يعد ملف الامن أحد اهم الملفات أو الأكثر تفجيرا أمام المصالحة الفلسطينية وانهاء الانقسام واستعادة الوحدة، فالأطراف الفلسطينية إما عن قصد أو دون انتباه لا تناقش بشكل جدي المسائل المتفرعة عن مسألة الامن أو هي تحاول الخلط بين المقاومة وسلاح المقاومة من جهة وعن سلاح انفاذ القانون من جهة ثانية والسلاح الشرعي من جهة ثالثة. ان مناقشة هذه القضايا جد هامة لكن هذا النقاش يحتاج الى وضع إطار شامل ووقف خلط الأوراق وكأن هذه القضايا متناقضة أو غير قابلة للحل أو الوصول الى حلول قادرة على تجاوز الصعوبات. ان انخراط الأطراف الفلسطينية في وضع إطار عمل أو الاتفاق على السياسات الأمنية عبر وثيقة "White paper" توضح الأهداف وتحدد المسؤوليات وطريقة التعامل مع السلاح وأنواعه واستخداماته وعلوية أيا منه في كل حالة على حدة.
تشير هذه الورقة "White paper" بوضوح لخصوصية كل من الضفة الغربية وقطاع غزة وواقعهما المختلف واحتياجات ومتطلبات الامن المختلفة فيهما والغاية من أجهزة الامن فيهما. الامر الذي يدعو الى تبني سياسة أمنية فلسطينية وطنية تنسجم مع الوضع السياسي، وتأخذ بالاعتبار الاختلاف الظرفي لكل من الضفة الغربية وقطاع غزة، لاختلاف موقف إسرائيل من ناحية، وأيضاً لتنوع طبيعة الأهداف الأمنية الوطنية الفلسطينية من ناحية ثانية.
وفي ظني يحتاج المجتمعون أن يضعوا بعين النظر مسألة المقاومة وسلاح المقاومة وهما أمران مختلفان تماما فالسلاح أداة للأولى أي النقاش هنا بين الثابت والمتحول في إطار المعادلة الوطنية؛ وبمعنى آخر الاتفاق على البرنامج الوطني لحسم آليات استخدام هذا السلاح وظروفه الزمنية والمكانية. في المقابل يعد سلاح الأجهزة الأمنية في قطاع غزة وكذلك في الضفة الغربية هو السلاح الوحيد الذي يحكم "على الأرض" بغية انفاذ القانون واحترام سيادة القانون وضمان سلامة الحياة الديمقراطية، وهي بالتحديد الغاية الأساسية التي يسعي إلى تحقيقها، ودون ذلك تحل الفوضى "الفلتان" ولا تستقيم الأمور في دولة فلسطين ولا في قطاع غزة أو الضفة الغربية بهذا المعنى لا سلاح فوق سلاح الدولة الحافظة للقانون والحامية للحريات.
فيما السلاح الشرعي هي حالة تشغلها الوظيفة أو الضرورة أي بمعنى أدق في حالة انفاذ القانون والحكم يكون سلاح الأجهزة الأمنية هو السلاح الشرعي، وفي صد العدوان يكون سلاح الفصائل الفلسطينية حينها هو السلاح الشرعي. أي أن الشرعية ذاتها مرتبطة في الحالة الظرفية أو في الموضوع بحد ذاته. وهنا تطلب الضرورة توفير ضمانات لعدم استخدام سلاح الفصائل الفلسطينية في الخلافات السياسية الداخلية. وكذلك الامر اخراج هالة الشرعية من أي سلاح يستخدم في اعمال فردية أو جنائية سواء كان سلاح الفصائل في غزة أو الأجهزة الأمنية.
في كل الأحوال؛ إن حجم ما كتب أو وضع من مقترحات ومبادرات من مؤسسات محلية أو حتى دولية أشبع الملفات المختلفة المدرجة على جدول اعمال المجتمعون الثلاثاء القادم بحثا، في محاولة للخروج بتوصيات أو مقترحات يمكن أن تساعد، أو ان تأخذ، بالضرورة، بعين الاعتبار عند نقاش هذا الملف أو ذاك، لكن تحتاج الى قراءة متأنية من قبل الاطراف الفلسطينية المجتمعة في القاهرة.
بقلم/ جهاد حرب