في ظل عدم حصولها على ثقة القانونيين والجهات الفاعلة في البلاد بناء على أحاديثهم في مجالسهم الخاصة ولقاءاتهم العامة، على الرغم من عامين على تشكيلها، بسبب الاحكام الصادرة منها من جهة. وبسبب التكلفة الباهظة على الخزينة العامة ودافعي الضرائب الفلسطينيين لمحكمة الدستورية حيث تكلف فقط رواتب قضاتها ما يقارب المليون نصف شيكلا سنويا، ناهيك عن النفقات الجارية لاستئجار مبنى المحكمة وتشغيلها ورواتب العاملين فيها وتنقلاتهم وسفرهم من جهة ثانية. الامر الذي يطرح مسألتي الحاجة والضرورة بمقارنة ما ينفقه الشعب الفلسطيني على هذه المحكمة مع حجم العمل المناط بها ووجود قضاة المحكمة العليا يقومون بهذا العمل دون ان تكلف الخزينة العامة أية نفقات. فالفلسطينيون يريدون العيش في دولة فلسطين العظيمة بقيمها لا بعظمة تكاليف مؤسساتها.
(2) تقاعد رئيس ديوان الرقابة فرصة للاستغلال
يثير تعديل قانون ديوان الرقابة المالية الإدارية الأخير، الصادر في نهاية شهر آب الفارط، مسألة في غاية الغرابة في تعامل "المشرع الجديد" مع مسألة المال العام حيث عامل رئيس الديوان معاملة الوزراء وليس معاملة الموظفين العامين بدرجة وزير" في الامتياز المتعلق بالتقاعد. هذه الغرابة تأتي في سياق تعامل "المشرع" بهذه المسألة بعد النقاش الذي جرى في السنوات الماضية حول "خُرج السلطة" وهل يستحق من عمل لسنوات محدودة تقاعدا عن سنواته هذه لعمر تقاعدي مديد في مخالفة صريحة لقانون التقاعد العام الفلسطيني الذي يفرض الاشتراك لخمسة عشر عاما على الأقل للحصول على راتب تقاعدي ضئيل. وكذلك الامر مخالفة، لن أقول فاضحة، واضحة لسياسات الحكومة في ضبط المال العام ووقف مجالات الهدر القائمة خاصة بعد صدور قانون الضمان الاجتماعي الذي يسعى لضمان مستقبل من هم لم يخدموا في الإدارة العام أو القطاع العام.
لكن الأخطر من ذلك يعد هذا التعديل مقدمة لاستغلال أطراف حاولت في السنوات الفارطة، خاصة العام 2014، انطباق تقاعد الوزير على الموظفين بدرجة وزير سواء كانوا مستشارين أو رؤساء هيئات وهذه المرة بمصوغ قانوني تحت بند "أسوة بالنص القانوني في قانون ديوان الرقابة المالية والإدارية".
وفي ظني أن هذه فرصة لإعادة النظر ليس فقط في تقاعد رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية بل أيضا في تقاعد الوزراء والنواب وكل من يحصل على تقاعد استثنائي مخالف لقانون التقاعد العام. وقد حان الوقت، مع قرب تطبيق قانون الضمان الاجتماعي، لوقف هدر مستقبل دافعي الضرائب الفلسطينيين.
بقلم/ جهاد حرب