في خضم الجدل الدائر حول تطبيق بنود المصالحة الفلسطينية بين قطبي الصراع ان جاز التعبير حركتي فتح وحماس فلكل منهم مفهومه في تطبيق هذه البنود رغم ما تقدمه حماس من تسهيلات كي لا تكون عقبة في طريق إحلال المصالحة واتمامها بشكل ينعكس على الحياة الاجتماعية والسياسية في غزة ضمن شراكة تكون هي أساس المرحلة القادمة.
فتح تتخذ من خلال حكومة الحمد الله او ما يطلق عليها حكومة التوافق تفسيرات جميعها تأخر السير الطبيعي فيما تم الاتفاق عليه بالقاهرة رغم ان العديد من البنود تم تجاوزها او تحريفها ومع هذا لم تعترض حماس بشكل يوقف عجلة المصالحة لأهداف ربما تكون سياسية تتعاطى معها وفق ما تطرحه التغييرات الإقليمية الدائرة بالعالم حولها.
المواطن الفلسطيني والذي كل يوم يترقب بحذر شديد بعدما تدفقت مشاعرة في استقبال حكومة التوافق بدأ يتراجع في سقف توقعاته وآماله في سير هذه العملية بما يعطيه بعض الراحة والاستقرار الأمني والاجتماعي.
المواطن الغزي ينتظر ما ينعكس على نمط حياته التي عاشها عبر احدى عشر عاما من الانقسام المرير الذي هو اول من دفع ثمنه ولا يزال، بطالة، فقر، مرض، دمار، انقسام اجتماعي نال حتى من افراد العائلة الواحدة!
كهرباء لا تزال تصل بالقطارة، تقاعد اجباري لموظفي السلطة سواء العسكريين او المدنيين، ارباك تام في مناحي الحياة معابر مغلقة، رواتب موظفي غزة، حياة صحية متدهورة نقص بالدواء والتحويلات العلاجية، كافة العقبات التي كانت تشكل هاجس للمواطن لا تزال قابعة على صدره لم تتبدل ولم تتحرك في حلحلة ملموسة تعطي انطباع للمواطن بان المصالحة لها ثمار تكاد تثمر ليقطف من ثمارها ما يشتهيه عبر عقد من الزمان!
أمور غامضة لا تكاد تبشر بخير بظل هذا الركود والسير البطيء بخطوات لا تكاد يسمع لها ازيز وسط استياء وتململ من اهل غزة المعني الأول بالمصالحة وانعكاساتها!
كل الأجواء المحيطة ينسدل عليها ستار الغموض ومع هذا لا يزال الانتظار سيد الموقف فلا أحد يريد لهذه المصالحة ان تنهار او تصل لطريق مسدود فما عاناه الشعب عبر سنوات الانقسام يجعل المصالحة الطريق الوحيد لزمن مشرق لحياة غابت عنها شمس الامل.
كل ما نتطلع اليه هو ان يصل هذا المفهوم لرأس الهرم بالسلطة الفلسطينية كما لراس الهرم بحركة حماس مفاده ان الشعب اصطف خلفكم ويساندكم في توجهاتكم لطي صفحة الانقسام والبدء بحياة سياسية تكون الشراكة أساسها بين الطرفين فقد جرب الشعب الحكم المنفرد لكل من الفريقين وكان الثمن فادحا بكل المقاييس ولا تزال اثاره يعيشها المواطن ويكتوي بنيرانها.
شعب حرقته نار الانقسام ودمرت مناحي حياته لا يقبل الفشل اليوم فيما تم الاتفاق عليه ولن يكون بعد اليوم مجرد متفرج على فريق همه الانفراد بالسلطة والهيمنة على القرار الفلسطيني وتمرير رؤيته وسياسته والعمل على اقصاء الاخر.
المصالحة هي المضاد الحيوي الوحيد لمرض الانقسام وإن أصبح عضال فلا مجال هنا للبتر ولا مجال لغير العلاج وإن طالت فترته.
فالمصالحة هي كلمة السر الوحيدة التي يجب ان تمضي زحفا او سيرا او جريا يجب ان تسير فلا مهرب منها وعلى أصحاب القرار ان يفهموا ذلك عاجلا قبل ان يجدوا أنفسهم مغردين خارج السرب الوطني والشعبي.
المصالحة هي بوابة فك الحصار الظالم عن شعب ليس له ذنب سوى انه مارس حياة ديمقراطية كان يأمل ان تكون منعطفا جديدا لقضيته العادلة بوقت خذله كل دعاة الديمقراطية.
فكل ما يأمله الشارع الفلسطيني المترقب ان لا تكون بنود المصالحة مجرد حصان طروادة يكون في استلام المعابر والتمكين حسب المسمى لحكومة التوافق دون المساس بالإيجابية لحياة المواطن واخراجه من سنوات عجاف عاشها وحيدا دون قيادة تعاني معه ما يعاني دفع ثمن غاليا من دمائه واشلائه من بيوته ومناحي حياته ليقف سدا منيعا امام محتل غاشم يسعى لتركعيه ويجبره على رفع راية الاستسلام!!
بقلم/ محمد فايز الافرنجي