القضية الفلسطينية تحتاج إلى كل جهد مخلص

بقلم: عباس الجمعة

لا يمكن لأحد التشكيك بنوايا الفصائل الفلسطينية , في جديتها بالحوار وإنهاء حالة الانقسام حيث يعتبر مجرد الجلوس على طاولة الحوار الوطني , بعد عدة لقاءات واحدى عشر سنة على الانقسام الكارثي اوالتشنج في العلاقات الفلسطينية الداخلية , فهذه بادرة مهمة ممكن البناء عليها في تعزيز الوحدة الفلسطينية والخروج ببرنامج وطني تتلاقي فيه القواسم المشتركة إذا خلصت النوايا للوطن والقضية بعيداً عن كل الارتباطات الخارجية .

الحوار الفلسطيني , في القاهرة الذي استمر ثلاثة أيام متواصلة تم انجاز فيها الكثير من الملفات والقضايا , وخاصة موضوع الحكومة والانتخابات والأمن والمنظمة والمصالحة المجتمعية، والحريات العامة،, بالرغم من بقاء بعض الإشكاليات أو النقاط العالقة التي يمكن إيجاد مخارج وطنية , ليجتمع الوطن من جديد على قاعدة تكون الأساس للتحاور , والعيش المشترك بين البرامج السياسية المختلفة .

لا يعقل أن يحاول فريق فلسطيني إجبار الفريق الأخر القبول ببرنامجه السياسي وان يحاول خطف اعتراف والتزام بكل الاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير في ظل غياب إجماع فلسطيني على سلامة الخط السياسي ، وهنا تكمن أهمية رسم استراتجية وطنية بما يحقق المحافظة على الحقوق الوطنية الثابتة .

وهنا لا بد ان يثمن الدور المصري لانه حاضر في ظل التوافق على البرامج الوطنية واعطاء حكومة التوافق الوطني صلاحياتها في قطاع غزة والضفة والقدس ، اضافة الى ان المقاومة حق مشروع للشعب الفلسطيني ورفض الخضوع للأهواء والوعود الصهيونية والأمريكية فالقضية الفلسطينية تحتاج إلى كل جهد مخلص ، حيث اكدت التجربة ان المفاوضات بالرعاية الامريكية لم تعطي شيئ ولم تصنع نصرا.

فنحن نرحب باتفاق القاهرة والبيان الذي صدر عن المجتمعون لاننا نريد للقضية أن تسترد عافيتها وعنفوانها وحضورها في المشهد الكوني كقضية تحرر ومواجهة مع قوى استعمارية مجرمة , لا تتورع في ارتكاب المجازر وقتل الأطفال والنساء , وما تم التوافق عليه هو محطة الالتقاء والتجمع والوحدة ، وإن تحقيق المصالحة بما يفتح الباب واسعًا أمام إنجاز الوحدة الوطنية ، وعليه فالحوار ليس مسألة اعتباطية أو ترفية، بل شرط لازم وضروري يجب أن يحكم أداء وممارسة قوى سياسية تواجه في ذات الوقت الاحتلال ومخططاته ومشاريعه، وحِملٍ ثقيل من المسائل الاجتماعية والسياسية والفكرية، التي بقدر ما تثير الخلاف والاجتهاد، فإنها تفتح الطريق أيضًا أمام الوحدة لمواجهة القضايا المشتركة.

لعل ما يحدد جدوى الحوار هو فهمه كضرورة موضوعية ترقى لأن تكون مصيرية في ظل الحديث الذي يكثر عن ما يسمى "بصفقة القرن" أو الحل الإقليمي، الذي يعني استمرار استهداف القضية الفلسطينية على طريق تصفيتها.

من هنا فان ما يهمنا هو رؤية وطنية موحدة، وبناء استراتيجية واضحة ومحددة، يلتف حولها الكل الوطني، ويعمل على تطبيقها، وحشد قدرات وإمكانات وطاقات المجتمع الفلسطيني والاستفادة من كل ذلك في بناء وتقوية العامل الذاتي، في مواجهة الاحتلال، على طريق تحقيق الأهداف الوطنية في الحرية والعودة والاستقلال.

ختاما : لا بد من القول لم يعد أمامنا كثيرًا من الوقت لنضيعه، فأي وقت سيضيع مجددا، سيدفع ثمنه شعبنا وقضيتنا، فإما أن نفتح للأمل ونعيد للشعب الفلسطيني دوره، في دعم مسيرته النضالية ، واما لا نرفع شعار المصلحة العليا لشعبنا التي تتطلب من الجميع ان يكون هناك حكومة واحدة ودخول خيمة الشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الكيان السياسي والمعنوي للشعب الفلسطيني من قبل الجميع فمشوار النضال طويل وعلى الجميع ان يكون على مستوى المسؤولية.

بقلم/ عباس الجمعة