وقفت فلسطين كلها مع شقيقتها فلسطين في محنتها، كانت الطعنة الخسيسة موجهة لمصر ولفلسطين وللعروبة والإسلام، فهذا العمل الجبان والبشع لا يخدم قضية ولا يحقق هدفاً ولا يقود إلى أي شيء سوى الدمار والخراب، وهذا الهجوم لا يقوم به سوى الذين يعملون لأجندات أو برامج أو مكائد، فمن المستحيل أن يتحلى مرتكبو هذا الحادث الآثم بفكر أو عقيدة أو رؤية، الاعتداء على الناس في الصلاة لا يُبرّر ولا يُفسّر، إنه عمل أعمى وجبان ومُدان، ولا يمكن لأي طرف في الدنيا أن يستمع إلى وجهة هؤلاء أبداً.
ولا يمكن الآن، ونحن في قمة الغضب والتأثر، أن نرتب الأوراق بشكل موضوعي إلى درجة كبيرة، ولكن، وبعد أن نقدم أقصى ما في قلوبنا ومشاعرنا من مواساة وتعزية لنا وللشعب المصري الشقيق، فإن من الممكن القول إن الهجوم الخسيس على مسجد الروضة في بئر العبد، إنما يهدف حقاً إلى زعزعة الدولة المصرية، عن جهل أو غير جهل، فإن هؤلاء المجرمين يعتقدون أن بمثل هذه الهجمات، هنا أو هناك، يستطيعون زعزعة أو إرباك الدولة المصرية، ولكن هذا بعيد جداً عن أحلاهم، فالدولة المصرية هي الدولة الأقدم والأعرق في المنطقة، ولا يمكن لهذه الأعمال الخسيسة أن تربك مثل هذه الدولة المؤسسة، فهناك الجيش المصري القوي والقادر، وهناك المؤسسات الثابتة الأخرى، كمجلس الشعب والحكومة والمجتمع المدني والنخب.
المثقفة، والجهاز المحكم والثابت الذي يدير مفاصل هذه الدولة، الأمر الذي يجعل من أية أعمال إجرامية مجرد مشاغبات يمكن التصدي لها.
الهجوم على المسجد – برأيي – سيضع نهاية النهاية لمثل هذه الجماعات، أياً كان اسمها أو فكرها أو مرجعيتها أو ارتباطاتها، وأعتقد أن هذا الهجوم الخسيس سيشكّل علامة فارقة في التصدي لهذه المجموعات لإخراجها من التاريخ.
فهذه الهجمات الإرهابية تضر بالمصريين كما تضر بالفلسطينيين، تضر بالمصالحة وتضر بالتنمية وتضر بالترتيبات الأمنية وتضر حتى في المفاهيم الأمنية المصرية، بالذات في علاقتها مع دول الإقليم.
هذه الأعمال الإرهابية تهدف إلى رمي مصر الشقيقة في خيارات أخرى، وتهدف إلى إرباك خططها الاقتصادية الكبرى، وتهدف إلى ضرب التكامل المصري الفلسطيني في سيناء وغير سيناء، ومثل هذه الأعمال الإرهابية تهدف إلى ضرب الإسلام وتعاليمه وقيمه، وتريد أن تقدمه ديناً إرهابياً يستحق إعلان الحرب عليه.
إن هذا العمل الإجرامي الذي وقع بالأمس في مسجد الروضة جنوب سيناء يجعلنا نشعر بأننا نقف أمام جيل جديد من الدواعش العائدين من العراق وسوريا، بعد أن اكتسبوا الخبرة في التدمير والقتل، وانتزعت من قلوبهم أي شعور بالذنب، هذا الجيل الذي تحدث عنه الكثير من الباحثين ووصفوهم بجيل التوحش.
وما كان هذا ليحدث دون دعم وتمويل من دول كبيرة ودولاً إقليمية، بغية إيقاع الدولة المصرية، خسئوا، لأن مصر وشعبها وجيشها ومعهم كل الشرفاء في أمتنا، سيقفون مع مصر وسيقاتلون هؤلاء الإرهابيين، وبالتأكيد سيسقط الإرهاب وتحيا مصر، والأيام ستدور وسيندم من يقف خلف هذا العمل الإرهابي، لأن مصر العروبة أقوى من كل المؤامرات.
ما فعلته هذه المجموعة الإرهابية، هو أنها سهّلت الحرب عليها، ذلك أن الشقيقة مصر، ونحن معها، ستقاتلها كمجموعات إرهابية جبانة وخسيسة، لا علاقة لها بالإسلام أو المسلمين، وبهذا نكون قد قاتلناها نيابة عن العالم.
وبالقدر الذي يتألم فيه المصريون الآن، فإننا نشاطرهم الألم والأسى، كما نشاطرهم الاستعداد لمنازلة هؤلاء في كل الساحات.
بقلم/ د. محمد المصري