تعيش المملكة العربية السعودية ثورة تغيير في جميع المجالات , الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية , على طريق الاصلاح والتحديث والعصرنة , بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز , وولي العهد الأمير محمد بن سلمان , صاحب " رؤية السعودية 2030 " ... غير أن أكثر ما لفت انتباهي هي ثورة الاصلاح الديني المعلن عنها , لتصحيح الموروث الديني , عبر الفكر الوهابي المنتشر هناك , وسيطرة المؤسسة الدينية على كثير من مناحي الحياة , من خلال علماء يحملون فكرا متخلفا , وذراعها الضارب " هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" .
فلقد أصدر الملك سلمان مرسوما ملكيا ينص على انشاء " مجمع الحديث النبوي " يضم عددا من كبار العلماء من الفقهاء وحملة الشهادات العليا , وصفوة من علماء الحديث في العالمين العربي والاسلامي , لإعادة تدقيق الأحاديث النبوية , وما ورد في الكثير منها من احاديث كاذبة ومدسوسة وملفقة ومتطرفة , تتعارض مع تعاليم الدين الاسلامي الوسطية , وتبرر ارتكاب العنف والرهاب والقتل.
الخطوة تعتبر ثورة تصحيحية لكثير من المفاهيم , وخطوة تاريخية لإعلاء مكانة وحفظ السنة النبوية الشريفة , بعد ما لحق بها الكثير من الأخطاء والخزعبلات , حيث أكد المرسوم الملكي على : كشف المفاهيم المكذوبة على لسان الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم , من خلال دراسة وتمحيص وتصحيح هذه المفاهيم , وما يفترى على الرسول من أكاذيب وتلفيق لأحاديث باطلة وضعيفة ومنكرة ,... فهل يعقل مثلا أن نصدق " حديث الذبابة " الذي حاء في نصه عن أبي هريرة ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : إذا وقع الذباب في إناء أحدكم , فليغمسه كله , ثم يطرحه , فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء ) .. فبالله عليكم ما هذا الهراء , هل يعقل أن يصدر هذا الكلام عن رسول الله , وهو الذي لا ينطق عن الهوى , ويعلم أن الذباب يعيش على الزبالة والقمامة والقاذورات , وينقل الكثير من الأمراض والأوبئة ؟!!
واشار المرسوم إلى أن المجمع سوف يسهم في نشر الفكر المعتدل في أوساط الشباب وتحصينهم من الغلو والأفكار المتطرفة , وتحسين صورة الاسلام , ونشر تعاليم الدين الصحيح , وهو ما سيكون له من اعلاء للسنة النبوية الشريفة , باعتبارها التشريع الثاني بعد القرآن الكريم.
نأمل أن تكون هذه الخطوة الايجابية والصحيحة , التي اقدمت عليها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان , خطوة على طريق عودة الاسلام إلى الدين القويم الوسطي , دين المفاهيم السليم , دين السلام والمحبة , وليس الدين المشوه من جماعات تكفيرية تشوه الاسلام ولا تمثله , وأساءت لنا في كل أنحاء العالم , بفكر التخوين والتكفير .
د. عبد القادر فارس