في هذه الأيام تتعرض القضية الفلسطينية لمحاولات إغتيال . وتتعرض أيضا لمحاولات تصفية للقرار الفلسطيني . وتتمثل هذه الإغتيالات بأشكال كثيرة . منها سياسيا وعسكريا ومعنويا . ومن الغريب في الأمر أن هذه المحاولات تتزامن مع بعضها البعض . كانت التهديدات الأمريكية بإغلاق مكاتب منظمة التحرير في الولايات المتحدة . ومن ثم قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس . ومن ثم ما يسمى بصفقة القرن التي لا تشفي الغليل . وهي تحمل في طياتها دولة في غزة وأجزاء بسيطة من الضفة الغربية . والبعض من رواد الصفقة ينادي بأن تكون أرض سيناء بديلة للفلسطينيين عن أجزاء من أراضي فلسطين التاريخية . وما زاد الطين بلة هو العرض الذي قدمه ولي العهد السعودي "محمد بن سليمان آل سعود" لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية "محمود عباس" بأن تكون بلدة "أبو ديس"المجاورة لمدينة القدس عاصمة لدولة فلسطين المقترحة مستقبلا . وكأن محمد بن سليمان ليس مقتنعا بأن فلسطين بنظر الأمم المتحدة والمجتمع الدولي هي دولة بإعتراف أممي ورسمي . فمن الواضح جدا أن النفوذ الأمريكي يسيطر تماما على المملكة السعودية وخاصة "محمد بن سليمان" وهذا ما جعله وسيلة ضغط على الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" . وهذه المبادرات السياسية المتكررة التي من شأنها إغتيال وتصفية القضية الفلسطينية . هي رسالة من الأطراف المبادرة للفلسطينيين بأنه حان الوقت لحل قضيتكم بأي ثمن وما عاد لدينا وقت كافي لفتح هذا الملف الشائك . وعليكم أيها الفلسطينيين التنازل لجميع الحلول لأنه لدينا مشاكل كثيرة غيركم . أما بالنسبة لنا كفلسطينيين فعلينا أن تدرك تماما أن هناك محاولات إغتيال لقضيتنا تجري على أرض الواقع . ونحن نراها في كل يوم . مثل تهجير الفلسطينيين البدوا من ضواحي مدينة القدس . وإبتلاع الأراضي الفلسطينية لبناء المستوطنات . وزحف المستوطنين إتجاه باحات المسجد الأقصى . وقلع الأشجار التي تعتبر شاهدا على عروبة أصحاب الأرض . وقمع أهالي قصرة وغيرها من إنتهاكات يومية . وكل هذه محاولات الإغتيال تتزامن من بعضها البعض لصالح تصفية القضية والقرار الفلسطيني .
وبعد هذا المشهد المحزن سألت نفسي سؤالا . لماذا يتصارع علينا الجميع ؟ ويتجرا علينا القاصي والداني ؟ والجواب هو لأن الفصائل الفلسطينية في حالة صراع داخلي دائم . وينتج عن هذا الصراع التنازل تلو التنازل . فالقضية التي تجمع عليها جميع الفصائل تقريبا هي حدود 67 . وهذا يضع الفلسطينيين في موقف التنازل عن الثوابت من وجهة نظر إسرائيل . ومن هذا المنطلق إسرائيل عندما تسمع جميع الفصائل تنادي بحدود 67 فهي تطمح بمزيد من التنازلات . وتسخر أطراف الضغط على الفلسطينيين لتقديم تنازلات لصالح إسرائيل .
الأيام القادمة ستشهد ضغوط كبيرة ومكثفة على الفلسطينيين من بعض الأطراف العربية والدولية للقبول بأقل القليل . وهذه الضغوطات بالتوازي مع ملف المصالحة الذي يشغل جميع الأطراف الفلسطينية . وهذا قد يشكل خطورة على مسار القرار الفلسطيني المستقل سواء كان على مستوى المصالحة أو على مستوى صراعنا مع العدوا بما يخص قضيتنا العادلة .
بقلم/ أشرف صالح