بكل وجع ٍ ،وبكل ألم ٍ وحزن اسطر هذي الكلمات رغم أنين القلم ،وآهات السطور ...فما حدث بالأمس من مجزرة بشعة في مسجد الروضة بمنطقة بئر العبد شمال سيناء جريمة نكراء وجبانة تهتز لها الجبال ، وتتزلزل لها الأرض ...جريمة نوعية هي الأولى ، والتي بلغ عدد ضحاياها إلى 305 من القتلى والعدد قابل للزيادة ،وأكثر من 128من الجرحى ، جريمة لم تحدث منذ زمن ٍ بعيد بكل بشاعتها على مسرح عمليات أرض الكنانة ...مصر الشقيقة ، مصر التي يستهدفها منذ فجر التاريخ ...أعداء الدين والوطن والتاريخ العميق الممتدة جذوره منذ آلاف السنين ...أعداء الأرض والسلام ...أعداء الإنسانية جمعاء وأعداء المعذبين والمساكين في الأرض ...هي مجزرة الهدف منها إسقاط مصر وزعزعة الأمن والنظام ...هي مجزرة رسالتها ومفادها بكل بساطة... انه لا أمن ولا أمان لا في دور العبادة لا في مسجد أو كنيسة ،ولا في المدارس ولا الجامعات ، ولا البيوت الآمنة ولا الطرقات ... مقابل هدفا استراتيجيا بخسا لإسقاط الدولة المصرية ،والنيل منها ...مصر التي لو سقطت يسقط الكل ...حقيقة لن أتحدث عن سرد محتويات أو صور الويلات والمآسي لتلك المجزرة التي يدمي لها القلب والتي تم بثها على مرآي من الجميع ...ولكن ما أردت قوله هو ذاك التساؤل الغريب الذي يطارد ذهني كرجل ٍ عسكري،بعد اطلاعي على تفاصيل تلك المجزرة وإحصائياتها كما أفادت وسائل الإعلام ...أو الشهود العيان عبر الوكالات الإخبارية...وذاك التساؤل هو كيف تمكن أولئك الإرهابيين ،بكل جرأة وتحدي ،وفي ضوء النهار ليقترفوا مثل تلك الجريمة البشعة ، وما قاموا به من انفجارات وحرق سيارات المواطنين، ومن تصفية المصلين الأبرياء الذين لاذنب لهم سوى أنهم غادروا بيوتهم ،وأهليهم لأداء فريضة الجمعة، والكارثة أنهم أي القتلة ، كانوا يقصدون القتل وبدم ٍ بارد ٍ والكارثة الأكبر أن يقوم مثل أولئك المجرمين بالاختفاء ، أو الهروب رغم سعة المكان ،ومغادرتهم إياه بكل طمأنينة وثقة ،وكأن شيئا لم يحدث ...وبدون المساس بهم ...؟! وهكذا تم تصفية الأبرياء الذين كانوا يسيرون على أمل العودة لتناول طعام الغذاء الوحيد الذي يجمعهم كل أسبوع ٍ وسط رحلة الشقاء الأسبوعي والسعي في الأرض ، من أجل توفير لقمة العيش لأبنائهم ، هم مواطنون عُزل جاءوا من مناطق عدة ،ولم يكن يعلموا أنهم لن يرجعوا لبيوتهم إلى الأبد... بل إلى القبور الجماعية تحت الثرى والتي تحتضنهم بعدما ضاقت بهم الأرض بما رحبت إلا أن رحمة الله واسعة وذلك هو يقيننا بالله سبحانه وتعالي ، إنهم لم يعلموا أنهم على موعد مع الخيانة والدمار والقتل ...هم أي الذين قُتلوا إثر تلك العملية الجبانة ... نحتسبهم عند الله من الشهداء ولا نزكي على الله أحدا نسال الله سبحانه أن يصبر أهليهم على ذاك البلاء وتلك الفاجعة التي تعتصر قلب كل إنسان حر وشريف ، كل إنسان له مشاعر وأحاسيس ...وأما القتلة فلهم الخزي والعار ، و إن لم يكشف هويتهم التاريخ الذي سيلقي بهم فوق أكوام المزابل وجيّف الكلاب ...فسيكشفهم الله سبحانه يوم القيامة ، وهو القائل وقوله الحق جل في علاه في كتابه العزيز قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة:114]. وسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ...حماك ِ الله يامصر شعبا وأرضا وحضارة ،ولا يسعنا سوى أن نعزي إخوتنا في مصر ، ونعزي أنفسنا... ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل ...!
بقلم /حامد ابوعمرة