الكتابة عن الرفيق الشهيد عمر درباس ابن جبهة التحرير الفلسطينية عضو قيادة اقليم سوريا في الجبهة واحد كوادرها الرئيسية، والذي ناضل في صفوفها منذ نعومة اظفاره وكان مثالا في التضحية والفداء والالتزام ومناضلا صلبا من اجل تحقيق اهدافنا الوطنية في العودة والحرية و الاستقلال ، مناضل فلسطيني جبهاوي ليس فحسب ، وإنما هو بالأساس صاحب تجربة ثورية غنية وفريدة ، جمعت بشكل خلاق بين الانتماء العميق والانصهار الثوري في صفوف الثورة والجبهة ، حيث إبدع الشهيد بدوره النضالي والجماهيري في مخيم اليرموك ومخيمات سوريا ، لم يرى التعب أو المساومة أو الخضوع حتى النفس الأخير من حياته .
نعم رحل عنا الشهيد عمر درباس وترك لنا ارث نضالي لا يمكن نسيانه، فعلى درب الصلابة والمبدئية كان الرفيق طلائعياً ورائداً ، احب فلسطين واحب سورية وعشق مخيم اليرموك ، مناضلا ثورياً في سائر المواقف لا سيما عندما يتعلق الموقف براحته الشخصية أو حريته الشخصية ، هنا تتجلى الثورية بنكران الذات والانصهار الجمعي وإعلاء موقف الجماعة والموقف الثوري مهما بلغت التضحيات والثمن.
رجل صنع من الانتماء راية في مراحل حياته متنقلا من الصمت الى الصمت يعمل بصمت يقاتل بصمت يصنع ملاحم الرجال بصمتلا يعلم عنه الكثير من ابناء نضالنا المعاصر لايعرفه سوى القليل من رافقه من وشاركه رحلة الكفاح .
عاش شهيدنا فقيرا ومات ايضا فلسطينيّاً فقيرا لم تغره اغراءات الدعم والمسؤولية الكاذبة ولكنه في باطنه يعلم يقيناً أنه كان غنيّاً برفقاء الدرب غنيّاً بالانتماء كان غنيّاً بالعزّة غنيّاً بالشجاعة.
لقد تميز الشهيد عمر بقدرة فائقة على الاندماج والتقرب من الناس حيث دخل إلى قلوبهم وعقولهم ، لقد أحبه الرفاق جميعاً واعترفوا بدوره المتميز بالصلابة والكفاحية العالية وحب العلاقات الرفاقية الدافئة الحميمة والانصهار الكامل في الجبهة والثورة من خلال الوعي والصلابة الفكرية والسياسية.
كان للشهيد مواقف ثابتة في تقييمه ورؤيته لجوهر الصراع الفلسطيني العربي – الصهيوني ، كان مناضلا بتفكيره ومناضلاً صادقاً صلباً من أجل العودة إلى فلسطين، يتمتع بإرادة قوية لا تلين تاركاً أثراً بالغاً لدى رفاقه ومحبيه.
شيء ما من الفضيلة الهادئة حيث كان يحب ويقدر رفيقه القائد الشهيد الامين العام ابو العباس، تعلم منه أشياء كثيرة، كان ذلك الرجل في صبره يجسّد الانضباط التنظيمي، لهذا كان منضبطاً في الكلام والحكم والسلوك ،لأن الانضباط الأخلاقي كان من صفاته الذاتية، كما كان لم ينظر إلى خصمه السياسي، بمنظور الكراهية والاتهام والتصغير، بل بمنظور التأسي والخيبة، ذلك أن الخسارة في
اتجاه فلسطين محدد هي خسارة لجميع الفلسطينيين، إنه الاحتراف الذي يلبي الروح والشرف والأخلاق.
نحن اليوم نفتقد مناضلا مثابرا كرس شبابه وعمره كله في النضال ومقاومة الاحتلال الصهيوني وفي خدمة قضايا وطنه وشعبه، نفتقد قائدا كان يشكل ركنا من اركان الجبهة في اقليم سوريا،تاريخ الرجل بنضاله يندغم بتاريخ الجبهة كما اندغم رفاقه القادة العظام الامناء العامون طلعت يعقوب وابو العباس وابو احمد حلب ، والقادة حفظي قاسم وابو العمرين وسعيد اليوسف وابو العز وجهاد حمو وكل شهداء الجبهة من قادة ومناضلين ، وكل قيادات ومناضلي الشعب الفلسطيني التي رحلت في صفحات التاريخ الفلسطيني.
ختاما : غادرنا بشكل مفاجئ فكانت الشهادة ، هذا هو عمر درباس، قاتل وناضل في كافة المواقع المختلفة فأصبح في الدرب الذي اختاره، ولم يختر نهاية الدرب، متمنياً على آخرين أن يكملوا مساره، حيث ان اليوم التاريخ يسجل ، ونحن اليوم ان نودعك نعاهدك ونعاهد كل الشهداء ان فلسطين ستبقى الحلم والبوصلة ، ونحن نتطلع اليوم من اجل العمل من أجل إقامة نواة جبهة شعبية قومية عربية هدفها حشد الطاقات من أجل التصدي لمسؤولياتها وتوحيد جهودها في هذه الظروف، وفي مقدمة مهامها في هذه المرحلة مواجهة عملية التطبيع مع كيان العدو ، فالشعب الفلسطيني هو شعب عطاء ، عشق فلسطين الأرض والهوية وهو يرسم تاريخ مشرق لفلسطين وقضيتها.
بقلم/ عباس الجمعة