وفاة عبد الحكيم مفيد زلزلت الداخل الفلسطيني ، هذا ما يثبته البحر البشري الذي تدفق الى مصمص يوم تشييع الجثمان ، والالوف من الناس والشخصيات القيادية التي امت بيت العزاء في السوق البلدي بام الفحم ، والكلمات التي القيت واشادت بالراحل العزيز انساناً وقائداً واعلامياً وكاتباً ومفكراً وقياديا صاحب مواقف منفتح على الحركات والاحزاب السياسية والوطنية ، وهي شهادات فخر واعتزاز لمسيرة عبد الحكيم النضالية والكفاحية ومواقفه الوحدوية .
............
بالأمس نظرت الى وجوه المستقبلين في بيت العزاء ، فلاحظت انك الغائب ، ونحن الذين تعودنا على تواجدك الدائم ووقوفك على رأس المستقبلين للمعزين في غاليية بيوت العزاء في بلدنا الحبيب الذي توشح بالسواد حداداً عليك ..!!
..............
لعل أكثر صفات روح عبد الحكيم مفيد التي تخبىء أكثر مما نرى في الكلمات ، هي نكران الذات مع كل ما يمكن أن تثيره هذه الخصخصة من مشاعر استغراب حتى من طرفنا في هذا الزمن ، الذي اضحى فيه التمركز حول الذات والتسويق المجاني لها دافعاً لقذف المياه الاسنة في المياه العذبة .
ربما كانت هذه الروح تخبىء أكثر شيء نفس وقلب هذا الانسان الطفولي ، وصدق يراع هذا الكاتب والصحفي والسياسي الذي ياتمن الورق شغفه وحماسته ، فلا يظل قلبه وصدره مكان للامتعاض والمرارة ، ورغم كل شيء ظلت هذه الروح تسري فيه وتلازمه في كل مكان وموقع ينتقل اليه ليبدأ بمفرده .
................
تميز عبد الحكيم بخفة ظله وابتسامته المعهودة وضحكته المجلجلة وانسانيته العميقة ، فكان رفيقاً للصغار قبل الكبار ، يمازحهم ويداعبهم ويضحك معهم ويبتسم لهم ، وكثيراً ما كان يردد عبارة " اهلين رفيق " !!
.....................
عبد الحكيم رغم انتمائه للتيار الاسلامي لم يكن متعصباً ومتشدداً ، بل كان منفتحاً على الآخرين وعلى الأفكار والثقافات المختلفة ، وكان يحترم التعددية والرأي الآخر المختلف ، وكان يقول ويعبر عن رأيه بكل صراحة ووضوح ، لكنه لم يفرضه على احد ، وهو اكثر شخصية في الحركة الاسلامية عرفت كيف تتعامل مع القوى والحركات والاحزاب من جميع الوان الطيف السياسي ، وهو بموته خلق وترك فراغا شاغراً وكبيراً ، لم يسد هذا الفراغ احداً غيره ..!
...................
الناس من امثال عبد الحكيم هم أقوى من الموت ، وانهم يتحولوا بعد مماتهم الى رمز ومثال وقدوة عليا ، وهم بذلك يواصلون بعد رحيلهم التأثير على المجتمع بأفكارهم وتراثهم الفكري والسياسي والثقافي الخالد .
...........................
جنازة وبيت عزاء عبد الحكيم مفيد ليسا عاديان ، فقد تحولا لمهرجان وحدوي جمع كل الناس بمختلف الوانهم وارائهم وعقائدهم الايديولوجيهم وانتماءاتهم السياسية والحزببة ، وهذا يدل على شخصيته وروحه وتعامله الصادق والطيب مع الجميع ، وعلى الحب والتقدير والاحترام الذي يجيش في القلوب والنفوس والصدور له ، وهذا شيء نادر وخاص ومميز.
...........................
عبد الحكيم يا صاحبي عشت ومت فقيراً ، ولكنك
كنت في حياتك وموتك ، غنياً بحب الناس وحب الناس لك ، وهذه اكثر واكبر ثروة يتركها الانسان بعد مماته ، فلك البقاء والخلود يا حبيب الألوف ، وليمت في غيهم المغرضون والمحرضون والاوغاد العنصريون ، الذين نفثوا سمومهم الحاقدة عليك ، وليذهبوا الى الجحيم .
بقلم/ شاكر فريد حسن