تعيش المجتمعات العربية في المرحلة الراهنة رهينة لطغيانيين ، الطغيان السياسي ، والطغيان السلفي التكفيري الرجعي والتراثي الجامد ، النقيض للاستنارة الدينية ، والجوهر بينهما مشترك وهو تكريس القهر والاستبداد والطغيان وواقع التخلف والأمية .
وما يلفت النظر أن مجتمعاتنا العربية التي كانت تتمتع بمستويات من الثقافة والوعي السياسي ، وشهدت نهضة علمية وثقافية ابان عصر النهضة ، ونمواً للحركات الفكرية والسياسية والاحزاب التقدمية والعلمانية والشيوعية وانتشاراً للأفكار التنورية والليبرالية ، أخذت تتحلل الى مكونات رجعية وقديمة جداً كالقبيلة والعشيرة والطائفة ، وتتصارعها النزاعات الطائفية والمذهبية التي اخذت تعصف بها في السنوات الأخيرة ، وتغذيها قوى الاستعمار والامبريالية ودول النفط الخليجية .
وفي حقيقة الامر أن استشراء الغلواء المذهبية الطائفية ساهم في تمزيق النسيج الوطني وغياب السلم الاهلي والاجتماعي في الاقطار العربية .
وكذلك فان البعد الديمقراطي هو المستهدف تحت تأثير نمو وصعود التيارات السلفية المحافظة ، التي تستهدف الحداثة كفكرة وكنمط للعيش والحياة ، والثيوقراطية الدينية التي تدعي زيفاً وبهتاناً انتسابها للدين هي نقيض كل هذا .
ان حروب الطوائف والفتن الطائفية التي تعم البلدان والاقطار العربية تشكل خطراً داهماً محدقاً بالشعب العربي ، ويهدد وحدة الدولة ووحدة الشعب ونهضة المجتمع . وقد لعبت الطائفية دوراً أساسياً في عدم استقرار الاوضاع السياسية والاجتماعية ، وهي سبب الأزمات كلها في هذه البلدان ، ولن يتحقق الاستقرار والامن فيها بدون القضاء على كل مظاهر الطائفية السياسية والغلواء الدينية ، وبدون خطاب عربي وحدوي وفكر تنويري معاصر ، مناهض للفكر التقليدي والرجعي السلفي الجامد ، فكر قادر على اختراق الخطاب السلطوي الطائفي والفكر المؤسساتي ، وبناء دولة المؤسسات المدنية والديمقراطية ، وهما شرطان أساسيان للتحرر وبمثابة الدينامو للثورة العربية القادمة ، التي ستجعل الحلم القومي حقيقة واقعة وملموسة .
بقلم/ شاكر فريد حسن