تتجه انظار العالم أجمع الى منطقة الشرق الأوسط، المنطقة الأكثر اشتعالاً بالأحداث والصراعات الدموية والتي تعتبر من أهم، إن لم تكن أهم مناطق العالم لاحتوائها على مخزون هائل من النفط والغاز، والذي هو السبب الأهم لهذا الصراع ، الأمر الذي يؤكد أنه لا توجد حرب أهلية في المنطقة، كما تروج وتزعم بعض الجهات، بل هي حرب بالوكالة على الأرض السورية بسبب هذا المخزون الهائل، لا سيما مخزون الغاز الذي يقدر له ان يحتل مكاناً بارزاً في مصادر الطاقة على الصعيد العالمي، خاصة بعد اكتشاف مخزونات هائلة في شواطئ شرق البحر الابيض المتوسط وفي سوريا على وجه التحديد.
أن القوى الامبريالية والصهيونية والرجعية سارعت بشكل غير مسبوق الى الى تغير خارطتها للقيام بحملة مسعورة ضد الجمهورية الاسلامية في ايران والمقاومة ، بعد ان فشلت في احداث تغيير في المنطقة وانهزمت في مشروعها ولم تنجح في تحقيق أهدافها عبر القوى الارهابية ، رغم وحشيتها وعدم انسانيتها واستنادها الى الاكاذيب مع انفاق مليارات الدولارات. حيث صمدت سوريا وصمد جيشها البطل في وجه الارهابيين الجدد والقدامى كما صمدت المقاومة في المنطقة وتمكنت بالتعاون الوثيق مع حلفائها من توجيه ضربات قاصمة الى المعتدين وأسيادهم.
فقد أخذت تنقلب الآية تماماً في الميدان، وكانت البداية الكبرى والاساسية في تحرير دير الزور من الارهاببين بعد معارك طاحنة وأخذ الجيش السوري وحلفاؤه يتقدم في مختلف الاتجاهات، وتتحقق نجاحات هامة خاصة من خلال دور الحليف الروسي عسكرياً وسياسياً والدعم الايراني ، ، وتوالت روافع هذا التحول من خلال التطور الكبير في العراق في هزيمة العصابات الارهابية ، ورفض اجراء الاستفتاء في كردستان والدعوة الى النضال من أجل الديمقراطية وضد المحاصصة والطائفية وغيرها، ومواجهة المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المعقدة.
امام هذه التطورات المتلاحقة في الميدان والتي كشفت مجموعة من الحقائق والنتائج والاحتمالات، تسعى بعض الدول في المنطقة ستعمل على ادامة المشاكل ، حيث نرى تدخل كيان الاحتلال الصهيوني الذي يبذل جهود سواءً من خلال واشنطن او من خلال علاقاته غير المعلنة مع بعض الجهات العربية من اجل اقامة تحالف معاد لإيران، ولكن أساساً بهدف إيقاف أية محاولات لتسوية القضية الفلسطينية او تمرير ما يسمى بالحل الاقليمي الذي لا يعترف أبداً بأية حقوق وطنية للشعب الفلسطيني.
أن التطورات المتلاحقة في المنطقة رغم الحروب وسفك الدماء والخراب والدمار الذي لحق بالعديد من الدول، لا سيما سوريا والعراق واليمن ، يؤكد ان واشنطن فشلت في تغيير المعادلات السياسية في المنطقة أو تغيير خرائطها السياسية ويؤكد انتهاء تفرد واشنطن في الشؤون الدولية وتقدم الدور الروسي في هذا المجال، وزيادة دور الدول ذات الارادة المستقلة في معالجة شؤونها.
ان حالة الهستيريا التي أصابت القوى المعادية لقوى المقاومة تجلت بإقالة الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية والسبب، يعود إلى مكان إعلان الاستقالة، وأدبيات البيان، والظروف المحيطة باعلان الاستقالة، الحدث المفاجأ، اما الاستقالة على المستوى الدولي، فإنها تأتي في سياق محاولة ربط السعودية استقرار لبنان بالمفاوضات الدولية الجارية بين الاميركي والروسي لإنضاج التسوية في سوريا لاحقاً، وبما يحفظ لها دورها وحصتها في المنطقة، اما محاولة للضغط على المقاومة الوطنية اللبنانية ومحاولة زرع بذور فتنة داخلية في لبنان لإلهاء المقاومة بالشأن الداخلي ناهيك عن سياسة الولايات المتحدة الأميركية ضد إيران وفرض عقوبات عليها والتنصل من الاتفاق النووي معها وذلك في إطار سياسة التصعيد ضد قوى المقاومة الذي أفشل المخططات الاستعمارية في المنطقة، ورغم ذلك نؤكد رفض الشعب الفلسطيني وفصائله وقواه على تعكير مسيرة الاستقرار في لبنان، والتأكيد ايضا على خيار الشعب الفلسطيني بالنأي عن النفس بعيدا عن الازمة المحلية والاقليمية.
اللحظة خطيرة وحساسة جداً، ورياحها القادمة من الخارج إلى الداخل بحاجة إلى إعلان حالة طوارئ وطنية لبنانية وإغلاق كل المعابر والمنافذ الطائفية والمذهبية لتحصين وحماية السلم الاهلي الوطني.
امام كل هذه الاوضاع نرى بأن سياسة التصعيد الصهيوأميركية ضد المقاومة عبر استخدام القوى الارهابية في المنطقة ومن يدور في فلك السياسة الأميركية لم تعد تجدي نفعا في التأثير بإرادة وتصميم قوى المقاومة على اجتثاث الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى سورية والعراق وهو ما بات استراتيجية ثابتة لدى المقاومة العربية الشاملة التي حققت إنجازات في الميدان توحي بقرب اجتثاث الإرهاب واعلان النصر النهائي على الإرهابيين وأسيادهم.
أن وحدة الشعب الفلسطيني، تستدعي من الجميع التمسك بالثوابت الوطنية، واتخاذ قرارات ومبادرات تنسجم وترتقي الى مستوى الصمود في وجه العربدة الصهيونية، وهي القادرة على إحداث تبدل ما في الموقف الرسمي العربي وفي الموقف الدولي ، وخاصة إن ما يشجع الادارة الامريكية والكيان الصهيوني على السعي في مخططهما هو حالة التفكك العربي، والتهافت الرسمي تحت شعار (أولوية مواجهة ايران على حساب مواجهة العدو الحقيقي للامة) وهذا ما يفسر الاندفاع الرسمي غير المسبوق التي نشهدها بعض الدول للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
ختاما : لا بد من التاكيد على ضرورة عدم التدخل الفلسطيني في شؤون الدول والحفاظ على سياسة النأي بالنفس وعدم الرضوخ للضغوطات ، ودعوة الشعوب العربية وقواها التقدمية والقومية الى تكوين مناخ مؤات وفعال لدعم نضال الشعب العربي الفلسطيني في تحقيق أهدافه الوطنية وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وعدة احرار العالم من أجل تحقيق ضغط دولي على كيان الاحتلال للالتزام بالقرارات الدولية والتخلص من الرضوخ للاملاءات الأمريكية ووحدانية دورها في تطبيق قرارات الشرعية الدولية ، ونحن على ثقة بان شعبنا بما يكتنزه من ايمان وعزيمة وارادة
نضالية لا يمكن أن تخبو جدوتها إلا بدحر العدو الصهيوني عن الارض الفلسطينية وتحقيق الحرية والعودة والاستقلال .
بقلم/ عباس الجمعة