من صفوف الجماهير العربية التي عانت عهوداً طويلة من سيطرة القوى الاستعمارية والإقطاع والبرجوازية المرتبطة بالأجنبي، كان تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي على يد زعيم القومية انطون سعادة ، مرحلة تاريخية جديدة تعكس عمق أفكاره النضالية القومية ، وينشر من خلالها صدق رؤيته.
من هذا الموقع اردت ان اكتب عن ذكرى تأسيس الحزب الذي ترتبط بشكل وثيق بفهم وتفكيروسلوك وتفاعل وولادة أمة لا ترضى القبر مكاناً لها تحت الشمس، بفعل الحيوية الحضارية التي أنتجتها تلك الولادة، فالحزب ليس أيديولوجيا ولا جمعية تضم عدداً من الأعضاء، كما أنه ليس تياراً أو حزباً عادياً أو فئة تجمعت حول بعض من المنافع، إنه فكرة وحركة تتناولان حياة أمة بأسرها.
في هذا الإطار تأتي ذكرى تأسيس الحزب كقوة قومية وحضارية يمكن أن تعيد التاريخ في هذه المرحلة التي تخوض فيها أمتنا أعتى المعارك وأشرسها مع القوى الامبريالية والصهيونية والاستعارية حيث لم تتوان هذه القوى في ابتكار الأساليب والأدوات والمبررات الفكرية من أجل العودة بالأمة إلى مفهوم القبيلة والعشرية وتحويل المجتمعات إلى تشظيات متصارعة ومتقاتلة تسبب مزيداً من التشتت والتقسيم والتناحرات، حيث يقف الحزب بمواجهة القوى المعادية التي تحاول الإجهاز على أي أمل بمشروع قومي في المنطقة تكون بوصلته الاساسية فلسطين.
ذكرى التأسيس حملت دوماً رهان سعادة على فاعلية بناء الإنسان الجديد والثقافة الجديدة، فالصراع الأهم اليوم هو صراع الأفكار العظيمة أفكار الحياة، مع الأفكار البالية المدمرة التي تنتج هذا الكم الهائل من العنف والإرهاب ، هذا العمل العظيم من الصراع، يلزمه نضال على صعيد الثقافة والفنون والتشبث بقيم الفكر القومي، لمواجهة هؤلاء القادمون بأفكار القرون الوسطى.
بهذا المعنى يأخذ الاحتفال بذكرى تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي المعنى الحقيقي الذي أراد سعادة أن ينتصر في أبناء حزبه ومواطنو أمته على حد سواء.
إن ساحة الصراع المصيري تجري اليوم على أرض سورية والمنطقة وفلسطين ، ولن نغالي إذا قلنا، إنها من المعارك الفاصلة في تاريخنا ووجودنا تبعاً لما سيترتب عليها من أثمان ونتائج تتعلق بمستقبل الأمة ككل، فالعدو الذي يهدف إلى كسر ظهر المقاومة، شاء أن يلقي بجميع أوراقه في هذه المعركة بعدما فشل في جميع المعارك وآخرها حرب تموز 2006، من هنا نرى ان الميدان الحقيقي الذي سيحسم كل شيء في المستقبل وسيحسم موازين القوى في المعركة، فمن يريد النصر والتأثير في مجرى التاريخ فعلاً، عليه أن يمحور عمله في مركز الصراع ويضع كل إمكاناته في بناء استنهاض طاقات الشعوب من كبوتها، فهنا الميزان والقول الفصل.
امام كل هذه الظروف تأتي ذكرى تاسيس حزب مقاوم قاتل وقاوم من خلال جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ، ونادى وأسس وعمل لطرد الأجنبي المستعمر، ويقف الى جانب الجيش العربي السوري في إنجاز المهمات العسكرية وتحقيق الانتصارات المتتالية على الأرض السورية.
اننا نتطلع الى النضال الدائم الذي يخوضه الحزب السوري القومي الاجتماعي من أجل إيجاد الوضع الاستراتيجي الملائم لخوض معركة التحرير، والإبقاء على القضية الفلسطينية قضية مركزية له وللنضال القومي العربي .
ختاما : ونحن نهنئ الحزب السوري القومي في ذكرى تأسيسه نقول طالما ناضل القوميون على امتداد الوطن العربي وتصدوا للمشاريع الاستعمارية والصهيونية بكل أبعادها السياسية والاقتصادية طوال مسيرة الحزب الممتدة ، وعمل الحزب على نشر الوعي القومي من خلال فكر سعادة في أقطار الوطن العربي بهدف تحقيق أماني الشعب العربي ، فقياديو ومناضلي الحزب لم توقفهم أو تحول بينهم وبين النضال الهجمات والمشاريع والمخططات المعادية غير المسبوقة ضد الأمة العربية .
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي