ان اعلان ترامب و الإدارة الأمريكية اعلان القدس عاصمة لكيان العدو الصهيوني، ونقل السفارة الأمريكية إليها، هي مبادرة تهدف لتثبيت الاحتلال وسياسات التهويد العنصرية في مدينة القدس المحتلة، وعدوان سافر عن تجاه فلسطين وشعبها، وهو اخطر من وعد بلفور المشؤوم.
إن الاعتراف بالكيان الصهيوني هو عدوان على شعب فلسطين بالمعنى الجمعي والفردي، وهو دعم لجريمة التهجير الجماعي للفلسطينيين التي نتجت عن إنشاء هذا الكيان العنصري وجرائمه بحق الفلسطينيين، وكذلك إن وجود السفارة الأمريكية أو غيرها في أي بقعة على أرض فلسطين المسلوبة هو جريمة أخرى، وهو تصعيد جديد للعدوان بحق شعب فلسطين، وتعبير فاضح عن رغبة أمريكية في دعم أقسى الطروحات الصهيونية عنصرية وتحدي وقح للقرارات الدولية التي تعتبر القدس مدينة محتلة لا يجوز التعامل مع احتلالها أو شرعنته بأي حال من الأحوال، رغم اجحاف هذه القرارات الدولية بحق الفلسطينيين إلا أن الإدارة الأمريكية لا تلتزم بها.
أمريكا اعلنت الحرب على شعب فلسطين، وهنا نقول بالفم الملأن لا يوجز بعد الان الراهن على الإدارة الأمريكية، وتبني اي أوهام حول عملية تسوية ترعاها امبراطورية الاستعمار والهيمنة والقتل الأمريكية، في نوع من التحدي لوعي الشعب الفلسطيني وهويته ومن خلفه كل الشعوب العربية التي لم تغفل عن جرائم هذه القوة الامبريالية في العراق وسوريا واليمن وغيرها.
من موقعنا نرى ان على اليسار العربي ان يستنهض طاقاته في هذه الظروف لمواجهة العدوان الأمريكي والقوى الإمبريالية والصهيونية، باعتبارها المكون الأساسي لمعادلات الاحتلال والهيمنة وقهر الشعوب في كل مكان من هذا العالم، والاصرار الواضح على ضرورة الاشتباك مع هذه القوى المجرمة التي ترهب شعوب العالم وتنثر الموت في كل مكان.
اليوم هناك تحدي لكل مكونات هويتنا، لا كفلسطينيين فحسب ولكن كبشر نؤمن بحرية الشعوب، وبحقها في تقرير مصيرها، وكعرب نؤمن بحقنا في التحرر من المستعمر والخلاص من جرائمه، وكأبناء لهذه المنطقة وجزء من هويتها وإرثها العربي الاسلامي والمسيحي الذي يقدس هذه المدينة، وتقع في جوهر بنية هويته، الولايات المتحدة وربيبتها الصهيونية قررت تصعيد حربها المعلنة وبأوقح طريقة ممكنة، وهذا ليس اختبار للنوايا كما يتبارى المحللون في الشرح ولكن هذا اختبار لجدارتنا بالوجود والاستمرار في هذا العالم.
فلسطين وشعوب المنطقة وكل حر في هذا العالم ملزم بالاستجابة لنداء المعركة، معركة الوجود، وويل لمن يتأخر أو يتقاعس فهو يراهن على قبول العبودية بانتظار الإبادة لكل أثر لوجود حر في هذا العالم مادياً ومعنوياً جماعياً وفردياً، أنها ليست معركة القدس فحسب بل معركة الانسانية والحرية لنخوضها مرفوعي الرأس وليدفع العدو ثمن غطرسته.
لهذا لقد حذرنا من صفقة القرن التي تحاول ادارة ترامب تمريرها التي لم تتبين بعد ملامحها، ونعرف ايضاً أن هناك من يغازل أو يخطط على هذا النحو، ولكن نثق بوحدة شعبنا وقواه وفصائله وبمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والكيان السياسي والمعنوي لشعبنا ، فشعبنا الفلسطيني، وبتاريخه ونضاله سجل صفحات مضيئة ، والأهم من ذلك ان شعبنا مؤمن بأن الوحدة وتجاوز الانقسام وتمتين الهوية الفلسطينية، هي الشرط الناجز لوقوف شعبنا على قدميه، وتحقيق هدفه النضالي سلماً أو حرباً، لذا فنحن معنيون اليوم بعقد دورة المجلس المركزي الفلسطينية والدعوة لعقد المجلس الوطني الفلسطيني لملاحقة التطورات والتخلص من الاتفاقات التي لم تعطي اي نتيجة لشعبنا والخروج باستراتيجية وطنية تستند لكافة اشكال النضال الوطني وتحفظ المشروع الوطني الفلسطيني
ختاما : نتوجه في رسالة إلى كل القوى القومية واليسارية العربية في الوطن العربي هذا التيار الواسع والتاريخي في وطننا العربي لمواجهة الإمبريالية والصهيونية والقوى الرجعية ولإعادة الاعتبار للإرث النضالي لمسيرة تاريخية ورموزها من جمال عبد الناصر وناصر بن سعيد وأحمد بن بلا وصالح حشاد وهواري بومدين وصولاً إلى باسل الكبيسي وإلى شكري بلعيد وقائمة طويلة من الرموز الوطنية العربية الأصيلة وقادة مسيرة الثورة الفلسطينية وفي مقدمتها الرئيس الرمز ياسر عرفات والحكيم وابو العباس وجورج حبش وسمير غوشة وعمر القاسم وعبد الرحيم احمد والشيخ احمد ياسين وفتحي الشقاقي، كما علينا حشد التأييد الأممي وخصوصاً من قوى اليسار وحركات التحرر الصديقة، حتى تكون هذه المحطة التاريخية وقفة مع الذات ومع شعبنا في كل مكان داخل وخارج الوطن لمواجهة القوى الامبريالية والصهيونية ولاسقاط وعد ترامب ووعد بلفور وكل الاتفاقات المجحفة ولتحقيق اهداف شعبنا في العودة والحرية والاستقلال .
بقلم/ عباس الجمعة