المواجهة الفلسطينية لقرار الأرعن ترامب

بقلم: جبريل عودة

قرار الرئيس الأمريكي الأرعن دونلد ترامب , بخصوص الإعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني , يشكل بإختصار قمة الإستهتار والإستهانة بالأمة العربية والإسلامية , وهو بذلك القرار الآثم ,يفضح عجز الأنظمة العربية والإسلامية , أمام غطرسة القوة الصهيوأمريكية , ترامب يقولها بصراحة أن مصالح اليهود في فلسطين , مقدمة عنده على أي إعتبارات آخرى , وهو بالمناسبة لم يبكي على عملية " السلام " المزعومة , كما تعلل بعض الرؤساء العجزة بتحفظهم على قرار ترامب , بأنه قد يؤثر في عملية "السلام" المعطلة منذ عقود , بل أن بعضهم لم يعارض منح القدس عاصمة للصهاينة , ويحبذون أن يتم ذلك إطار عملية التسوية الشاملة , وآخرين طالبوا بإعتماد مدينة القدس عاصمة للتعايش والسلام ! , وتفسير هذه الحالة من الخضوع والإستسلام للرغبة الأمريكية , بأن الذل والخنوع عشعش في قلوب المتربعين على منصات الحكم الجبري في عواصم الأمة العربية والإسلامية , فلا يرجى منهم خيراً لفلسطين ولا للقدس ولا للأمة , فأقيموا صلاة الجنازة وكبروا أربع تكبيرات , ولا تنتظروا من ميت أن يتحرك أو ينطق بكلمة , قديماً لم تنم جولد مئير ليلتها , يوم حريق المسجد الأقصى المبارك , وعندما أشرقت شمس اليوم التالي , أيقنت بأنها أمام أمة نائمة , فلم تتحرك الجيوش نصرة للأقصى , وهي تعرف ما يمثله المسجد الأقصى للمسلمين , ومن هنا جاء خوفها وخشيتها المفترضة من غضب المسلمين لمقدساتهم والذي لم يحصل !, فلقد كان العرب والمسلمين في سبات الهزيمة يرقدون لا حراك ولا وعي , قد غاصت رؤوسهم في ملذات وشهوات الدنيا , وهذا الحال لم يتغير عليهم منذ ذاك الحين , فلماذا التعويل الخاطئ على هياكل ميتة جامدة تحركها غرفة التحكم من البيت الأسود في واشنطن ؟!.

ما يقع علينا كشعب فلسطين , هو واجب مواصلة المقاومة للإحتلال الغاشم , وإعادة الإعتبار لقضيتنا والتمسك بحقوقنا , ورفض الإعتراف أو التسليم للإحتلال , فلقد أكدت تجربة عقدين ونيف من عملية التسوية الخداعة , بأن الإحتلال الصهيوني لن يسلم للفلسطيني بأي حق على هذه الأرض المباركة , بل يعمد بكل غطرسة إلى محو الثقافة وتزوير التاريخ وتهويد الأرض الفلسطينية , فلماذا يصر البعض على ولوج هذه الطريق التي تقود إلى ضياع القضية والتفريط في فلسطين كوطن لابديل عنه لنا ولأجيالنا القادمة .

وأمام هذه العدوان الأمريكي الغاشم على عاصمتنا ومسرى نبينا الكريم ومعراجه للسموات العلى , والذي يفضح مشاركة الأمريكي في الإحتلال المباشر لفلسطين , ودعم وإسناد العصابات الصهيوني في مواصلة سيطرتها وإحتلالها للأرض الفلسطينية , يجب علينا التأكيد على بعض المُسلمات والثوابت في الحياة السياسية الفلسطينية الوطنية والتي يجب أن تكون معالم في طريقنا نحو تحرير الأرض والمقدسات.

أولاً: أمريكا وعبر إداراتها المتعاقبة هي عدو وشريك مباشر للإحتلال و العدوان على فلسطين ولعل قرارات الفيتو في مجلس الأمن , والتي داست جراحاتنا ونكلت بشهدائنا على مدار الصراع مع العدو الصهيوني , لم تكن كافية لذا البعض بالنظر لأمريكيا كعدو مركزي لحقوقنا الوطنية , واليوم يقولها ترامب بخطابٍ رسمي لا يغفل عن حقيقته الا مسلوبي الإرادة أو المنتسبين للطابور الخامس , وراية الخيانة واضحة ترفرف فوق رؤوسهم , لا تحجبها التبريرات والحجج الواهية , وبناء على ما تقدم يصبح التعويل على الإدارة الأمريكية , في إنتزاع أي حقوق للشعب الفلسطيني من قبيل السذاجة السياسية , فلا يعقل أن يستجير المرء بالنار على الرمضاء.

ثانياً : تجديد خطابنا السياسي الوطني الفلسطيني بعد الإعوجاج الذي أصابه بفعل تأثيرات إتفاقية أوسلو المشؤومة , والتأكيد على نبذ الإعتراف بالكيان الصهيوني ورفض التطبيع مع العدو الصهيوني , والعمل على التمسك بفلسطين التاريخية , بعد فشل البرامج المرحلية والتعاطي مع المبادرات السياسية , وما يجب أن يكون راسخاً هو أن المشروع الإستعماري الصهيوني زائل حتماً , ولا يوجد للصهاينة وطن في فلسطين.

ثالثاً: إعلان فشل التسوية والإنسحاب من كل إتفاقياتها , خاصة بعد إنتهاء المدة القانونية لإتفاقية أوسلو منذ العام 1999 م , وسحب الإعتراف بالكيان الصهيوني ومسح هذه الخطيئة وللابد من سجلات منظمة التحرير , ويعزز ذلك الموقف تنكر العدو الصهيوني لحقوق شعبنا ومواصلة عدوانه على البشر والشجر والحجر في فلسطين .

رابعاً : إعادة القضية الفلسطينية لحضن الجماهير الفلسطينية الثائرة , حيث أن قضيتنا العادلة تقوم على حقيقة راسخة , بأن فلسطين تعرضت لأبشع إحتلالي إحلالي , بدعم من قوى الإستعمار الغربي , ومن المؤكد بأن الجماهير قادرة على حماية القضية والدفاع عنها وإدارة معركة التحرير .

خامساً: تعزيز وحدة الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده وتمثيل الداخل والشتات في كافة أطر المؤسسة الفلسطينية الوطنية ليشارك الجميع في معركة التحرير .

سادساً : دعم المقاومة الفلسطينية الشاملة , وتطوير وسائلها وأدواتها , والحرص على إمتداد فعلها وتأثيرها على كافة الجبهات والميادين بما يخدم قضيتنا الوطنية ويعجل بالخلاص من الإحتلال الغاشم , فما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة .

سابعاً : تشكيل قيادة فلسطينية وطنية تمثل فيها كل الأطياف السياسية والقطاعات الإجتماعية و تقود معركة التحرير الفلسطينية , وتحشد لها كل الطاقات والموارد التي تحتاجها مسيرة التحرر الوطني .

ثامناً : تشكيل تحالفات إقليمية ودولية جديدة تقوم على دعم الحق الفلسطيني , فالعالم لم يعد ذو قطب واحد , والقوة العربية والإسلامية في الشرق لها ثقلها ويحسب لها حساب , لو تم تشكلها بالشكل المتفاعل والقائم على الندية لا التبعية , فبذلك نحصن أمتنا ونحرر قدسنا ونصون ثرواتنا وحقوقنا العربية والإسلامية في وجه المطامع الخارجية .

بقلم/ جبريل عوده