لمحات من فكر

بقلم: شاكر فريد حسن

من الأخطاء المؤذية للحركات الفكرية المختلفة في مجتمعاتنا العربية الاسلامية ، هو ترك الدين لسيطرة جماعات وفرق تعمل بدأب على تسخيره وملاءمته لطروحاتها وأفكارها ومصالحها الفئوية الضيقة .

فالدين ليس ملكاً ووقفاً على فئة معينة أو تيار معين ، وليس طابو لمجموعة واطار سياسي يشوه  جوهره ، ويضيف مواقفه الخرقاء وخزعبلاته وشعوذاته وغيبياته كتفسيرات أو كنصوص ، الديانات هي جزء من الحضارات والثقافات الانسانية وكل دين في جوهره وقيمه ، وجاء كثورة اجتماعية وكنقلة نوعية في حياة المجتمعات من خلال تأكيد وتجسيد الجوهر الأخلاقي الراقي للانسان ، وعبر تعزيزه مفاهيم المسواة والعدالة والتسامح بين الناس .

ولا جدال أن الاستعمار والصهيونية نجحا في اختراق المجتمعات العربية نتيجة التربة الخصبة من الفقر والجهل والأمية والتخلف والشطط الديني والغلواء الطائفية ، وهما يرعيان الوهابية في السعودية والأخوانية في قطر ، ويدعمان كل التيارات والمجموعات المسلحة والمجاميع التكفيرية الظلامية ضد النظام السوري .

ولتحقيق الاصلاح المجتمعي وتحقيق التغيير والتحول النوعي في مجتمعاتنا نحتاج أولاً الى فصل الدين عن السياسة ، وارساء مشروع عقلاني حضاري نهضوي جديد ، وعلينا بالوعي النقدي والمزيد من المعرفة والتسلح بالثقافة المستنيرة حتى نتمكن الخروج من أزمة ومحنة الفكر في العالم العربي الاسلامي ، وليس بالبترودولار وبيع الذمم وشراء الاقلام ومن يطلق على نفسه لقب " مثقف " ويباع ويشترى في سوق النخاسة ، وليس ايضاً بالعقل النقلي ، وانما بالابداع والوعي المعرفي .

كما علينا استيعاب تراثنا بتاريخيته وتعبيراته عن مشكلات وقضايا العصر ، والذود عن القيم والأخلاق الجمالية ، والابحار في معين فكر الامام علي بن طالب والفاروق عمر بن الخطاب ، وفكر المعتزلة الذي شكل أساساً للنهضة العلمية والمعرفية والفكرية والتحرر من سلطة الفقهاء ، فضلاً عن رسائل اخوان الصفا الفلسفية ، فالقرامطة وصولاً الى اعلام ومفكري النهضة التجديدية ، والكثير من نقاط الضوء الاستشراقية في تاريخنا وتاريخنا الفكري وثقافتنا العربية الاسلامية ، هذا بالاضافة الى تعميق وترسيخ مفاهيم الديمقراطية الحقة وتسييد التعددية الثقافية والسياسية والفكرية ، ووقف جميع الممارسات التي تنتهجها مجموعات وافراد وهيئات وضعت نفسها وصية على المجتمع وفكر وحرية الفرد دون أن يخولها أحد بذلك ، ومن المستحيل اعادة بعث واحياء دولة " الخلافة الاسلامية " ولو بصيغة حديثة وعصرية كما تطرح وتحلم وتنشد القوى الاصولية التكفيرية .

بقلم/ شاكر فريد حسن