شهد لبنان، انقلاب الرئيس سعد الحريري على ذاته، من غير مقدمات او مسببات، في حين شهدت المملكة العربية السعودية الخاتمة المنطقية للانقلاب الذي باشره الامير محمد بن سلمان، بخلع ولي العهد (الاول) الامير محمد بن نايف، قبل شهرين تقريباً، وهكذا استتب له أمر العرش بعد تصفية كل المنافسين او المناكفين المحتملين، بالسياسة او بالمال، من داخل العائلة المالكة، كما من خارجها.
شطب ملك بلاد الذهب الاسود والقمع الابيض “خصومه” المحتملين في الاسرة و”منافسيه” على الثروة، من خارجها.. وهكذا غدا “المالك” الاوحد وليس فقط “الملك” في تلك الارض الغنية بالتاريخ المشَّرف كما بالكنوز غير المحدودة.
وحَّد الأسرة في شخصه بالقمع والغاء الآخرين جميعاً وحصر السلطات كافة في شخصه،
صار “صاحب المملكة العربية ومالكها الوحيد”، حتى من قبل أن تُطوى صفحة والده الملك سلمان بن عبد العزيز.
ربما لهذا اعتبر البعض استقبال الملك سلمان الرئيس المستقيل او “المستقال” صورة من الماضي أكثر مما هي صورة من المستقبل وفيه.
بالمقابل أطل السيد حسن نصرالله، بعد اعلان خبر الاستقالة، كقائد مسؤول عن الامة جميعاً، وتعامل مع الموضوع برصانة المرجع الاخير وحكمته. كان هادئاً بأكثر اطاق سامعيه، رصيناً بوصفه “ام الصبي”، وتجاوز عن الشتائم والإهانات التي قرأها سعد الحريري مكتوبة بقلم السبهان في خطاب الاستقالة الغيابية، وأظهر قدراً من الاشفاق والتعاطف بأكثر مما توقع أشد من تأخذهم الغرائز والمصالح بعيداً.
حمى الله هذا الوطن الصغير بالحكماء من قادته ورجاله في وجه العاصفة التي تأتينا برمال الحقد والرغبة في الانتقام من الذات التي تنتجها صحراء الربع الخالي… حتى امتلأت بأصحاب الالقاب ذات الجلالة والسمو والسعادة.
طلال سلمان