في لقاء المائدة المستديرة الذي دعا إليه مركز فلسطين للدراسات والبحوث، والذي غابت عنه حركة فتح دون بقية التنظيمات، في هذا اللقاء تحدث الحضور من كل التنظيمات بلغة واحدة، وبشكل يعكس الإجماع الوطني الفلسطيني اللافت للانتباه، ولاسيما أن مفاصل الحدث السياسي لم تعد خافية على أي مشارك أو مراقب للحالة الفلسطينية.
كان التنظيم الأقل حديثاً بين الحضور، هو تنظيم حركة حماس، فقد التزم ممثلة الدكتور صلاح البردويل الصمت، بعد أن طرح موقف الحركة من لفظة التمكين والمصالحة، وراح يستمع لحديث التنظيمات الأخرى، ويتابع مواقفها، التي طربت لها أذن ممثل الحركة، وهو يستمع إلى كل ما تمنى أن يسمعه من التنظيمات في هذا اللقاء.
لقد تمكن ممثلو التنظيمات الفلسطينية من ناصية الحديث، بعد أن غدت التنظيمات والقوى السياسية الفلسطينية في قطاع غزة تتحدث بلغة سياسية واحدة، فممثل الجبهة الشعبية السيد جميل مزهر تحدث عن أهمية المصالحة، وواجب القوى الوطنية لدعمها وانجاحها، وأثنى ممثل الجبهة الديمقراطية السيد أبو ناصر على التزام حركة حماس بما تم التوقيع عليه، وطالب ممثل حركة الجهاد السيد خالد البطش بضرورة التزام حركة فتح باتفاقية القاهرة الموقعة بتاريخ 4/5/2011، وطالب الجميع بضرورة التقييد بما جاء بكل الاتفاقيات المصالحة الموقعة بين القوى الفلسطينية على مساحة الوطن.
في لقاء المائدة المستديرة كان التوافق بين التنظيمات مدهشاً، فلا تلمس اختلافاً في المواقف بين حديث الجبهة الشعبية عن حديث حركة الجهاد، عن لغة الجبهة الديمقراطية، حتى عن مداخلات الحضور من المجتمع المدني، ومن بقية القوى السياسية والتنظيمية المشاركة في اللقاء
لقد حذر الجميع من فشل المصالحة، وأبدى الجميع استعداده للقيام بواجبة الوطني، وتحمل المسؤولية في المرحلة القادمة، بما في ذلك النزول إلى الشارع مطالبين برفع العقوبات عن قطاع غزة، ومطالبين بالشراكة السياسية، والالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه بين حركة حماس وحركة فتح.
ورغم هذه الإيجابية، ورغم المشاركة الناضجة، والحضور الفاعل من التنظيمات الفلسطينية، إلا أن التنظيمات الفلسطينية لم تطرح البديل الوطني في حالة فشل المصالحة، ولم تعلن حتى اللحظة عن أي موقف سياسي جريء، يُربك الطرف المعيق للمصالحة، وذلك في حالة إصرار قيادة السلطة على تجاهل النداءات الصادرة عن التنظيمات، ولم تناقش الفصائل مصير قطاع غزة، وما ستؤول إليه الأمور في حالة فشل المصالحة، ولم تتحدث التنظيمات عن أي خطوة جماعية في المستقبل القريب في حالة تم رفض الشراكة الوطنية.
كان حرياً بالتنظيمات الفلسطينية أن ترسم خارطة طريق، تحدد فيها خطواتها المستقبلية بكل ما يتعلق بمستقبل القرار السياسي، ومستقبل غزة التي ستواجه مصيراً مجهولاً في حالة فشل المصالحة، وهذه مسؤولية كل التنظيمات الفلسطينية والقوى والفعاليات الوطنية مجتمعة، بما في ذلك حركة حماس، التي أضحت جزءاً من الكل الوطني وليست بديلاً عنه.
د. فايز أبو شمالة