رحل المناضل القيادي عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين عبد الغني هللو " ابو خلدون " دون ضجيج هذا القائد المتميز لا تفيه حقه، فهو ، حيث كان قائداً وطنياً فلسطينياً فيه كّل الصفات الصدق، التواضع، الإخلاص، حّب الوطن، والشعب، والأمّة...
اكتب عن ابي خلدون الذي عرفناه في المؤتمرات العربية والقومية واليسارية فهو شكل مسيرة طويلة ورحلة شاقة ومعقدة حافلة بالكفاح البطولي الصادق والأمين، حافلة بالإنجازات ،غنية بالدروس والاستخلاصات والعبر.
ابو خلدون ابن الجبهة الديمقراطية لتحريرفلسطين شكل مع رفاقه في الجبهة مسيرة الآمال التي جسدت مسيرة شعب مكافح وعملاق لا يعرف اليأس والخنوع وجسد مسيرة أمة ترفض الذل والخضوع.
فكان ابو خلدون مؤمنا بان مسيرة الآمال والآلام نحو تحرير فلسطين ودحر الغزوة الصهيونية الاستيطانية الاستعمارية التي حولت حياة الشعب الفلسطيني إلى جحيم وشردته في كل أصقاع الأرض.
ابو خلدون اكد أن قضية فلسطين كانت ولا زالت وستبقى القضية المركزية للأمة العربية، مؤمنا بان الشعب الفلسطيني العظيم في قطاع غزة والضفة والقدس ومخيمات اللجوء والمنافي اكد للعالم أجمع أن المقاومة مستمرة لن ترضخ ولن تستسلم، مهما كانت الظروف والشدائد والتضحيات، واكد ان الوحدة الوطنية الفلسطينية ستبقى مطلب كافة الفصائل والقوى الفلسطينية، لم يكن يفكر إلا بفلسطين وشعبها ولم يكن يفكر إلا بالأمة العربية ومستقبلها حتى آخر لحظة من حياته.
نعم، فقدت فلسطين والقوى العربية ، وأحرار العالم رجلاً بقي قابضاً على المبادئ كالقابض على الجمر، رغم كل الظروف والتحولات والعواصف.
ابو خلدون كان متفائلا بشكل دائم ، بسيطا جداً في حياته، لا يحب البهرجة والحراسات والاستعراضات، ويعتقد بأن حماية القائد يمكن أن تتم بدون ضجيج.
ابو خلدون لا يعرف اليأس والتراجع، بقي مؤمناً حتى آخر لحظة من حياته أن تحرير فلسطين مسألة وقت وأن المشروع الصهيوني يحمل بذور فنائه من داخله، وأن بقاء هذا الكيان مرتبط بحالة الضعف والتفكك العربي والفلسطيني.
اعتدت أن ألتقيه في فترات المؤتمرات، فهو إنسان دافئ القلب، مسكون بألم شعبه الفلسطيني، وهذه صفات افتقدناها مع استشراء ( البراغماتية) ـ أي المصلحيّة والأنانيّة، وافتقاد المعايير ـ التي باتت علامة فارقة للكثير فهو رجل أخذ مكانته فلسطينيّا، وعربيّا من خلال تمثيله للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ، هذا هو ابو خلدون لمن لا يعرفه، بل يعجز القلم عن وصف خصاله وتجف الكلمات حينما تسرد سيرته، وتنحني القامات تقديراً حينما تتحدث عن مواقفه.
يرحل مناضل في ظروف بالغة الدقة ، ولكن لا بد من القول، ان الانجازات الكبيرة التي حققها الشعب الفلسطيني على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والدبلوماسية لم تكن لتتحقق لولا العطاء اللامحدود الذي قدمه الشهداء فشجرة الثورة التي آمن بها ابو خلدون والصمود والمقاومة التي كانت تسقيها على الدوام دماء الشهداء، فضلا عن عرق المقاتلين والمناضلين الثوريين ستبقي فلسطين شعبا وقضية حاضرة بقوة في كل الميادين والمحافل، ولم يستطع العدو الاسرائيلي رغم كل مؤامراته وعدوانه المتواصل على شعبنا أن يحجب شمس المقاومة او يكسر ارادة شعبنا، وما زالت راية فلسطين خفاقة بإنتظار اشراقة شمس الحرية واستعادة الحقوق الوطنية.
ختاما : لا شك في أن مسيرة القائد الشهيد ابو خلدون سيكتب عنها الكثير، لأنها مسيرة حافلة بالدروس والاستخلاصات، مسيرة الآمال والآلام التي عاشها الشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة،أن نمضي قدماً على ذات الطريق، حتى تتحقق كامل الأهداف التي قضيتم من أجلها، وستبقى مسيرتكم وذكراكم إرث نضالي ومدرسة كفاحية، تضيء الطريق لشعبنا ولأجياله المتوالية على طريق الحرية والاستقلال والعودة وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي