ثمة فرق بين ماضي وحاضر المستوى الثقافي في الجامعات ، فالطلبة كانوا يتنافسون بالمشاركة في الندوات والمحاضرات ومعارض الكتب ، ويتباهون من يشتري ويقرأ اكثر من الكتب الثقافية والسياسية والفكرية ، وليس كما هو الحال في راهننا ، فدورهم تراجع مع التراجع العام بالاهتمام الثقافي على مستوى الوطن .
........................
رحم الله مجالس الطلبة في الجامعات الفلسطينية التي شكلت رافعة ثقافية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي ، واضطلعت بدور شديد الأهمية في الاستنهاض الثقافي والوطني ، واطلاق وتحفيز الابداع ، وتذويت ثقافة وروح التطوع والعطاء بدون مقابل .
.............................
المجتمع الفلسطيني الذي كان يتمتع بمستويات عالية من الثقافة والوعي السياسي ، بدأ يتحلل الى مكونات قديمة كالقبيلة والعشيرة والحمولة والعائلة ، ما يجعله يقف عند حافة الهاوية .
..................................
العقل العربي ينسج حوله شرنقة التقليد والاجترار ، فلا يفكر الا من خلال ما أنتجه السلف ، ولا يضيف اليها الا ما تسمح به هوامش النصوص وقواميسها .
.................................
من أكثر مشاكل هذا العصر ، مشكلة التفكك الأسري والاجتماعي ، فهل يا ترى أسبابها المال ، أم النزاع على الأرض والميراث ، أم وسائل التكنولوجيا الحديثة ..؟!
...............................
المعارك القلمية والسجالات الأدبية التي كانت تدور بين المثقفين والمتأدبين والأكاديميين حول مسائل وقضايا ثقافية وأدبية وفكرية مختلفة ، هذه المعارك غابت من من حياتنا الثقافية المعاصرة ، فلماذا انتهى الجدل حولها ، أم أنه لم يعد هناك حاجة للخوض فيها ..؟!
..............................
لا أبالغ اذا قلت أن شعوبنا العربية من محيطها وحتى خليجها مصابة بعقم فكري وضحالة ثقافية ، وتنتشر بينها ظواهر التخلف والأمية والايمان بالأساطير والخرافات والغيبيات ، فضلاً عن ثقافة الترف والاستهلاك والتمييع الثقافي ، وسيادة كل أشكال المظاهر الزائفة ، والسؤال : هل سيأتي تسونامي يقضي على كل ما يجري ويحدث في مجتمعاتنا وبين شعوبنا العربية ..
...............................
الأدب مرآة الشعوب ومصدر الهامها وعنوان حضارتها ، والأديب الحق هو من يشتبك مع الواقع ، ويتفاعل مع قضايا شعبه وهموم مجتمعه ، ويزرع الأمل في قلوب المسحوقين والكادحين .
..............................
نحن نحتاج الى قيادات بلا مجد وبلا شهرة وبلا بريق ، والى جنود مجهولين كالراحل عبد الحكيم مفيد ، ابن قرية مصمص ، الذي فقدناه قبل ايام ، يهتىموا بنصرة الحق ، ويضحوا في سبيل مجد الأمة ، واستعادة العزة والكرامة لها ، ويستعيدوا حق كل مظلوم ، وينشروا ثقافة التسامح واحترام الرأي الآخر .
.............................
كم كان الشاعر الجميل الراحل أحمد حسين صادقاً عندما قال :
نحن في عصر زنت فيه
الحضارة وانزوى الشرفاء
............................
قال الامام علي بن أبي طالب " رضي الله عنه " :
ليس الجمال بأثواب تزيننا
ان الجمال جمال العلم والأدب
وهذا القول صحيح ، لكن للأسف أنه على أرض الواقع بات مغايراً في زماننا ، فالجمال في مفاهيمنا هو أثواب تزييننا وعطر ينعشنا ومكياج يغمر وجوهنا وجيبات ترفع مقامنا ونظارات سوداء عريضة تحجب نور الشمس عنا ..!
يكتبها : شاكر فريد حسن