عكا ، هذه المدينة التاريخية الساحلية العريقة الني عجز نابليون عن اختراق أسوارها الحصينة ، كم نحبها الى درجة العشق ، فلنا فيها ذكريات جميلة منذ مرحلة الصبا والشباب لن ولم تمح من ذاكرتنا ، ولنا فيها أصدقاء وأحبة أوفياء لم تفتر علاقاتنا معهم رغم البعد أحياناً نتيجة انشغالات الحياة ، وكم شهد شاطئها لقاءاتنا العشقية حيث المناجاة والعناق وكلام الحب والغزل على رائحة بحرها وأسماكها .
وعكا مدينة تشتهر بأسوارها وقلاعها وآثارها وفنارها ومينائها الجميل وشاطئها الخلاب واسواقها ومساجدها العتيقة كمسجد الجزار ومسجد البحر وغير ذلك .
وعكا كانت وستظل ملتقى الشعراء والأدباء وأهل الثقافة واصحاب القلم ، وكم من شاعر كتب وقال فيها شعراً ..!!
ولن ننسى " قهوة الدلالين " التي كانت تجمع كل الشعراء والزجالين ، حيث كانوا يتبارون في قول الشعر الشعبي والفصيح .
وفي عكا مؤسسة " الأسوار " التي انشأها الصديق الأديب والمثقف الأصيل يعقوب حجازي مع رفيقة دربه الأخت الرائعة حنان حجاري ، التي صدر عنها مئات الكتب والمطبوعات في جميع ألوان الكتابة والابداع .
ولعكا مكانة عظيمة لدى جماهيرنا وأهل الجليل والمثلث خاصة ، وكم كان الصديق ابن بلدي الذي رحل بالأمس القريب القيادي والاعلامي عبد الحكيم مفيد يعشقها ، وكان ابنا لها لا يفارقها أيداً حتى أن أهلها كباراً وصغاراً كانوا بعرفونه جيداً كواحد منهم ، وكم عز عليهم رحيله المبكر ، وقد أموا بيت عزائه زرافات زرافات .
ويحضرني الأن هذا المقطع من أغنية " يا زريف الطول " :
يا زريف الطول لوعني الهوى
وقلبي بحبك يا بعد عيني انكوى
امتى يا المحبوب رح نمشي سوى
وننزل عا عكا نقضي غراضنا
أما شاعرنا الفلسطيني الخالد راشد حسين فقال في قصيدته " عكا والبحر " :
يا حلوة البسمات يا عكا ! رويدك يا طهورة
البحر قبل راحتيك ، وجاء يسألك المشورة
فهو الأمير أتى ليخطب ود قلبك يا أميرة
رفقا به وبقلبه ! لا تجرحي أبداً شعوره !
في حين يقول الشاعر الرقيق " عبد الحي اغبارية " في قصيدته الجميلة " عكا ! ألم وأمل " :
عكا على جدرانها التاريخ مطروح حزبن
وتفوح في حاراتها عبق السنين بها دفين
رسم الجدود على ثراها لوحة الفتح المبين
غطى غبار الفهر صورتها وأبكتها الشجون .
فأه يا عكا
يا اسطورة التاريخ
وجرحنا النازف المكابر
الذي يمزقنا
ويعذبنا
فعلى ضفافك نظمنا
قصائد العشق والحب
وعلى أسوارك كتبنا
ملاحم الصمود
وعلى صخور بحرك
نقشنا لوحات البقاء
عكا حكاية وقصيدة ولوحة فنية محفورة في قلب كل فلسطيني ، فلأهلها تحية حب ووفاء ، ومزيداً من الانزراع والانغراس عميقاً حتى الجذور ، ويا عكا افتحي احضانك لاستقبال ابنك العائد من الرحيل غسان كنفاني ..!
بقلم/ شاكر فريد حسن