عرفت ساحات وبيادر فلسطين في الزمن الغابر ، عددا من الشعراء الشعبيين " الحداية " الذين كانوا يحيون حفلات الاعراس ، وكانت عادة في فصل الصيف وفي ساعات النهار ، وكانوا يقولون أزجالاً رائقة وبسيطة لكنها بديعة وجميلة ، وقد عرفنا من هؤلاء الشعار مصطفى البدوي المعروف بأبي سعيد الحطيني ، وهو من أشهر شعراء الزجل في حينه ، وهو فلسطيني من حطين في شمالي فلسطين عاش في مخيم اليرموك في سوريا ، الذي قال عن نفسه :
أنا الحطيني الفطيني
يا خسارة عيني كريمة
اما عن زميله في الغناء والحداء وقول الشعر الزجال يوسف حسون المكنى بأبي العلاء ، فقال مازحاً اعترافاً بشاعريته :
ركبناك عالحمار مديت ايدك عالخرج
والشاعر الشعبي الآخر الذي اشتهر في الجليل والمثلث ، فهو محمد أبو السعود الاسدي ، ابن قرية دير الاسد الجليلية ، وهو والد الشاعر المعروف الأستاذ سعود الاسدي ، وجد الشاعر تميم الاسدي .
وكانت قد جرت مناظرة ومحاورة ساخنة بينهما من نوع " المعنى " في العام ١٩٤٤ ، فقال أبو سعيد الحطيني :
افراحنا يا بو سعود مباركة
وانت زكي والزين من شكلك زكي
والشعر يا بو سعود مثل المملكة
وعالطاولة خلي الحديث مشاركة
ومش جاي يا بو سعود حتى انا غشك
جاي انا بالشعر افتح معركة
فرد عليه أبو السعود الاسدي قائلاً :
يا أبو السعيد بالضيف لازم نحتفي
وضيفنا ببسمة لطيفة بيكتفي
وانت طلعت طلعة قليل المعرفة
ومن الضروري من قبالي تختفي
وعا كل حال انت مثل نار الفقع
بتهب في لحظة وبلحظة تنطفي
فقال الحطيني :
من هناك من حطين اول المعي
غنى الشعر والمجد عا صوتو وعي
ولو كنت يا ابا سعود مثل الاصمعي
ما بتغدرش بالمعمعة تثبت معي
استنجد بزين وكل شعار الزجل
تاتشوف مين العنتري والمدعي
وهنا تدخل الشاعر الشعبي اللبناني محمد زين الذي كان حاضراً في الحفل ، ففتح بردة قرادي ، فقال :
يا حطيني عنتر عبس
ونحنا من ذات الطينة
بيقولوا في عكا حبس
وطالع منو الحطيني
يا حطيني قبل ما تصول
من الواجب تسأل عني
وانت ما بتعرف بأصول
الشعر بتتعلم مني
وكل ما يحصل هز فصول
بعركة بتخيب ظني
ولا تقطع حبل الموصول
بتوطى وما بتوطيني
فقال الحطيني :
نحنا للسيف وللضيف
وما في حد بينكرنا
وقهوتنا السمرا للكيف
وخمر العز بيسكرنا
والشعار الجابو الحيف
ما بتقدرش تعكرنا
ولو بقطعهن ع النظيف
نفسي ما بتحطيني
فأجابه أبو السعود قائلاً :
يا حطيني لا تغتر
بقوة عزم وباس شديد
وخلي المعركة كر وفر
وسيف بايد وقوس بايد
ومنك اصبح الطقس الحر
مثل البوظة بالتأكيد
ومن عكا رح تطلع جر
هيك ببلش اليقطيني
بقلم/ شاكر فريد حسن