الحرية و الرفاهية عاملان مهمان للعيش الآمن في مجتمع يقدس الإنسان و يعتبره ملاك حتى يكون العكس في ارتكاب ما يخالف القانون و لكن للحرية الشخصية و الرفاهية ضريبة دموية لا يمكن الخروج منها بدون قيم اخلاقية و دينية و سلوك قويم و من الظواهر المدمرة للإنسان والتي نلمسها يوميا واقتحمت علينا بيوتنا و مدارسنا و جامعاتنا ظاهرة الاتجار والتعاطي والترويج، للمخدرات و المنشطات، و المهدئأت، والمسكرات.. والحبوب المثيرة للنشوة والهلوسة، والإدمان عليها، وهذه الظاهرة، تُعد من أخطر أمراض وآفات العصر الفتاكة والمنتشرة وبشكل خاص بين الشباب على مختلف شرائحه و جنسياته. وهذا الوباء المدمر للطاقات الشبابية يتنامى بين الشباب العربي و المسلم في السويد وبنسب متصاعدة، تنذر هذه الظاهرة بمخاطر أجتماعية وأقتصادية جمّة، تعاني من تداعياتها مئات العائلات العربية والمسلمة ، كسائر العائلات السويدية التي تلوث شبابها بهذا الوباء المعدي.
غفلت المساجد و الجمعيات الدينية و المدارس الإسلامية عن هذه الظاهرة بدعوى انها لا تمس الأجيال المتدينة و انها تنحصر بين الشباب المنحرف خلقيا و سلوكيا و من نتاج اسر مفككة و لكن في زيارتنا للمحاكم السويدية نكتشف ان عددا كبيرا من الشباب الذي يحاكم بجرائم التعاطي و الإتجار بالمخدرات و جرائم القتل و العنف في تحصيل الأموال من عائلات محترمة و متدينة.
ومما يؤسف له ان فئة غير قليلة من شباب العرب والمسلمين، تتعامل مع هذه السموم، سواء بالترويج والأتجار بها، أو بتعاطيها. وكلنا مدركون للفعل والتأثير الذي يخلفه هذا الوباء، والذي يدفع بالمدمنين المصابين إلى فقدان أتزانهم ووازعهم الأخلاقي والاجتماعي والديني.
تشتكي العديد من الفتيات بان بعض الشباب الذين يتعرفن عليهم ، يدسون لهن هذه السموم في اكواب الشاي و القهوه و كاسات العصير بغية تخديرهن و القيام باغتصابهن او ايقاعهن في فخ الإدمان و يقوموا باستغلالهن للترويج للمخدرات او البغاء لتوفير المال الازم للإدمان. غالبية هذه القصص الماساوية تبقى حبيسة الصدور خوفا من ردة فعل الأهل.
الشباب المدمن يهملون أنفسهم، وينتفي طموحهم ويتعطل أو يتوقف دورهم، ويتراجع تعليمهم العلمي والثقافي، مما يجعلهم أُميين اجتماعياً وثقافياً، وتتبدد عنهم ثقة المحيطين بهم، فيتحولون إلى كائنات هامشية ومهمشة، ليس لها طموح في العيش والمستقبل سوى البحث عن المنشطات، والمهدئأت، والمسكرات، المثيرة لنشوتهم وهلوستهم، وبأي ثمن كان ، وهذا مايقودهم إلى الانحراف وارتكاب الجرائم بأنواعها المختلفة، بل وإقدام بعضهم فعلاً على ارتكاب جرائم القتل و الانتحار. كما ويلجأ العديد منهم إلى أرتكاب أعمال مشينة وخارجة عن العرف الأجتماعي والقانوني، كالسطو والسرقة و الإختلاس والتجاوز على ممتلكات الآخرين والمجون والبغاء، وتبلغ بهم الأعراض الجنونية المكتسبة، مبلغها، إذ يكونوا مستعدين لبيع أنفسهم وتسهيل سرقة المحلات التجارية و بيوت عائلاتهم ومن يحيط، بهم ، عند ضغوط الحاجة المالية لتوفير المواد الإدمانية. و في الأونة الأخيرة كثرت جرائم القتل المسلح في السويد و خاصة في المدن الكبرى مثل ستكهولم و جوتنبرغ و مالمو و اوبسالا .. و غيرها من المدن التي يتواجد بها اجانب. و لا يمر يوم إلا و نسمع عن حادثة قتل يقع ضحيتها شاب في مقتبل العمر و غالبيتها تصفيات دموية لضحايا الإدمان و الإتجار في المخدرات.
نتمنى على الأئمة و الدعاة و الأهالي ان يشكلوا شبكات تواصل اجتماعي مع الشباب و التجول في الساحات العامة وقرب النوادي الليلية التي يلهوا بها الشباب ، لياخذوا صورة حقيقية على ما يجري هناك و ان لا يقولوا ابناؤنا ملائكة معصومين عن الخطأ و انهم طاهرين طهارة الثوب الأبيض من الدنس .
د محمود الدبعي
السويد